لا أفهم في السياسة، ولا أحبها بشكل عام، ولكن ما يحدث في مصر والمشاهد المؤلمة والنقاشات الساخنة أجبرتني على متابعة الأحداث بشكل مكثف، هذا إذا أضفت إليها عاملاً عاطفياً مهماً يتمثل في قضائي نصف طفولتي على أراضيها، وشربت مياه النيل مبكراً، وكانت مسقط رأسي ومكان ولادتي، بحكم أن والدتي الحبيبة مصرية. كل ما سبق جعلني أتابع، وأتنقل من محطة إلى أخرى، الشيء الوحيد الذي خرجت به هو مشهد مؤلم خرجت به الشاشات علينا، وهو عبارة عن قيام مجموعة كبيرة بضرب وسحل وخنق وتمزيق ملابس رجل أعزل. مشهد استوقفني كثيراً، وأبكاني أكثر، وتذكرت أنني سبق أن رأيت مثله على الشاشات إبان انتفاضتي الفلسطينيين الأولى والثانية. المشاهد التي استدعيتها على رغم أنني لم أنسها، وظلت محفورة في ذاكرتي، لأنها أصابتني باكتئاب حاد ظل يرافقني سنوات طويلة، وتخلصت منه قبل سنوات ولله الحمد والمنة هي صور اعتداء صهاينة على عرب عزل وأطفال ونساء بوحشية، والثانية صور اعتداء وحشي من مصري على مصري، مؤلم جداً ما استطاعت الشاشات التقاطه، وأعلم أن أضعافه حدثت في الواقع، ولم نتمكّن من مشاهدته، ما يحدث مؤلم ومخيف ومرعب، جعلني أردد الآية الكريمة: (بل سولت له نفسه قتل أخيه) في الشهر الحرام، ولا حول ولا قوة إلا بالله. معرض فني في جامعة بلجرشي تحوّل في لحظات إلى وصمة عار في جبين التعليم الجامعي، بسبب قيام عميد الكلية بعد أن فقد أعصابه بتمزيق لوحات فنانة لأن رسوماتها تحتوي على إيحاءات ثم خبر الاعتذار منها والتوجيه بتبني لوحاتها «الكويسة»، ووعود بعرضها في معارض مستقبلية. قد تكون صاحبة اللوحات هند بحسب الخبر قبلت اعتذاره، بعد أن اتصل بها هاتفياً كما صرح وكما نشر الخبر، وبعد أن أهداها مرسماً بقيمة 1500 ريال، سؤالي كيف سيعتذر عن موقفه غير الحضاري أمام طلبه وأمامنا نحن؟ سؤالي الثاني نريد تفسيراً لجملة غضبت من غيرتي عليها، لأنها جملة مبهمة وغير مفهومة؟ وأختم، ألم يكن من الأجدى أن يرى اللوحات قبل عرضها حتى يحدد الصالح منها للعرض، وحتى لا يصدر منه كعميد مثقف سلوك غير لائق ثقافياً واجتماعياً وحضارياً، وحتى لا نكون وتكون سلوكيات بعض أفراد مجتمعنا سيرة غير جميلة وغير لائقة تصوّرنا غاضبين ومتهجمين ومندفعين، وهي صورة تتداولها المجتمعات الأخرى أمامنا وعلامات التعجب ترتسم على تفاصيل وجوههم، وما زلنا نعجز عن التبرير والتفسير؟ Suzan_ [email protected] @s_almashhady