قال مسؤولون عُمانيون إن بلادهم تعوّل على قطاعها الخاص لتأمين الآلاف من الوظائف للشباب الذين قد يشكلون في المستقبل تحدياً للحكومة التي واجهت العام الماضي احتجاجات للمطالبة بإيجاد وظائف وزيادة الأجور. ويعتبر القطاع العام أكثر جذباً للمواطنين الذين يفضلون الابتعاد عن القطاع الخاص الذي يقدم أجوراً أقل، إلا أن القطاع العام بات عاجزاً عن استيعاب الداخلين الجدد إلى سوق العمل. وقال وزير العمل العماني عبدالله بن ناصر البكري: «نعمل ما في وسعنا ليقوم القطاع الخاص باستيعاب الآلاف من الشباب، لكن المشكلة تكمن في أن المستويات التعليمية للباحثين عن عمل لا تتناسب مع احتياجات القطاع الخاص، والحكومة تسعى لتدريبهم وتأهيلهم وتوظيفهم». وأضاف: «سنعلن قريباً عن 20 ألف وظيفة شاغرة في شركات ومؤسسات القطاع الخاص ولدينا خطة جاهزة»، موضحاً أن «القطاع الخاص استوعب العام الماضي لغاية منتصف العام الجاري 92 ألف موظف، مقابل 80 ألفاً خرجوا خلال الفترة ذاتها». ويتزامن خروج هذا العدد الكبير من القطاع الخاص مع تأمين الحكومة وظائف في القطاعين المدني والعسكري، ورفعها الأجور بعد الاحتجاجات. وأشارت إحصاءات رسمية إلى أن قطاع الخدمة المدنية عيّن 21 ألف عماني منذ بداية العام الماضي لغاية منتصف العام الجاري، وآلافاً آخرين في القطاع العسكري. وبلغ عدد العمانيين العاملين في شركات ومؤسسات القطاع الخاص لغاية نهاية تشرين الأول (أكتوبر) 214 ألف عامل. وبدأت الهيئة العامة لسجل القوى العاملة في تشرين الأول حصر الباحثين عن عمل عبر تخصيص 89 مركزاً في أنحاء البلاد، في إطار خطة وطنية لاستيعاب الباحثين عن عمل وإنشاء قاعدة بيانات عن الأرقام الفعلية لإعدادهم ومؤهلاتهم. ويتوقع البكري وجود حوالى مئة ألف مواطن باحث عن عمل، معظمهم يحملون مؤهلات تعليمية متدنّية. ويبلغ عدد مواطني السلطنة مليوني شخص. وقال السلطان قابوس بن سعيد، الأسبوع الماضي في كلمته السنوية في اجتماع لمجلس عُمان (غرفتا البرلمان) إن «الدولة بأجهزتها المدنية والأمنية والعسكرية ليس بمقدورها أن تظل المصدر الرئيس للتشغيل، فتلك طاقة لا تملكها ومهمة لن تقوى على الاستمرار فيها إلى ما لا نهاية». وأضاف: «على المواطنين أن يدركوا أن القطاع الخاص هو المجال الحقيقي للتوظيف على الأمد البعيد»، ودعا إلى «تعديل نظام الأجور في القطاع الخاص، لاسيما في المستويات الوظيفية الدنيا والمتوسطة، واعتبار ذلك مهمة وطنية». ولفت رئيس اللجنة الاقتصادية في مجلس الدولة سالم بن سعيد الغتامي إلى أن مشكلة الباحثين عن عمل ظلت هاجساً للحكومة خلال السنوات الماضية، خصوصاً في ظل وجود قطاع خاص لديه كثير من المشكلات، من بينها ضعف الأجور، ووجود مخرجات تعليمية لا تتناسب وسوق العمل». وأفادت النشرة الإحصائية الشهرية التي تصدر عن المركز الوطني للإحصاء والمعلومات بأن هناك 126 ألف عامل عماني في القطاع الخاص يتقاضون أجوراً أساسية تقل عن 300 ريال عماني (780 دولاراً)، ما يجعل هذا القطاع غير مستقطب للقوى العاملة، وفقاً للغتامي الذي أضاف أن «على القطاع الخاص العماني، وهو قادر على ذلك، إجراء تغيير في سياساته لاستقطاب العمانيين، بخاصة عبر رفع الأجور وزيادة الحوافز وإيجاد سلّم للتدرج الوظيفي وبرامج لتطوير مهارات العاملين». وأوضح الغتامي أن «عزوف الشباب عن الالتحاق بهذا القطاع ناتج من عدم وجود مثل تلك الأساسيات للترغيب في الالتحاق به». وأشار إلى أن «الحكومة دعمت سنوات طويلة هذا القطاع ومنحته تسهيلات مالية واستثمارية مجزية، وعليه مسؤولية وطنية ستغدق عليه عائدات جيّدة إذا أحسن استغلالها». وأضاف أن «على القطاع الخاص العماني أن لا يبقى يروّج لمنتجات شركات عالمية، وعليه الاستفادة من مئات الملايين من الريالات العمانية لدى صناديق الاستثمار والتقاعد التي تحصل على عائدات قليلة، والاستفادة من السيولة لدى المصارف التجارية واستثمارها في قطاعات مهمة، كالصناعة والسياحة، لتأمين آلاف الفرص الوظيفية، وعليه أيضاً أن يبحث عن شركاء استراتيجيين لإقامة مشاريع تستغل موقع السلطنة الاستراتيجي والبنية الأساسية الجيّدة المتوافرة». وتسعى خطة التنمية الخَمسية الثامنة (2011 - 2015) إلى التوسّع في تأمين الفرص لقوى العمل، إذ يتوقع أن تؤمّن ما بين 200 ألف إلى 275 ألف فرصة عمل جديدة بواقع 40 ألفاً إلى 55 ألف فرصة عمل سنوياً في المتوسط. وأفادت النشرة الشهرية التي تصدر عن المركز الوطني للإحصاء والمعلومات بأن هناك 1.1 مليون وافد يعملون في القطاع الخاص يحملون مؤهلات تقل عن شهادة دبلوم، و150 ألف عامل يحملون الشهادة الجامعية و33 ألف وافد يحملون شهادة ديبلوم، من إجمالي عدد العاملين الوافدين العاملين في هذا القطاع البالغ عددهم 1.25 مليون عامل.