شبرقة - نهى مطر : منحت الأممالمتحدةفلسطين صفة دولة مراقب غير عضو بعد تصويت تاريخي في الجمعية العامة. وصوتت لصالح الطلب الفلسطيني 138 دولة فيما عارضته 9 دول وامتنعت 41 دولة عن التصويت. معارضة أمريكية وانقسام أوروبي حول الطلب الفلسطيني في الأممالمتحدة اصبحت فلسطين الخميس دولة مراقبا في الاممالمتحدة وذلك بعد عملية تصويت تاريخية في الجمعية العامة للامم المتحدة هلل اثرها الفلسطينيون في رام اللهوغزة وعارضتها الولاياتالمتحدة واسرائيل اللتين حذرتا من تداعيات هذه الخطوة. وباغلبية 138 دولة مقابل 9 ضد وامتناع 41 دولة عن التصويت وافقت الجمعية العامة للامم المتحدة على رفع التمثيل الفلسطيني الى صفة "دولة غير عضو مراقب" بعدما كان حتى الان (كيانا) مراقبا. واعتبر الرئيس الفلسطيني محمود عباس في اول تعليق له اثر التصويت ان هذا القرار هو (انتصار للسلام والحرية والشرعية الدولية). واكد عباس لوكالة فرانس برس (هذا انتصار للسلام والحرية والشرعية الدولية والقانون الدولي"، مضيفا "اشكر الشعب الفلسطيني واقدم له التهنئة بهذا الانجاز، كما اشكر شعوب الامة العربية والاسلامية واحرار العالم الذين صوتوا لصالح فلسطين). واضاف "أعد شعبنا الفلسطيني باستمرار الكفاح الوطني حتى رفع علم فلسطين على مساجد وكنائس القدس الشريف". من جهته قال المتحدث باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل ابو ردينة لوكالة فرانس برس (اليوم هزم الاحتلال الاسرائيلي وانتصرت دولة فلسطين وشعب فلسطين"، مضيفا "نطلب من دول العالم وخاصة الولاياتالمتحدة ان تجبر اسرائيل على انهاء الاحتلال). بدوره قال كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات لفرانس برس تعليقا على القرار التاريخي (بعد التصويت قواعد اللعبة السياسية تغيرت، وفلسطين اصبحت معترفا فيها من الاممالمتحدة). واضاف عريقات (اليوم وضعت فلسطين على خارطة الجغرافيا وبين الدول والشعوب). ويشكل هذا الوضع الدولي الجديد الذي يصبح معه متاحا للفلسطينيين العضوية في منظمات الاممالمتحدة والمعاهدات الدولية، نصرا دبلوماسيا كبيرا رغم انه يعرض السلطة الفلسطنية الى عقوبات مالية اميركية واسرائيلية. وتضمن القرار الذي اقرته الجمعية العامة نصا يعرب عن "الامل بان ينظر مجلس الامن ايجابا" في قبول طلب الدولة الكاملة العضوية في الاممالمتحدة الذي قدمه عباس في ايلول/سبتمبر 2011 وتعثر في مجلس الامن بفعل تهديد الولاياتالمتحدة باستخدام حق النقض (فيتو). ويدعو القرار ايضا الى استئناف المفاوضات الاسرائيلية الفلسطينية المتعثرة منذ اكثر من سنتين للوصول الى (تسوية سلمية) تسمح بقيام دولة فلسطينية (تعيش بجانب اسرائيل في سلام وامن على اساس حدود ما قبل 1967). وفي خطاب من على منبر الجمعية العامة قبيل التصويت على القرار طالب الرئيس الفلسطيني الجمعية العامة ب(اصدار شهادة ميلاد دولة فلسطين). وقال محمود عباس (إن الجمعية العامة للامم المتحدة مطالبة اليوم باصدار شهادة ميلاد دولة فلسطين، ولهذا السبب بالذات نحن هنا اليوم)، موضحا انه "قبل 65 عاما وفي مثل هذا اليوم أصدرت الجمعية العامة للامم المتحدة القرار 181 الذي قضى بتقسيم ارض فلسطين التاريخية، وكان ذلك بمثابة شهادة ميلاد لدولة اسرائيل" في اشارة الى قرار تقسيم فلسطين الذي اصدرته الاممالمتحدة في 29 تشرين الثاني/نوفمبر 1947. وتابع (بعد 65 عاما وفي نفس اليوم الذي اقرته هيئتكم الموقرة يوما للتضامن الدولي مع الشعب الفلسطيني، فإن الجمعية العامة تقف امام واجب اخلاقي لا يقبل القيام بادائه ترددا، وأمام استحقاق تاريخي لم يعد الوفاء به يحتمل تأجيلا، وأمام متطلب عملي لإنقاذ فرص السلام، لا يتقبل طابعه الملح إنتظارا). وحذر عباس الاسرة الدولية من انها اليوم امام (الفرصة الاخيرة لانقاذ حل الدولتين)، مضيفا (لم نأت إلى هنا ساعين إلى نزع الشرعية عن دولة قائمة بالفعل منذ عقود هي إسرائيل، بل لتأكيد شرعية دولة يجب أن تقام سريعا هي فلسطين، ولم نأت هنا كي نضيف تعقيدات لعملية السلام التي قذفت بها الممارسات الاسرائيلية إلى غرفة العناية المركزة، بل لإطلاق فرصة جدية أخيرة لتحقيق السلام) غير ان رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو رأى في بيان مقتضب اصدره مكتبه ان (الاممالمتحدة استمعت الى هذا الخطاب المليء بالدعاية الكاذبة ضد الجيش الاسرائيلي والمواطنين الاسرائيليين. ليس بهذه الطريقة يتكلم رجل يريد السلام). بدوره قال السفير الاسرائيلي في الاممالمتحدة رون بروزور ان رفع التمثيل الفلسطيني (منحاز) و(يدفع بالسلام الى الوراء). وقال بروزور امام الجمعية العامة قبيل التصويت ان مشروع القرار (المنحاز) هذا (لا يدفع بالسلام قدما بل يدفع به الى الوراء)، مشددا على انه حتى ولو صوتت الجمعية العامة لصالح الطلب الفلسطيني فان هذا (لن يغير الوضع على الارض) لا سيما وان السلطة الفلسطينية (لا تسيطر على غزة)، مؤكدا ان هذا القرار (لن يمنح السلطة الفلسطينية وضع دولة). وسارعت الولاياتالمتحدة التي صوتت ضد القرار الى التعبير عن اسفها لاقراره، مؤكدة ان هذا التصويت (مؤسف وغير مجد) و(يضع عراقيل امام السلام). وقالت وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون خلال منتدى في واشنطن انتهزته فرصة للتعليق فورا على القرار التاريخي للجمعية العامة، ان هذا القرار (يضع مزيدا من العراقيل امام طريق السلام)، معتبرة ان الطريق الوحيد لقيام دولة فلسطينية هو استئناف مفاوضات السلام بين الفلسطينيين واسرائيل. بدورها قالت السفيرة الاميركية في الاممالمتحدة سوزان رايس امام الجمعية العامة "ان القرار المؤسف وغير المجدي الذي صدر اليوم يضع مزيدا من العراقيل في طريق السلام. لهذا السبب صوتت الولاياتالمتحدة ضده". واضافت "هذا القرار لا يجعل من فلسطين دولة"، مكررة بذلك ما سبقها اليه نظيرها الاسرائيلي من على المنبر نفسه، مشددة على ان "هذا التصويت الذي حصل اليوم لا يعطي باي حال من الاحوال حقا لكي تصبح (فلسطين) عضوا في الاممالمتحدة". بالمقابل دعا الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند، الذي صوتت بلاده لمصلحة القرار، الى استئناف المفاوضات الفلسطينية الاسرائيلية (بلا شروط وباسرع ما يمكن). واوضح هولاند في بيان ان فرنسا صوتت لصالح هذا الاعتراف الدولي بفلسطين (وان فرنسا ايدت الخيار المتجانس مع هدف الدولتين اللتين تعيشان في سلام وامن الذي تم التنصيص عليه منذ 1947). واكد انه (للتوصل الى هذا الهدف يجب ان تستانف المفاوضات بلا شروط وباسرع ما يمكن)، مضيفا ان (الحوار المباشر هو بالفعل السبيل الوحيد للتوصل الى حل نهائي لهذا النزاع. وفرنسا على استعداد للاسهام في ذلك بوصفها صديقا لاسرائيل ولفلسطين)، مذكرا بان القرار الفرنسي بهذا الشأن منسجم مع (الالتزام بدعم الاعتراف الدولي بدولة فلسطين). وفي الداخل الفلسطيني اعتبر القيادي في حركة حماس احمد يوسف ان قرار الجمعية العامة هو (كسب جديد على طريق التحرير والعودة ونهنئ انفسنا به). وعلى الارض هللت جموع الفلسطينيين في الاراضي الفلسطينية مساء الخميس فرحا فور اعلان نتيجة التصويت في الجمعية العامة للامم المتحدة لصالح رفع مستوى تمثيل فلسطين الى صفة دولة مراقب. ففي رام الله حيث مقر السلطة الفلسطينية اطلقت جموع غفيرة الاعيرة النارية في الهواء ابتهاجا في حين سارت في طرقات المدينة مواكب سيارة ارخت العنان لابواقها، بينما اضيئت السماء بالالعاب النارية ابتهاجا بالتصويت التاريخي. وفي شوارع القدسالشرقية سارت مواكب سيارة احتفالا بالقرار التاريخي. وفي قطاع غزة خرج مئات الفلسطينيين، غالبيتهم نشطاء في حركة فتح، الى الطرقات للاحتفال بقرار الجمعية العامة للامم المتحدة. وقبل ساعات من التصويت، دعا الامين العام للامم المتحدة بان كي مون القادة الفلسطينيين والاسرائيليين الى "احياء عملية السلام" المعطلة. وقال بان كي مون في كلمة امام لجنة الحقوق الثابتة للشعب الفلسطيني في حضور الرئيس الفلسطيني محمود عباس "ما هو مطلوب الان هو ارادة سياسية وشجاعة اضافة الى حس بالمسؤولية التاريخية". وكانت الحكومة الاسرائيلية اعلنت انها لن تلغي اي اتفاق موقع مع الفلسطينيين اذا ما منحت فلسطين صفة دولة مراقب. وقال يغال بالمور المتحدث باسم الخارجية الاسرائيلية لوكالة فرانس برس (لا ننوي الغاء اي اتفاق لا سيما في المجال الاقتصادي. وما سنقوم به بعد التصويت هو تطبيق هذه الاتفاقيات بالحرف). واعتبر محلل غربي انه "في حال الحصول على 130 صوتا مؤيدا، لن يكون هناك ما يدعو الى المناداة بالنصر، لكن في حال الحصول على 150 او 160 صوتا، سيكون هذا نجاحا". ولم يتم اختيار اليوم الخميس للتصويت من باب الصدفة، بل هو تاريخ ذكرى اقرار الاممالمتحدة عام 1947 خطة تقسيم فلسطين التي نصت على اقامة دولتين يهودية وفلسطينية. وتوجهت دول الاتحاد الاوروبي الى التصويت منقسمة حيث صوتت على سبيل المثال فرنسا وايطاليا واسبانيا والسويد بنعم، فيما امتنعت لندن وبرلين عن التصويت. وايدت روسيا والصين القرار وكذلك فعلت تركيا وسويسرا. وصوتت ضد القرار اضافة الى الولاياتالمتحدة واسرائيل سبع دول اخرى هي كندا وتشيكيا وجزر مارشال وميكرونيزيا وناورو وبالاو وبنما. وذكر الاتحاد الاوروبي الخميس انه يدعم قيام دولة فلسطينية. وقالت ممثلة الاتحاد الاوروبي للشؤون الخارجية كاثرين اشتون في بيان نشر قبل ساعات من التصويت ان "الاتحاد الاوروبي عبر مرات عدة عن دعمه ورغبته في ان تصبح فلسطين عضوا كاملا في هيئة الاممالمتحدة في اطار حل للنزاع". واضافت ان (الاتحاد الاوروبي مستعد للاعتراف بدولة فلسطينية في الوقت المناسب). ويخشى الاوروبيون ان تقطع واشنطن التمويل عن وكالات الاممالمتحدة التي سيصبح بوسع الفلسطينيين الانضمام اليها بعدما حصلوا على وضعهم الدولي الجديد. وحين انضمت فلسطين الى اليونسكو في تشرين الاول/اكتوبر 2011 قطعت الولاياتالمتحدة على الفور الاموال عن المنظمة بعدما كانت تؤمن 22% من تمويلها، التزاما بما يمليه عليها قانونان اميركيان يعودان الى التسعينيات. لكن ما يثير مخاوف الاسرائيليين والاميركيين وكذلك البريطانيين بالمقام الاول هو امكانية انضمام الفلسطينيين الى المحكمة الجنائية الدولية ورفع شكوى لديها ضد اسرائيل، وهو احتمال طرحه مسؤولون فلسطينيون في حال استمرت اسرائيل في سياسة الاستيطان في الضفة الغربية. ولوحت اسرائيل والولاياتالمتحدة بفرض عقوبات في حال تبني القرار ومن المحتمل ان يجمد الكونغرس 200 مليون دولار من المساعدات التي وعدت واشنطن بها الفلسطينيين فيما يمكن لاسرائيل ان تجمد العائدات الضريبية التي تتقاضاها لحساب السلطة الفلسطينية او ان تخفض عدد تراخيص العمل الممنوحة للفلسطينيين، وصولا الى احتمال الغاء اتفاقات اوسلو حول الحكم الذاتي الفلسطيني الموقعة عام 1993. في المقابل، وعدت الجامعة العربية الفلسطينيين ب(شبكة امان) قدرها مئة مليون دولار في الشهر.