قست عليه الحياة، ولازمته الأحزان، وكلما حاول التخلص من أسرهما، فاجأته مرة أخرى. لم ييأس وظل ثابتاً، فخلفه من النساء والأطفال من يراهن عليه، واستسلامه يعني بداية لصفحة شقاء ربما تلازمهم طوال حياتهم أيضاً. أخيراً حسم الأمر، واستسلم المسن ورفع الراية البيضاء، فقد بدأ مشواره مع الأمراض. لم يعد في استطاعته المقاومة، ولا سيما أنه ضعف ورأى ما قد يحل بأسرته من بعده. هذه هي حياة «أبو سعيد»، الذي لم يدع في السنوات الأخيرة باباً إلا وطرقه لمساعدته للعلاج في الخارج، وهو الوضع المستمر منذ نحو ثمان سنوات، ولا سيما بعد بات على يقين تام بأن العلاج مستعص في المستشفيات السعودية. ويقول أبو سعيد: «أعول 15 فرداً، معظمهم نساء، وليس لي دخل سوى راتبي التقاعدي الذي لا يكفي مصاريف أسرتي الكبيرة، إضافة إلى بعض الديون التي أثقلت كاهلي»، موضحاً بأنه يستقطع من راتبه 1800 ريال شهرياً لسداد تلك الديون. ويضيف: «دهمني مرض الرعاش (باركنسن)، حطم حياتي وجعلني أتخوف على أبنائي وعائلتي التي ليس لها عائل غيري، لا أستطيع قيادة السيارة، ولا حتى اللعب مع أطفالي، فبسبب هذا المرض لا أستطيع فعل شيء، أصبحت مثل الذي يريد النجاة ولا يعرف طريقها»، يعرف مرض الباركنسن على أنه خلل ضمن مجموعة اضطرابات النظام الحركي التي تنتج بسبب خسارة خلايا الدماغ المنتجة للدوبامين، وهي مادة كيماوية تتفاعل في الدماغ لتؤثر في كثير من الأحاسيس والسلوكيات، بما في ذلك الانتباه والتوجيه وتحريك الجسم. مشيراً إلى أنه غير قادر على الإيفاء بسداد ديونه التي ستودعه السجن لا محاله. ويتابع أبو سعيد: «ظروفنا سيئة قبل مرضي، أحياناً تمر الليالي والأيام ونحن نعيش بوضع صعب للغاية، إلى درجة أنني تركت المناسبات الاجتماعية واضطررت إلى عزل أبنائي وبناتي عن المجتمع»، مبرراً ذلك بعدم قدرته على مجاراة الآخرين. ولا يُخفي المسن العاجز حسرته على الواقع المؤلم الذي تعيشه أسرته، «لم أعد أهتم بنفسي، فقد تعودت على هذه الظروف وهذا المرض، ولكن ما يحرمني النوم هو عندما أشاهد أفراد أسرتي، وهم محرومون من التمتع مثل أقرانهم، وأشعر بما في نفوسهم من الحرمان والأسى، ولكم أن تتخيلوا أنهم حرموا من التمتع بالأعياد لعدم قدرتي على تلبية مستلزماتهم الضرورية»، مشيراً إلى أنه بات يخاف من تأثير هذه الظروف على مستقبل أبنائه وبناته، ولا سيما في حال تم سجنه لعدم سداده المبلغ. ويتمنى أبو سعيد من فاعلي الخير والباحثين عن الأجر والمثوبة من الله - عز وجل-، العمل على مساعدته في شكل عاجل، «لا أريد شيئاً سوى التكفل في علاجي في ألمانيا أو أميركا، وسداد ديني الذي حرمني لذة النوم، ولا سيما أنني أصبحت مهدداً بالسجن إذا لم أستطع توفيره».