احتاج الطفل عبدالله الحبيب، 45 دقيقة، للحصول على «رخصة قيادة»، لم تصدرها إدارة المرور، بل «حديقة المرور»، المقامة ضمن مهرجان «أرامكو الثقافي» في منتزه الملك عبدالله البيئي في الأحساء. وإذا كانت الرخصة لن تؤهل عبدالله (11 سنة) للقيادة، فإنها أهّلته لتعلم أساسيات السلامة المرورية، وقواعدها، وأنظمة السلامة. ويقول الحبيب: «حصلت على الرخصة بعد تجاوزي اختبارات القواعد الأولية وأنظمة السلامة المرورية». ويدرس الملتحقون بالبرنامج مجموعة الإشارات المرورية، وكيفية معرفة طريق المشاة، وعدم اللعب بالدراجات الهوائية في الشارع، أو اللعب بالكرة خلف السيارات، أو الركوب في المقاعد من دون ربط حزام الأمان، وكذلك التقيد بأنظمة المرور. ولم تغب كاميرا نظام «ساهر» عن «حديقة المرور»، من أجل «التقيد بالنظام المروري». وتستقبل الحديقة أكثر من 350 طفلاً في الليلة الواحدة، يتم توزيعهم على مجموعات فصلية، لتعليمهم أنظمة المرور ومتطلباته، وتهيئتهم للحصول على رخصة قيادة رمزية، تُعطى له في نهاية الدورة. واستقبل الركن أكثر من 3500 طفل، خلال الأسبوع الأول. حصل منهم 3250 طفلاً وطفلة، على رخص قيادة، بعد اجتيازهم متطلبات القيادة الصحيحة. وأكدت شركة «أرامكو السعودية»، أنها تعمل على إيجاد «منظومة خاصة، من أجل عالم آمن للتعليم والثقافة والترفيه، تكتسب فيه شرائح المجتمع كافة الفائدة التي يُستفيد منها في المستقبل. ويكتسب فيها الأطفال روح الوطنية والثقافة الحديثة، من طريق الاستمتاع بمهمات المستقبل. ويقترب من الكبار في رسم لوحة الوطن الشامخ». إلى ذلك، عايش زائرو المهرجان، أجواء وألواناً بحريّة، مستمدة من زمن الآباء والأجداد، منها رحلة القصة الشعبية للبحارة، وحياة الصيد والغوص، والنوخذة والنهام، لاستعادة هذا الموروث، الممزوج بأهازيج «البحر» التي تؤديها فرق الفنون الشعبية على المسرح «العالمي» المكشوف في المتنزه. ويستقطب البرنامج يومياً أكثر من ألف زائر وزائرة، من خلال تقديم عرضين في الفترة المسائية، يمتد كل عرض 90 دقيقة، يشمل الإنشاد، وترديد قصائد تشجع البحارة والغواصين على مواصلة رحلتهم، التي كانت تستمر لفترات طويلة، وتخفف من مشقة السفر في داخل البحر. وكانت هذه الأهازيج تحظى بأهمية بالغة في نفوس الصيادين والنواخذة، في المدن الساحلية الخليجية، ومنها المنطقة الشرقية. وتحولت تجهيزات المسرح إلى ما يشبه الاحتفالية، داخل سفينة كبيرة في وسط البحر، من خلال الاستعانة بالمؤثرات الضوئية والصوتية، ومزيج متنوع من أهازيج البحر، وأداء الرقصات على إيقاع الطبول، ومشهد مسرحي لرمي الشباك، ثم سحبها من قاع البحر. وقال مدير المهرجان رائد العلوني: «إن اللجان المشرفة على البرنامج حرصت على استعادة الموروثات الشعبية الخليجية، التي تؤكد عمق التلاحم بين الخليجيين، منذ زمن ما قبل النفط»، موضحاً أنها «أوكلت العمل فيه إلى فرق فنية ومسرحية أحسائية لتشغيل مكونات المسرح، إضافة إلى تقديم عروض يومية لعدد من الألوان الشعبية». وذكر أن «أرامكو» حرصت على «استقطاب «نهامين»، من ذوي الخبرة والمهارة والصوت العذب، وفرق استعراضية متخصصة». وتُعرض في المهرجان 62 لوحة فوتوغرافية مختلفة الأحجام، تحكي مراحل توسعة الحرم المكي الشريف، شاركت في الجناح الذي يحوي صوراً «نادرة»، من بينها صور تعود إلى العام 1366ه، إضافة إلى صور فوتوغرافية، ومخطط توضيحي وتفصيلي لبئر زمزم. وذكر العلوني، أن «50 في المئة من تشغيل المهرجان مُعتمد على المتطوعين، البالغ عددهم 750 متطوعاً من الشبان والفتيات، يتوزعون على فعاليات المهرجان، بين الإرشاد والأمن، وهم من التخصصات الثقافية والترفيهية والتربوية والصحية». ولفت إلى أنه تم «توفير أكثر من 35 كرسياً خاصاً بكبار السن، ونقلهم إلى أركان المهرجان». وأشار إلى أن عدد الزوار في «ازدياد متواصل، إذ فاق عددهم 55 ألفاً. ويقدم المهرجان أركاناً عدة، منها ركن الديناصورات، والمعرفة، ورؤية أحدث التقنيات التي تقوم بها الشركة، لتكون صديقة للبيئة، واستغلال النفط من دون ضياع شيء منه، إضافة إلى أكاديمية الطفل، والورش المُجهزة للأطفال، لتعليمهم مهناً مختلفة، ودمجهم في المجتمع، وكذلك ركن الفن، الذي يعرض لوحات من الفن التشكيلي، وتعليم الأطفال فن الرسم والخط العربي والنحت، مع وجود لوحة يسجل عليها الأطفال أحاسيسهم ومشاعرهم.