يبدو أن انتصار الحركة الطالبية في كيبك بعد أكثر من مئة يوم من الاحتجاجات المتواصلة على زيادة الرسوم الدراسية، وتقييد حرية التعبير والتظاهر، والملاحقات القانونية التعسفية (المادة 78)، لم تصل بعد إلى خواتيمها السعيدة. ففي الأول من شهر تشرين الثاني (نوفمبر) الجاري، فوجئ غبريال نادو ديبوا، الناطق الرسمي السابق للحركة الطلابية في كيبك، والنائب الشاب الذي دخل البرلمان لأول مرة في الانتخابات الأخيرة، باستدعائه للمثول اما القاضي بتهمتين: إحداهما شخصية تتضمن إساءة وتهديداً لأحد الطلاب المعارضين للإضراب، ومنعه من متابعة الدراسة، والثانية التحريض على الفوضى وتوجيه إهانة للجسم القضائي. وهذه التهمة هي أقسى عقوبة وأشد خطورة على مستقبله السياسي. علماً أن الحكومة الجديدة ألغت، بمفعول رجعي، معظم ما كانت اتخذته الحكومة السابقة بحق طلبة المعاهد والجامعات من إجراءات قمعية وتدابير تعسفية، أكاديمياً ومهنياً ونقابياً، باستثناء ما يتعلق بالمفاعيل القانونية الخاضعة لمبدأ الفصل بين السلطتين التنفيذية والقضائية، ومنها قضية النائب ديبوا، الذي حكمت عليه المحكمة بدفع مبلغ 55 ألف دولار أو السجن مدة لا تقل عن سنة مع الأشغال لمصلحة المنظمات والجمعيات غير الربحية. غضب وتبرعات أحدثت الاتهامات الموجهة لديبوا صدمة كبيرة لم يكن يتوقعها، كما جوبهت باستنكار واسع في أوساط الرأي العام الكندي والكيبيكي بمختلف قطاعاته الطلابية والشبابية والنقابية والحقوقية والسياسية والحزبية والإعلامية، وقيام العديد من تظاهرات التأييد العفوية، حتى بدت قضيته مسألة وطنية بامتياز. في مثل هذه الأجواء المشحونة بالغضب، توجه ديبوا برسالة مؤثرة إلى مناصريه عبر الشبكات الاجتماعية يطلب فيها جمع التبرعات لقضيته، قائلاً: «ليس لدي كطالب جامعي المال الكافي لمتابعة الإجراءات الكفيلة باستئناف الحكم وتسديد نفقات المحاكمة». وأضاف أنها «سابقة تاريخية أن تقف الحركة الطلابية والنقابية أمام السلطة القضائية ويهدد قادتها بدخول السجن دفاعاً عن حقهم الطبيعي والقانوني في ممارسة حرية القول والفكر والتعبير والتظاهر»، ومشيراً إلى أن «التمرد على قرارات جائرة دكتاتورية لا تقع في دائرة القضايا الجنائية». واللافت انه لم يمض على ندائه أكثر من 48 ساعة حتى بلغت حصيلة التبرعات حوالى 74 ألف دولار اعتبرها ديبوا «إصراراً على تصويب القضاء الكيبيكي باتجاهه الصحيح وإعادة العدالة إلى روحه ونصوصه». وأكد على انه مصمم على متابعة القضية حتى نهايتها وإثبات براءته أمام ناخبيه وأنصاره. وإلى أن تصدر المحكمة العليا قرارها النهائي في الأسابيع القليلة المقبلة، بتجريم ديبوا أو بإعلان براءته، تبقى قضيته مثار متابعة وتعليقات يومية على مواقع المنظمات الطلابية والشبابية تحت عناوين شتى مثال «أنقذوا المواطن ديبوا» و «حرروا غبريال» و «الحكم عليه إدانة سياسية» وصولاً إلى مطالبتهم السلطات القضائية بملاحقة السياسيين وزعماء الأحزاب ورؤساء البلديات وكبار الموظفين الضالعين بالفساد المالي بدل «الافتراء على نائب صاعد وزعيم لحركة طلابية وشبابية».