توقفت الاشتباكات بين جبل محسن وباب التبانة في مدينة طرابلس (شمال لبنان) بشكل تام امس، وعادت الأمور إلى النقطة التي كانت عليها قبل مكمن تلكلخ داخل الأراضي السورية والذي كان سبب اندلاع شرارة الاقتتال في المدينة قبل نحو 8 أيام. وتساوى عدد ضحايا هذا الاقتتال مع عدد ضحايا المكمن (16 قتيلاً) اضافة إلى عشرات الجرحى والأضرار التي لم تثر بعد أي خطوة للتعويض على أصحابها من أبناء الأحياء الأشد فقراً على غرار تعويضات أضرار الجولات السابقة من التقاتل. وكان الجيش باشر انتشاره بكثافة ليل أول من امس، وأكمل انتشاره نهار امس، على مداخل حي المنكوبين والطريق الدولية في البداوي، وعلى مداخل وادي النحلة وجبل البداوي والطرق التي تؤدي إلى مخيم البداوي، وأقام حواجز مؤللة على مداخل ومخارج المنطقة كافة، مدققاً بهويات المارة وأوراق السيارات، وسط ترحيب الأهالي. يذكر أن هذه المناطق هي مواقع خلفية لمحور الاشتباكات الملولة - المنكوبين - الريفا. وأزال عناصر الجيش الدشم والسواتر والمتاريس عند الخط الفاصل في شارع سورية بين منطقتي جبل محسن وباب التبانة. وأقام حواجز ثابتة، وسير دوريات راجلة ومؤللة عند الطريق الرئيسي الذي يربط طرابلس بعكار وعلى طول الخط الممتد بين الملولة وجبل محسن. واختفت المظاهر المسلحة من الشوارع وبدأت الحياة تعود تدريجاً إلى المدينة. وشهدت مداخل طرابلس زحمة سير خصوصاً عند المدخل الشمالي لجهة البداوي. الجيش اللبناني وأعلنت قيادة الجيش - مديرية التوجيه في بيان انه «»إلحاقاً ببياناتها السابقة، وبعد وقوع إصابات بين المدنيين والعسكريين، قامت قيادة الجيش بتعزيز وحداتها في مدينة طرابلس اعتباراً من ليل امس، تنفيذاً لخطة أمنية وضعتها هذا القيادة بناء على قرار المجلس الأعلى للدفاع لقمع المظاهر المسلحة وإطلاق النار، فكثفت هذه الوحدات دورياتها الراجلة والمؤللة والحواجز الثابتة والمتحركة في الأحياء الداخلية لمنطقتي جبل محسن وباب التبانة، وعمليات ملاحقة المسلحين ودهم أماكن انتشارهم، وإزالة الدشم والمتاريس وكل المظاهر المسلحة». وجددت «القيادة طلبها من المواطنين التقيد بتعليمات القوى العسكرية ومن جميع الفرقاء المتصلين بهذه الأحداث بشكل مباشر أو غير مباشر أن يتبصروا دقة الوضع». وشددت «على أن وحداتها المنتشرة ستتصدى بكل حزم للعابثين بالأمن إلى أي جهة انتموا وتلاحقهم حتى توقيفهم وتسليمهم إلى القضاء المختص». وكان الرئيس السابق للحكومة سعد الحريري أتصل مساء أول من أمس، بكل من قائد الجيش العماد جان قهوجي والمدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء أشرف ريفي، وشدد على «ضرورة فرض هيبة الدولة ووضع حد نهائي لمسلسل العنف الذي يريد بعض الجهات لطرابلس أن تنجر إليها وملاحقة جميع المخلّين بأمن المدينة» وفق بيان صادر عن مكتبه الإعلامي. ولفت إلى أن «الجهات المسؤولة في الدولة لا نعتقد أنه يغيب عنها ما يدبر لطرابلس من عمليات تسليح لأطراف مكلفة تنظيم التدهور الأمني من حين لآخر»، ودعا «أهل طرابلس وفاعلياتها، لا سيما أبناء الأحياء المتضررة إلى التحلي بضبط النفس والتزام الصبر». وفيما لم يطرأ أي جديد على صعيد استرجاع جثامين مكمن تلكلخ، باستثناء الجثامين الثلاثة التي أعيدت أول من امس، فإن «لجنة أهالي الشهداء والمفقودين في طرابلس» قررت «نظراً إلى الظروف الأمنية الصعبة ونظراً إلى تسلمنا 3 جثامين لأبنائنا الشهداء وإفساحاً للمساعي في استلام جثامين أبنائنا دفعة واحدة والكشف عن مصير المفقودين الأحياء، إرجاء التصعيد الذي كان مقرراً غداً الأربعاء». وواصل المجتمع المدني تحركه الرافض لأعمال العنف في طرابلس، ونفذ «المجلس المدني» للمدينة اعتصاماً أمام سراي طرابلس وسط تدابير أمنية مشددة. وطالب المتكلمون الدولة والجيش وسائر القوى الأمنية ب«إيجاد حلول نهائية ودائمة، وإزالة الجزر الأمنية بعدما باءت كل المعالجات السابقة بالفشل، ووقوف الى جانب المفتي مالك الشعار واستنكار ما تعرض له من تهديد والمطالبة بعودته».