تجتمع في العاصمة الدنمركية كوبنهاجن خلال الأسبوعين الثاني والثالث من ديسمبر المقبل وفود دول العالم، في مؤتمرها الخامس عشر كدول أطراف في اتفاقية الأممالمتحدة حول تغير المناخ، ومؤتمرها التاسع كدول أطراف في برتوكول كيوتو، للاتفاق على التزامات الدول الصناعية في المرحلة التالية. وستحرص الدول النامية خلال المؤتمرين على عدم خروج أي اتفاقية عن إطارها الشمولي المتوازن، بحيث لا يحدث أي ضرر بمصالح الدول النامية وخاصة التي تعتمد على البترول في تنمية اقتصادها. إن تشكل المسؤولية التاريخية التي تتحملها الدول المتقدمة عن التغير المناخى، ومبدأ 7 من «إعلان ريو» حول البيئة والتنمية بشأن المسؤولية المشتركة لكن المتباينة بين الدول المتقدمة والنامية تعد الأساس في التفاوض لمرحلة ما بعد 2012، وأن تقوم الدول الصناعية بدور أكبر في تطبيق الالتزامات التي تحقق أهداف الاتفاقية ومراعاة آثارها على الدول النامية، وإجراء إصلاحات اقتصادية تستهدف تعديل هيكل الأسعار على أنواع الطاقة وإلغاء الدعم عن كل أشكال الوقود الأحفوري من دون تمييز، خاصة الفحم الذي يتمتع بإعانات كبيرة، بينما تفرض الضرائب على النفط، لتحقيق أهداف إيرادية بحجة حماية البيئة، وألا تتعجل الدول في اتخاذ خطوات تنفيذية من شأنها حرمان الدول النامية من الفترة اللازمة للاستعداد وبناء قدراتها لمواجهة التغير المناخي والتأقلم مع آثاره. كما تطالب بضرورة تعويضها عن الأضرار الاقتصادية المتوقعة عند تطبيق أي اتفاق. وتجدر الإشارة إلى أن الاتفاقية الإطارية لتغير المناخ قد أخذت بعين الاعتبار تلك القضية في مادتها الرابعة، كما أخذت أيضا فى الاعتبار في المادة الثالثة من بروتوكول كيوتو. تطالب الدول النامية أن تشمل مخرجات كوبنهاجن على تعديل مرفق (ب) لبروتوكول كيوتو بشأن الالتزامات الاضافية لأطراف المرفق الأول (الدول الصناعية) للمرحلة الثانية وما بعدها من بروتوكول كيوتو، ليشمل كل الدول المتقدمة (وفقا للمادة 3.9 من بروتوكول كيوتو). وتصر الدول النامية على أن يصدر عن كوبنهاجن اتفاق عادل وشامل ومؤثر في انبعاثاتها من الغازات الدفيئة، ومتوازن بما يفيد المناخ والدول النامية المتضررة من التأثيرات السلبية للتغير المناخي، ويراعى تحقيق التنمية المستدامة والقضاء على الفقر، وتوفير الدعم للدول النامية للتكيف مع التأثيرات السلبية لتغير المناخ. (1) التخفيف: لابد من أن تتضمن مخرجات كوبنهاجن التزامات صريحة وملموسة وواضحة من الدول المتقدمة لتخفيض الانبعاثات، وأن يتسم ذلك بالطموح وقابل للقياس وملزم قانونا وذو مدى اقتصادي واسع، وأن يصل على الأقل إلى 40 في المائة من مستويات عام 1990 لفترة الالتزام الثانية لما بعد عام 2012. وقد يستهدف الخفض على المدى المتوسط بلوغ نسب تتراوح بين 25-35 في المائة بحلول عام 2030. ثم الوصول إلى خفض إجمالى لانبعاثات غازات الدفيئة بمقدار النصف (50 في المائة) أو حتى نسبة (80 في المائة) بحلول عام 2050 للدول الصناعية مقارنة بمستويات عام 1990 للحد من ارتفاع درجة حرارة جو الأرض بدرجتين مئويتين (وهو ما أقره زعماء مجموعة الثماني يوم الجمعة 10 يوليو 2009). (2) التكيف: توفير الدول المتقدمة الدعم المالي والتقني، والدعم لبناء القدرات للدول النامية في اطار الاتفاقية والبروتوكول على الدول المتقدمة الوفاء به، فالتغير المناخي عبء إضافى على التنمية المستدامة، كما يشكل تهديدا لتحقيق الأهداف الألفية للتنمية. (3) وسائل التنفيذ (مالية، نقل التكنولوجيا، بناء القدرات): التزام واضح وصريح من الدول المتقدمة بتحقيق زيادة جديدة وإضافية وواضحة ومتوقعة فى التمويل ونقل التكنولوجيا وبناء القدرات وذلك على النحو التالى: - توفير تمويل جديد وإضافي مستدام قابل الوصول إليه ومتوقع لتنفيذ برنامج دولي شامل للتكيف للحد من قابلية التضرر للدول النامية، ويعزز من قدراتها لمواجهة التأثيرات السلبية الحادثة بالفعل بما فيها آثار تدابير الاستجابة والتأثيرات الممكن حدوثها في المستقبل. - إنشاء صناديق تمويل جديدة لمشروعات التكيف والمواءمة، مشروعات خفض الانبعاثات، ومشروعات نقل التقنية وبناء القدرات. - ترشيح مشروعات المحطات النووية لتوليد الكهرباء، ومشروعات اقتناص الكربون وتخزينه للملاءمة الكاملة كمشروعات آلية تنمية نظيفة في فترة الالتزام التالية والفترات التي تليها. - إبداع نظام جديد لتسجيل مشروعات الخفض الملائمة وطنيا NAMAs بالدول النامية وإحراز مساعدات ومكافآت نظيرها. -أن تتسم الترتيبات المؤسسية بالعدالة والشفافية وأن تسهل وصول الدول النامية لوسائل التنفيذ بأسلوب متماسك وممكن. - تحقيق اتفاق بشأن ونقل وتوفير التكنولوجيا بصورة تمكن الدول النامية من الوصول إلى تقنيات مناسبة ومطوعة لاحتياجاتها وبكلفة مقبولة لتعزيز العمل في أنشطة التخفيف والتكيف لمواجهة الاحتياجات العاجلة للدول النامية. -الاتفاق على مؤشرات الأداء Performance Indicators لنقل التكنولوجيا، بحيث أنه على كل دولة ترغب في نقل التكنولوجيا إليها ضرورة الالتزام بالشروط الواردة بمؤشرات الأداء، وعليها أن تقوم بإعداد استراتيجيتها للتخفيف والتكيف. *أستاذ الاقتصاد- جامعة الملك عبد العزيز- جدة – المملكة العربية السعودية نائب المدير التنفيذي – مركز البيئة والتنمية للإقليم العربي وأوروبا (سيداري).