مضى على تحرك طلاب الجامعات والمعاهد في مقاطعة كيبك الفرنسية حوالى ستة اشهر من دون ان تتوصل مفاوضاتهم مع الحكومة الى اي حل يقضي باستئناف الدراسة، او الغاء القانون الخاص بزيادة الرسوم التعليمية رقم 87، او اطلاق حرية التعبير او التخلي عن الاجراءات الاستثنائية التعسفية. فالتظاهرات شبه اليومية ما زالت تجوب العديد من شوارع المدن الكيبكية، وقرع الطناجر يزداد ليلة بعد ليلة، وحركة الاحتجاج تتصاعد لتشمل قطاعات واسعة من منظمات المجتمع المدني، من نقابات عمالية ومهنية، ومثقفين واعلاميين، واساتذة، وفنانين وحتى نواب ووزراء في وقت تشير استطلاعات الرأي الى انحياز غالبية الرأي العام الكيبكي الى المطالب المحقة للطلاب. اما هؤلاء فهم ماضون بالتصعيد داخلياً ويستعدون لتنظيم اكبر تظاهرة في مونتريال يوم 22 تموز (يوليو) الجاري، ومصممون على اخراج قضيتهم من نطاقها الكيبكي الى بقية المقاطعات الكندية وصولا الى طرحها في العواصم العالمية. وخلال الشهور الماضية شهدت كيبك تحركات احتجاجية وانعقاد مؤتمرات دولية تزامنت مع اضراب الطلاب وشكلت رافعة قوية للمضي بمطالبهم على اكثر من صعيد فكانوا جزءاً من حركة «الساخطين» العالمية في مونتريال اذ نظموا اعتصامات واحتلوا الساحات الرئيسية في المدن، كما كانوا عنصراً فاعلاً في المنتدى العالمي الاول للغة الفرنسية حيث استحضروا اجواء «الثورة الهادئة» في كيبك عام 1964 بكل مفاهيمها وشعاراتها في الحرية والاستقلال والهوية الوطنية والثقافية المميزة ل «المقاطعة الجميلة» كما لم يغيبوا عن حركة الاحتجاج التي رافقت انعقاد قمة رؤساء 34 دولة في اميركا الشمالية واللاتينية. واللافت في هذا السياق، زيارة المرشح اليساري للرئاسة الاميركية جيري وايت التي قام بها أخيراً لكيبك واجتمع خلالها مع زعماء الحركة الطالبية في جامعة كونكورديا وأبدى تعاطفه ودعمه لأي حركة مطلبية طالبية او شبابية في مختلف اقطار العالم. ومن وجوه التعاطف الدولي مع الحركة الطالبية الكيبكية ما صدر عن الامين العام للامم المتحدة بان كي مون وعن منظمة حقوق الانسان. وتقوم الحركة الطالبية في كيبك كما يشير اليه موقعها الالكتروني بتحرك عالمي نشط يشمل العديد من العواصمالغربية والآسيوية والافريقية من منطلق ان التعليم حق للجميع وان النضال في سبيله يتخطى حدود الدول التي تمعن في تخفيض الموازانات وتهدد مستقبل الشباب والناشئة وتمارس اقصى درجات الضغط على الحركات الطالبية. وتقوم بالتنسيق مجموعة من النشطاء المنتشرين في مونتريال وتورونتو وفانكوفر والقاهرة وبلدان المغرب العربي وكوالا لمبورغ وفيينا وزيوريخ وايطاليا واسبانيا واميركا، بينهم 200 من مستخدمي الانترنت وشبكات التواصل الاجتماعي. ويتولى هؤلاء اعداد برامج التحرك واماكن التجمعات وتنظيم مسار الاحتجاجات واهدافها وشعاراتها واطلاق نداء الى جميع انصار الحرية في العالم من طلاب واساتذة وباحثين وفنانين ومثقفين ونقابيين وغيرهم من منظمات المجتمع المدني. وحدد النداء ايام التحرك في 18 تشرين الاول (اكتوبر) والفترة بين 14 و21 تشرين الثاني (نوفمبر) المقبلين كمواعيد لتوقيف الدراسة والاعتصام والتظاهر وجعل الساحات والشوارع تهتز على وقع «قرع الطناجر». ويحرص الطلاب الكيبكيون في نشراتهم الجامعية ومواقعهم الالكترونية على تحركهم النقابي السلمي والحضاري على رغم وقوع بعض حالات الشغب فيؤكدون ان «ربيعهم» لم يصل الى درجة العنف والقتل والتخريب التي رافقت حركات الربيع العربي. ويتجنب هؤلاء اطلاق شعارات ثورية رامية الى اسقاط الحكومة او الدعوة الى العصيان المدني التي كان اطلقها النائب في الجمعية الوطنية في كيبك (البرلمان) امير خضير من اصل ايراني ولم يسلم من الاعتقال. وجل ما يطرحه الطلاب يتمحور حول قضايا التربية والعمل مثل «العلم للجميع» و «مجانية التعليم» و «الطلاب ليسوا زبائن لدى الحكومة» و «التعليم ليس سلعة في سوق الاحتكارات الرأسمالية» في وقت لا يخفي الطلاب قلقهم ازاء تضاؤل فرص العمل. وتشير اليان لابرج رئيسة اتحاد طلاب كيبك الى ما نشرته «ستاتستيك كندا» في هذا الشأن من ان عمل الطلاب بين 20 الى 24 عاماً وصل الى ادنى مستوياته اي الى 63.2 في المئة وهو اقل معدل منذ العام 1977، فيما البطالة مرتفعة والطلاب عاجزون عن تسديد اقساطهم الدراسية وهم لا يستطيعون العمل في الصيف وليس امامهم سوى القروض او العمل خلال العام الدراسي الامر الذي يقلل من فرص نجاحهم ويزيد من رسوبهم او يدفع بهم احياناً الى التخلي كلياً عن الدراسة.