«أشعر بأنني ولدت من جديد... عشت طوال عمري تحت الاحتلال. ولا يعرف معنى الاستقلال والحرية سوى من عاش تحت ظلم الاحتلال وقهره... أنا مواطن في دولة فلسطين، وسيُكتب على جواز سفري: دولة فلسطين». بهذه العبارات التي يمتزج فيها الفرح بالفخر، عبّر شبان فلسطينيون من رام اللهوغزة عن مشاعرهم بعد منح فلسطين صفة دولة مراقب في الأممالمتحدة منتصف ليل الخميس - الجمعة، في خطوة وصفت ب «الحدث التاريخي» و»الانجاز الديبلوماسي». (راجع ص 3) وسادت اجواء من الابتهاج والتفاؤل في الاراضي الفلسطينية حيث احتفل الفلسطينيون في المدن الرئيسة حتى ساعات الصباح الباكر امس، في وقت بدأ السياسيون يعدون لخطواتهم في «اليوم التالي» لحصولهم على الدولة، وهي خطوات لخصها عضو اللجنة المركزية لحركة «فتح» جبريل الرجوب بقوله: «حصلنا على الاعتراف، والآن سنبدأ بتجسيد الدولة المستقلة على الارض، وسنعمل على حماية حدودنا من الاحتلال والمستوطنين»، مضيفا ان «الاولوية في المرحلة المقبلة ستكون للمصالحة وتوحيد الضفة وقطاع غزة». وفي هذا الصدد، افاد مسؤول فلسطيني بان الرئيس محمود عباس سيدعو قريبا الى اجتماع للاطار القيادي الموقت لمنظمة التحرير يحضره رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» خالد مشعل والامين العام لحركة «الجهاد الاسلامي» رمضان شلح. وأوضح مسؤول امني فلسطيني رفيع ان نقاشاً يدور في المؤسسة الامنية لمنع دخول الجيش الاسرائيلي الى مناطق السلطة، وسط توصيات الخبراء بضرورة التوقيع على عدد من المعاهدات الدولية مثل «ميثاق روما» (ما يتيح الانضمام الى محكمة الجنايات الدولية) و»معاهدة جنيف الرابعة»، وكلاهما يتعلق بحماية المدنيين تحت الاحتلال. غير ان مسؤولين رجحوا الا يسارع عباس الى اتخاذ اجراءات دراماتيكية من شأنها قلب المعادلة القائمة على الأرض في هذه المرحلة، بل انتظار اختبار ردود الفعل الاسرائيلية والاميركية قبل الانضمام الى الوكالات الدولية، كما استبعدوا العودة الى المفاوضات مع اسرائيل من دون وقف الاستيطان. وفي قطاع غزة، اعتبر رئيس الحكومة المقالة اسماعيل هنية ان قرار الاممالمتحدة «تتويج لنصر غزة» و»رفع للغطاء الدولي عن الاحتلال»، مشددا على التزام الثوابت وعدم الاعتراف بإسرائيل او التنازل عن شبر من ارض فلسطين» و»تكريس الوحدة». في الوقت نفسه، تمسك شلح ب «فلسطين من النهر الى البحر». وكانت 138 دولة في الاممالمتحدة صوتت لصالح فلسطين، بينها كل الدول الافريقية والاسيوية واستراليا، في حين عارضته 9 دول بينها اميركا واسرائيل وكندا وتشيكيا، وامتنعت 41 دولة عن التصويت بينها بريطانيا والمانيا. ومن بين دول الاتحاد الاوروبي، صوتت 14 دولة من اصل 27 لصالح فلسطين. ومن بين الدول الدائمة العضوية في مجلس الامن، صوتت اميركا فقط ضد القرار. وأثار قرار الاعتراف بفلسطين دولة غير عضو ترحيباً من دول عدة ترافقت مع دعوات الى استئناف المفاوضات، في وقت اعتبرته واشنطن بأنه قرار «مؤسف». أما اسرائيل، فشنت هجوماً عنيفا على عباس، في حين أقر الاعلام الاسرائيلي ب «الحدث التاريخي» و»الضربة الديبلوماسية الموجعة لاسرائيل». ووصف رئيس الحكومة بنيامين نتانياهو خطاب عباس امام الجمعية العامة ب «خطاب الحقد والسموم»، وكرر ان القرار «لن يغير شيئا على الارض». واعتبر ان التوجه الفلسطيني الى الاممالمتحدة يشكل حرقا للاتفاقات و»سنرد عليه الرد الملائم». وأكدت اوساط سياسية ان سلوك الفلسطينيين في «اليوم التالي» للقرار سيحدد حجم الرد الاسرائيلي الذي قد يكون قاسيا في حال توجهت السلطة الى المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي لمقاضاة مسؤولين اسرائيليين بارتكاب جرائم حرب. ورغم ذلك، اعلن مسؤول اسرائيلي قرار بناء 3 آلاف وحدة استيطانية في القدس والضفة، وهو اعلان اعتبرته عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير حنان عشراوي «عدواناً على دولة، وعلى كل العالم ان يتحمل مسؤوليته». وحمّل كل من زعيمة حزب «العمل» شيلي يحيموفتش ووزيرة الخارجية السابقة تسيبي ليفني، الحكومة الاسرائيلية مسؤولية هذا الفشل، واشارت الاولى الى ان القرار صدر بسبب الجمود السياسي المستمر، فيما اعتبرت الثانية ان الحكومة كانت قادرة على منع هذه الخطوة لو اجرت مفاوضات مع الفلسطينين. ورأت صحيفة «هآرتس» ان التحرك الاميركي لاحباط الخطوة الفلسطينية كان بمثابة «اسقاط واجب» وانه تم «في الدقيقة ال 90»، مضيفة ان الرئيس باراك اوباما لن يسمح في ولايته الثانية لنتانياهو بأن يملي عليه او يخيفه.