في ثكنة انتزعها مقاتلو المعارضة من قوات بشار الأسد في مدينة الباب في شمال سورية، يستقبل أبو إسلام الذي يقود شرطة جديدة تم تشكيلها، المواطنين الذين يتهمون المقاتلين بممارسة «الترهيب والسلب والتخريب». وفي هذه المدينة التي يسيطر عليها المقاتلون والواقعة على بعد 30 كيلومتراً إلى شمال شرقي مدينة حلب التي تشهد معارك يومية منذ أكثر من أربعة أشهر، بات بإمكان السكان اللجوء إلى 80 متطوعاً يشكلون «هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر». مهمة هؤلاء وضع حد للتجاوزات التي يرتكبها المقاتلون لا سيما السرقات أو الأضرار التي يرى السكان أنها تحل بالممتلكات منذ سيطرة المعارضين على المدينة في تموز (يوليو) الماضي. ويقول أبو إسلام، قائد هذه الشرطة الجديدة من نوعها وتعد من الأوائل في سورية، إن تأسيسها في منتصف تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي جرى «بعد الحديث مع كل الكتائب المقاتلة في الباب». على رغم ذلك، ما زال عناصر هذه الشرطة يرتدون الأقنعة خوفاً من أعمال انتقامية. ولا يحصل أفراد الشرطة «الثوريون» على أي أجر حتى تاريخه، لكن هذا لم يمنع ثائر الحر، وهو بائع سابق للهواتف الخليوية، من الانضمام إلى صفوفهم. ويرغب ثائر في وضع حد للانتهاكات لئلا يشوه أي تجاوز مسار «الثورة المستمرة» ضد نظام الرئيس بشار الأسد منذ 20 شهراً. ويقول لفرانس برس، مغطياً وجهه بلثام وحاملاً رشاش كلاشنيكوف في يديه، «نحن في حاجة إلى نظام يعمل أفضل من السابق لمنع التصرفات السيئة للجيش السوري الحر أو السكان المدنيين». وجند كل عناصر هذه الشرطة من خارج الجيش السوري الحر. ويوضح أبو إسلام «قررنا مع كل الكتائب المقاتلة في الباب تجنيد متطوعين لا يقدمون أنفسهم كعسكريين، بل كأفراد في المجتمع المدني»، وذلك «لئلا يتهم أحد منهم بالارتباط بكتيبة معينة»، وفق ما يقول من خلف مكتبه الواقع في مبنى يحرسه مسلحون منتشرون دائماً في محيطه وعلى سطحه. وعلى رغم أن كل كتائب المقاتلين المعارضين وافقت على هذا الترتيب الجديد، إلا أن الهيئة لا تحظى بالإجماع لدى كل المقاتلين المعارضين. وفي محيط هذه الثكنة، يبقى المتطوعون متيقظين ودائمي الحذر. ولا تعد الهجمات التي يقوم بها أصدقاء لأشخاص أوفقوا، أمراً نادراً، وهذا ما يدفع كل عناصر الشرطة إلى إخفاء هوياتهم. ويضع هؤلاء اللثام على وجوههم في كل المهمات التي ينفذونها خارج الثكنة، ولا يخلعونها حتى داخلها حيث يقبع مقاتلون معارضون في سجون تحت الأرض. وتعمل الهيئة بالتنسيق مع المحكمة الإسلامية في الباب، والتي أسست بعد فترة قصيرة من سيطرة المقاتلين المعارضين على المدينة. وفي حال قدم التحقيق وجود أدلة دامغة كافية، لدى المتهم 48 ساعة لتقديم نفسه أمام العدالة، وإلا ينطلق المتطوعون في رحلة للبحث عنه. ويخضع المتهم في وقت لاحق للاستجواب ويوضع في السجن في انتظار مثوله أمام المحكمة وخضوعه للمحاكمة.