يساهم تيسير قطاع النقل والمواصلات في دول مجلس التعاون الخليجي وفي ما بينها في تعزيز التجارة الداخلية والاستثمار، اللازمين لتحقيق نمو مستدام على الأمد البعيد. وأظهر تقرير أصدره «معهد المحاسبين القانونيين في إنكلترا وويلز» أمس بعنوان «رؤى اقتصادية: الشرق الأوسط»، أن «دول المنطقة رصدت استثمارات ضخمة تحويلية في قطاع السكك الحديد في محاولة لتعزيز قدراتها على نقل البضائع والركاب»، مشيراً إلى أن «السعودية وقطر والإمارات العربية المتحدة تقود هذه الاستثمارات بخطط قيمتها 45 بليون دولار و37 بليون و22 بليون على التوالي». وأضاف أن «المشروع المخطط لسكة الحديد الخليجية، التي يبلغ طولها 2177 كيلومتراً، والتي ستربط الخطوط الداخلية في دول الخليج الست، يمثل أكثر الجوانب طموحاً في خطط البنية التحتية الخاصة بالسكك الحديد في المنطقة». ولفت إلى أن «توسعة المطارات في كل المدن الخليجية الرئيسة باتت أولوية أيضاً، في ضوء تأهب منطقة الشرق الأوسط لتصبح واحدة من أهم مراكز الطيران في العالم». وأشار التقرير إلى أن «دعم قطاع النقل والمواصلات في المنطقة أمر حيوي يتيح الوصول إلى هدف التنويع الاقتصادي، كما يمكن أن يساهم في تهدئة الاحتقان الناجم عن القلاقل السياسية الحاصلة في عدد من دول المنطقة». وتوقع «توجيه عوائد النفط الإضافية غير المتوقعة نحو مشاريع البنية التحتية الكبيرة في دول الخليج، في وقت أدت المشاكل الأمنية في العراق إلى وضع السوق تحت ضغوط متزايدة رفعت أسعار النفط». وتقود دول مجلس التعاون الخليجي الطفرة الاستثمارية في قطاعي الطيران والسكك الحديد في المنطقة، نظراً إلى تحفيزهما للتبادل التجاري بين تلك الدول، ومساهمتهما في حلّ مشاكل الازدحام المروري نتيجة النمو السكاني الكبير وأسواق السياحة المنتعشة. ورجّح التقرير أن «يلعب قطاعا النقل والإمدادات اللوجستية دوراً حيوياً متزايداً في اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي، بفضل العدد الضخم للمشاريع قيد التنفيذ، مع بدء هذين القطاعين في إدرار قيمة ملحوظة من تلك المشاريع على هيئة سلاسل إمداد كفوءة لنقل البضائع والعاملين عبر الحدود، ودعم أنشطة قطاعي السياحة والسفر». وتوقع أن «تحصد الكويت والسعودية والإمارات وعُمان المكاسب الأكبر، مع توقعات بأن تبلغ مساهمة قطاع الإمدادات اللوجستية في اقتصاداتها 13.6 في المئة في الكويت و12.1 في المئة في السعودية و11.7 في المئة في كل من الإمارات وعُمان بحلول عام 2018». ورجّح مدير الإدارة الإقليمي لمنطقة الشرق الأوسط وأفريقيا وجنوب آسيا لدى «معهد المحاسبين القانونيين» عضو «هيئة مراقبة السلوكيات المالية البريطانية» مايكل آرمسترونغ أن يكون للتنافس على المواد والخبرات أهمية كبيرة عند اكتمال بعض مشاريع البنية التحتية للنقل والإمدادات اللوجستية، التي تستثمر فيها دول الخليج. وقال: «ستتحقق المنافع الاقتصادية الحقيقية لمشاريع البنية التحتية عبر القدرة التنافسية لقطاعات التوزيع، التي يجب أن ترتكز على الممارسات المالية السليمة». ولا يُعدّ الافتقار إلى البنية التحتية العامل الوحيد المؤثر في التجارة البينية الإقليمية لدول الخليج، إذ أعاق الاعتماد الكبير على النفط والغاز الروابط التجارية البينية والإقليمية لدول المجلس مع دول المنطقة. ولطالما بقي شركاء التصدير الرئيسيون لدول الخليج محصورين في دول المنطقة التي لا تتمتع باحتياطات نفطية ذاتية. ولكن سوق البحرين ما زالت استثناءً، إذ بلغت صادرات المملكة من السلع إلى دول الشرق الأوسط 33.4 في المئة من إجمالي صادراتها السلعية عام 2013، في حين سجلت كل من السعودية والكويت وقطر أدنى نسب صادرات سلعية إلى دول المنطقة، بلغت خمسة وخمسة وواحد في المئة على التوالي. وفي حين يأتي التكامل التجاري السلعي البيني لدول الخليج في المراتب الأخيرة مقارنة بمناطق أخرى، فإن من شأن وضع سياسات خاصة بالتجارة الحرة وتشييد بنية تحتية متطورة للنقل، المساعدة في توطيد الأواصر التجارية البينية. وتُعتبر دولة الإمارات حالياً السوق التجارية الأكثر انفتاحاً بين دول الخليج ويبلغ تصنيفها على مؤشر حرية التجارة 82.5 في المئة، في حين يقع تصنيف الدول الخليجية الخمسة الأخرى على المؤشر بين 70 و80 في المئة.