تنفست مدينة طرابلس، شمال لبنان، الصعداء منذ صباح أمس بانحسار التوتر الأمني الذي سادها على مدى 9 أيام، بعد انتشار كثيف للجيش اللبناني في أحياء باب التبانة وجبل محسن، منهياً اشتباكات أودت بحياة عدد من المواطنين، وأدت الى وقوع عشرات الجرحى. وجاء انتشار الجيش الكثيف في المدينة، بدءاً من ليل أول من أمس بناء على قرارات مجلس الدفاع الأعلى الذي عُقد يوم الأحد برئاسة رئيس الجمهورية ميشال سليمان، على أن يؤدي هذا الانتشار الى إلغاء خطوط التماس بين منطقتي الاشتباكات. وقال سليمان أثناء ترؤسه جلسة مجلس الوزراء أمس، إن «الجيش ينفذ خطة تعيد الاستقرار الى طرابلس التي طال نزفها والتي لا شأن لها بما يحدث في سورية ولا يجوز أن تكون صدى لما يحدث في سورية». وطرأ تطور على الملف القضائي للوزير السابق ميشال سماحة واتهامه بالضلوع في مخطط نقل متفجرات في سيارته لتفجيرها في مناطق شمالية بالاشتراك مع رئيس مكتب الأمن الوطني السوري اللواء علي مملوك ومدير مكتبه العقيد عدنان المجهول باقي الهوية، فطلب مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية صقر صقر من قاضي التحقيق العسكري رياض أبو غيدا الذي كان أقفل ملف التحقيق تمهيداً لإصدار القرار الظني، التوسع في التحقيق واستدعاء مملوك والعقيد عدنان لاستجوابهما وكذلك الاستماع الى مستشارة الرئيس السوري الدكتورة بثينة شعبان بصفة شاهد، باعتبار أن بعض التسجيلات التي وجدت في حوزة سماحة تشمل حديثاً بينه وبينها حول مخطط التفجيرات. وفيما كان أبو غيدا أقفل الملف من دون الاستماع الى هؤلاء الثلاثة، فإن صقر أعاد إليه الملف طالباً الاستماع إليهم. وعلمت «الحياة» أن هذا الأمر يحتاج الى إجراءات قضائية بين البلدين وأن القاضي صقر راجع الاتفاقات المعقودة بينهما بما فيها تبادل المتهمين والمطلوبين فتبين له أن لا حاجة لانتظار استدعاء مملوك بحجة عدم معرفة اسم والدته وفق الأصول، وعدم معرفة كامل هوية العقيد عدنان، لأن الاتفاقات تجيز لأبو غيدا مراسلة نظيره السوري (قاضي التحقيق العسكري السوري) بإرسال استنابة قضائية يبعث بها إليه، يطلب فيها الاستماع الى الثلاثة من دون انتظار معرفة اسم الأم، باعتبار مملوك معروف الاسم الثلاثي ومقر عمله ومنصبه وأن العقيد عدنان معروف باعتباره مدير مكتبه وأن الدكتورة شعبان مستشارة الرئيس السوري. وذكرت مصادر مطلعة أن المطلوب استدعاؤهم هم شخصيات معروفة لا يحتاج الأمر إلى تحديد اسم الأم في إجراءات تبليغهم. وذكرت المصادر نفسها ل «الحياة» أن طلب صقر يقتضي من أبو غيدا إرسال استنابات استدعائهم وأن ينتظر مهلة أدناها أسبوعان وأقصاها 4 أسابيع فإذا انقضت من دون حضور المستدعين يصدر مذكرة توقيف في حق من يرى موجباً لإصدارها في حقه منهم ويصدر على أساسها قراره الظني. على صعيد آخر، أدى عدم إقرار مجلس الوزراء في جلسته التدابير المالية لتأمين كلفة سلسلة الرتب والرواتب لأساتذة التعليم الرسمي والخاص والموظفين، الى تأخير إحالتها مرة أخرى على المجلس النيابي، بعد حصول خلاف حول هذه التدابير. وتسبب ذلك بدعوة روابط أساتذة التعليم الى الإضراب والتظاهر غداً، وتهديدها بتوجيه التظاهرات الى مناطق الهيئات الاقتصادية. واعتبرت الهيئات الاقتصادية في مؤتمر صحافي عقده رموزها جميعهم أمس أنه إذا كان هدف إقرار سلسلة الرتب والرواتب بما تتضمنه من زيادات على الرواتب «إفلاس المؤسسات فإن السلسلة ستلتف على عنق الاقتصاد وتقضي عليه». وكان الرئيس سليمان شرح خلال جلسة مجلس الوزراء ما اطلع عليه خلال زيارته الى اليونان قبل أيام حول أسباب أزمتها الاقتصادية مطالباً بأن «يشكل لنا ذلك عبرة لتفادي المسببات كي لا يقع لبنان في التجربة القاسية». كما دعا الى «إبقاء التوازن قائماً بين حاجات الناس وحقوقهم وأساسيات الاقتصاد والسياسة المالية للدولة». وتردد أن الهيئات الاقتصادية تدعو الى تفادي تأثير إقرار السلسلة في الاقتصاد مزيداً من التدهور، وبالتالي الى تأجيل إقرارها الى ما بعد تشكيل حكومة جديدة طالما أنه يجرى البحث فيها، لعل ذلك يعدّل من أجواء الثقة بالاقتصاد ويؤدي الى عودة الخليجيين لزيارة لبنان ويتغيّر المعطى الاقتصادي المالي في شكل يفرز الأمل بإيجاد موارد للخزينة وللاقتصاد لتمويل كلفة السلسلة. وعلى صعيد اللبنانيين الذين قتلوا في منطقة تلكلخ السورية واستعادة جثامينهم على دفعات واستعادة من نجا منهم هناك، أكدت مصادر نيابية في الشمال أن اثنين من الناجين من المكمن الذي نصبه لهم الجيش السوري عادوا قبل 4 أيام الى منازلهم في الشمال وهما عبدالرحمن حسن ويوسف أبو عريضة. ويذكر أن بعض أعضاء المجموعة الذين كانوا توجهوا الى سورية للقتال الى جانب الثوار هم من بقايا «فتح الإسلام»، وبعض هؤلاء قتل، فيما الباقون من الشباب المتحمسين لدعم الثورة السورية.