مقاول محترف لا يبدو أنه من الحجم الكبير، لكنه يبدو قريباً من نبض القطاع، وإن كان بعيداً عن لجانه وإعلامه ومعاركه الكلامية، هذه المقالة لفتت نظري إلى نقطة مثيرة للاهتمام في خضم نقاشات السعودة والتستر، وصعوبة إيجاد بدائل سعودية في قطاع المقاولات الميداني. يقول إن الجميع يطالب بالتخطيط لسعودة المهن في مجال البناء، ويعتبر هذا حسناً جداً، لكنه أوضح أن هناك خطوة أهم وأسهل، وهي إعادة السعوديين أنفسهم إلى العمل في قطاع المقاولات كمقاولين، وهو يقصد المقاول الصغير الذي ينفذ المنازل السكنية، والعقارات التجارية الصغيرة أو المشاريع متناهية الصغر معمارياً. طلبت إيضاحاً أكثر، فسألني: ماذا تفعل أو يفعل كل من ينوي بناء منزل؟ وأجاب: تسألون الأقارب والأصدقاء عن مقاول يعرفونه، فيرشحون لك أحدهم، أجنبي غالباً، يأتيك ويتفق معك بعقد مختوم من مؤسسة سعودية، هذه المؤسسة يتستر صاحبها عليه، ويأخذ منه مقابلاً عن كل عقد، ثم يذهب ويجمع عمالته من أماكن يعرفها، ومن الشوارع، معظمهم مخالفون، أو متسللون، ويبدأ العمل، رأسماله هو دفتر العقود والختم، وسيارة صالون بالكاد تتحرك هي المكتب وحافلة العمالة وساحبة المعدات. يسألني كيف يستطيع مقاول سعودي صغير أن ينافس ذلك وهو يستأجر مقراً، ويشتري سيارة، ويدفع أجور عمالة منتظمة، ورسوم الحكومة وكل ما يستلزمه العمل، ويريد أن يربح، يستحيل أن يربح، فخرج مئات المقاولين الصغار من السوق وتركوها مجبرين للفوضى، التي نراها بأعيننا في كل حي وشارع. ما هو الحل العملي؟ الحل كما يقترح وأراه معقولاً إلى حد ما هو أن تكون هناك شركة معتمدة من الحكومة، تقوم بالتفتيش، وتتأكد أن العمالة التي تعمل مع المقاول في الموقع على كفالة المؤسسة التي تم التوقيع معها، مع الأخذ في الاعتبار أن البلدية لا تعطي فسح بناء حتى إحضار عقد مع مقاول مرخص ومسجل. وفي حال تسجيل المخالفة تدفع المؤسسة المخالفة غرامة يذهب جزء منها للشركة المفتشة، والبقية إما لصندوق له علاقة بالسعودة، أو لبرنامج عملي حقيقي مخطط له لإعداد مهنيين سعوديين في أعمال البناء. هذا لن يقضي على الفساد والتستر بالكلية، وربما رفع الأسعار قليلاً في البداية، لكنه مع الوقت سيفضي إلى عودة آلاف السعوديين إلى مهنة مقاول بناء المنازل، واقترابهم من المهنة بعد ابتعاد قسري ممنهج، ومع الوقت ستعود الأسعار إلى سابق عهدها. معظم مشكلاتنا الميدانية ثبت أن سببها ضعف الرقابة، أو انعدامها، أو حتى فسادها إذا أردنا الحديث بواقعية وصدق، وستبدأ معظم الحلول من هذه النقطة. [email protected] @mohamdalyami