شكلت تجمعات مياه الأمطار في شوارع وأزقة أحياء مدينة جدة، وبخاصة العشوائية منها كابوساً مرعباً لسكان الحي معلنة بذلك انتشار الأمراض ونقطة لتجمع الجراثيم والحشرات التي انتشرت نتيجة لتكوّن المستنقعات واختلاطها بمياه الصرف الصحي. وتحولت فرحة المطر التي يتلهف لها كثير من الناس بعد انقطاع طويل إلى كابوس يدق ناقوس الخطر، خصوصاً بعد تجمعات مياه الأمطار في زوايا الحي التي تشكل خطراً على الصحة باعتبارها عاملاً رئيساً في نقل الأمراض والأوبئة، في حين لم يلحظ سكان الحي أي تدخلات من جانب أمانة جدة لإنقاذ الحي من الأمراض المتوقع انتشارها في ظل عدم وجود تصريف لمياه الأمطار. مواطنون تحدثوا إلى «الحياة» حول الكوارث التي خلفتها مياه الأمطار، وبخاصة المستنقعات التي تتكوّن على قارعة الطريق وأزقة الأحياء، وقال المواطن محمد الغامدي (أحد سكان حي الوزيرية) على رغم أن الحي الذي أقطن فيه يعتبر من الأحياء الجديدة إلا أن مشكلة تجمع المياه في الشوارع بعد هطول المطر تعد ظاهرة لا تنقطع مما يشكل صعوبة في الوصول إلى المسجد لأداء الصلاة، بينما يتساءل محسن حمد (أحد سكان حي السبيل) عن سبب تأخر المسؤولين في شفط المياه، ويقول: من يشاهد مدينة جدة هذه الأيام سيتوقع أننا نعيش في القرون الوسطى من هول ما يشاهده من مستنقعات غطت مساحات كبيرة داخل الحي. وأوضح خالد محسن (أحد سكان حي قويزة) أن الأمراض انتشرت بيننا بشكل ملاحظ وبخاصة الأطفال الذين لا يتحملون الأمراض مما جعل الأهالي يتداولون على زيارة المستشفيات طلباً للعلاج، فيما أكد محمد أمين (صيدلاني) ارتفاع الطلب على الأدوية عن السابق، وأوضح أن زيادة الطب نتيجة لأمراض خلفتها المياه الراكدة في الحي، مشيراً إلى أن أكثر الطلب يتركز حول وسائل الوقاية من الأمراض مثل طارد البعوض والكريمات. من جهتها، حذرت استشارية طب مجتمع رئيسة قسم التوعية الصحية بإدارة الرعاية الصحية الأولية والطب الوقائي في محافظة جدة الدكتورة منيرة خالد بلحمر من انتشار المستنقعات التي تخلفها مياه الأمطار في جدة، وقالت ل «الحياة» إن المياه الراكدة تعتبر من المخاطر البيئية التي أصبحت مرتعاً للبعوض الناقل لأمراض الملاريا وحمى الضنك. ولفتت إلى ضرورة منع توالد البعوض الناقل داخل وخارج المنزل بالتأكد من أن جميع خزانات وأماكن حفظ المياه مغطاة بغطاء محكم وإبقاء عبوات الماء والجرادل مقلوبة وحفظها في مكان آمن، إضافة إلى التخلص من مواقع بؤر توالد البعوض في المناطق المحيطة بالمنزل، وارتداء الثياب أو القمصان ذات الأكمام الطويلة والجوارب والأحذية عند الخروج من المنزل، داعية أولياء الأمور إلى توعية أبنائهم بعدم اللعب أو السباحة في المياه الراكدة. وطالبت بإبلاغ الجهات المسؤولة في وزارة الصحة وأمانة جدة عن أي حال مرضية تكتشف على الفور، والتعاون معهما بتوفير معلومات صحيحة عن حال المريض وتسهيل عمل فريق المكافحة لعمل الاستقصاء الوبائي ورش المنزل المصاب والمنازل المجاورة.