شهد مؤتمر الأممالمتحدة للتغير المناخي في الدوحة أمس لقاءات واجتماعات مكثفة للمجموعات والتكتلات الإقليمية والدولية التي تنقسم إلى «دول متقدمة» تساوم في شأن تقديم تعهدات مالية وتكنولوجية وخفض الانبعاثات، ودول نامية وأقل نمواً تعتبر ذاتها الأكثر تضرراً من التغيّر المناخي وتطالب الدول الكبرى بالتزامات محددة. وفي غضون كل هذه التفاعلات الساخنة، علمت «الحياة» أن تركيز قطر التي ترأس المؤتمر ينصب مع دول كثيرة على هدف محدد يكمن في السعي إلى توافق حول إعلان ينص على فترة ثانية لبروتوكول كيوتو. وتتوقع المصادر أن تنجح قطر في تحقيق هذا الهدف بالتعاون مع مجموعة ال 77 والصين والمجموعة الأفريقية وتحت ضغوط كثيفة تمارسها منظمات مجتمع مدني على دول متقدمة. مستشار الرئيس المصري وقال مستشار الرئيس المصري لشؤون البيئة خالد علم الدين في حديث إلى «الحياة» أن «موضوع التزامات الدول الكبرى في شأن التمويل وتقديم التكنولوجيا وخفض الانبعاثات ما زال يراوح مكانه»، ورأى أن بعض الدول لا يقدم الالتزامات المطلوبة منه إلا في اللحظات الأخيرة، ولذلك يحصل التوافق في اللحظات الأخيرة، لكن الوضع الحالي يراوح مكانه، وهناك مجموعتان «تتباين رؤاها»: هما مجموعة الدول المتقدمة ومجموعة الدول النامية والأكثر نمواً. وقال إن القائمة الأولى تضم دول الاتحاد الأوروبي واستراليا وكندا واليابان وكوريا الجنوبية، «أما الولاياتالمتحدة فهي الأكثر تشدداً لأنها لم توقع بروتوكول كيوتو ولا تتقدم بالتزامات معينة، والأمر بالنسبة إليها اختياري في حدود التزامات التنمية الموجودة عند بلد». وقال إن «الدول المتقدمة تحاول عمل نوع من الالتزام المالي الجماعي الطوعي لكل دولة بمقدار ما تستطيع وهي تتنصل من الالتزام بنسب محددة وبمعايير ومقاييس ورقابة، وتريد التزامات من الدول الأخرى في مقابل التزامها، وتقول إنها لا تزال تأخذ حقها في عملية النمو وتحتاج لفترة لذلك ولا تستطيع عمل التزامات تعيق التنمية». وفيما أشار إلى أن دولاً أكثر نمواً مثل الهند والصين كانتا قدمتا بعض الالتزامات الطوعية في مؤتمرات سابقة، قال: «نأمل في أن ينتهي المؤتمر إلى فترة التزام ثانية ببروتوكول كيوتو لمدة تراوح بين 5 و7 سنوات لحين الانتهاء من بنود اتفاق المناخ الذي سيمتد من 2015 إلى 2020، وآمل في الاتفاق في المؤتمر في اللحظات الأخيرة وإلا ستحدث نقطة فراغ كبيرة». وزاد: «عندنا مشكلة كبيرة جداً وهي الفجوة بين الالتزامات الموجودة فعلاً وتلك التي يحاول البعض التنصل منها، وما بين المأمول والمطلوب حتى لا تزيد درجة حرارة الأرض عن درجتين مئويتين. هذه الفجوة نريد سدها». وسألت «الحياة» علم الدين عن دور مجموعات أخرى في المؤتمر، فقال إن «مجموعة ال 77 والصين تحاول توحيد مواقفها وكذلك الدول العربية والأفريقية»، لافتاً إلى أن «الدول المتقدمة برمجت مواقفها وتخطط في شكل جيد وتنسق في ما بينها، وتحاول جذب دول نامية عن طريق المساعدات وغيرها». وعن رؤية مصر، قال: «نرى أن المسؤولية مشتركة، لكن مع تفاوت الأعباء والمسؤوليات والقدرات، وهذا يعني أن لا يُطلب من الدول النامية مثل ما يطلب من الدول المتقدمة، والوضع الأهم بالنسبة إلينا هو التكيف مع المتغيرات المناخية، لأننا إن كنا أقل المتسببين بالتغير المناخي فإننا أكثر المتضررين». ودعا إلى التزامات حقيقية من الدول المتقدمة تجاه الدول النامية في شأن برامج التكيف وتمويلها ونقل التكنولوجيا، بدعم التنمية وخفض الانبعاثات. أما عن موعد اختتام المؤتمر فقال: « الموعد المقرر غداً (اليوم) لكن من المحتمل تمديده يوماً أو يومين إلى حين حدوث اتفاق بين الأطراف المتفاوضة». التحالف الأفريقي وفي خطوة داعمة للدول النامية وقطر أعلن التحالف الأفريقي دعمه قرار فترة الالتزام الثانية من بروتوكول كيوتو الخاص بخفض انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري، واعتبر أن البروتوكول «ملزم قانونياً للدول الأطراف وينبغي تجديد التزام واضح بما نص عليه وإبقائه حياً، باعتباره جزءاً من حزمة مهمة للتعامل الدولي مع تغير المناخ ويتعامل مع الأسباب الحقيقية للانبعاثات». وظهر في المؤتمر المناخي أيضاً شبح الأزمة التي ستواجهها الدول العربية في ملف أمنها الغذائي، وجاءت هذه التأكيدات في جلسة تحت عنوان « تحديات المياه والأمن الغذائي خاطبها رئيس برنامج قطر للأمن الغذائي فهد بن محمد العطية ومديرة برنامج الأممالمتحدة الغذائي هيلين كلارك. وقال العطية إن مستقبل العالم العربي في مجال أمن المياه والغذاء «لن يكون كما نتوقعه وقد تنتظرنا مفاجآت غير سارة». وأكد أن الأمن الغذائي يهدد الدول العربية، لافتا إلى خطوات قطرية يجرى تنفيذها في إطار برنامج الأمن الغذائي. وكشفت كلارك أن برنامج الأممالمتحدة الإنمائي يتوقع أن يؤدي التغير المناخي إلى جعل 20 في المئة من السكان عرضة للجوع، وقالت إن 15 دولة عربية هي في وضع أقل من خط الفقر، ونصف سكان الريف العربي يفتقرون إلى المياه، وزاد نقص تغذية الأطفال 36 في المئة. وهنأت قطر على «تأسيس تحالف عالمي للأراضي الجافة لمساعدة الدول الجافة لإيجاد حلول لمشكلات الغذاء والمياه»، وأعلنت «أن برنامج الأمم سيصدر العام المقبل تقريراً عن الأمن الغذائي في العالم العربي»، ودعت الدول العربية إلى تكريس «حوكمة للمياه» والى «برامج منصفة لسكان المنطقة».