أعلنت الخرطوم أمس أن التحقيقات مستمرة مع متهمين بالوقوف وراء «محاولة تخريبية» يتزعمها مدير جهاز الأمن السابق الفريق صلاح عبدالله «قوش»، مؤكدة أن المتهمين يجدون معاملة جيدة داخل معتقلاتهم وأنها ستكشف اليوم الأحد مزيداً من التفاصيل في شأن المحاولة. وقال وزير الإعلام أحمد بلال عثمان عثمان أمس إن معلومات جديدة سيعلن عنها خلال مؤتمر صحافي لاحقاً تتعلق ب «المحاولة التخريبية» التي أعلنت السلطات الخميس الماضي احباطها، نافياً وجود أي أسماء جديدة سيتم الإعلان عنها. وأكد أن «المحاولة التخريبية» لم تلق بأي ظلال أمنية سلبية على البلاد وليست لديها امتدادات داخل الأجهزة الأمنية والعسكرية، مشيراً إلى أن الأمور عادت إلى طبيعتها. وقال مدير جهاز الأمن الفريق محمد عطا المولى عباس خلال لقاء مع نحو ألف من قيادات المجاهدين من متطوعي قوات الدفاع الشعبي التي تقاتل إلى جانب الجيش، إن السلطات أقدمت على اعتقال عناصر متهمة بالمخطط التخريبي عقب توافر معلومات وأدلة كافية تبرر التحفظ عليهم. وأضاف: «الأجهزة الأمنية لا تنطلق من مواقف شخصية وتؤدي عملها بمهنية واحترافية بعيداً من المواقف المسبقة وتحرص على حماية مكتسبات الدولة وأمن المواطنين وممتلكاتهم». وامتدح عطا بعض الضباط المشاركين في المحاولة من دون أن يسميهم. لكنه قال إن «الوطن يعلو ولا يعلو عليه»، وكشف عن اعتراف بعض المتهمين ضمناً بالتخطيط للمحاولة. وقال عطا إن أحد المتهمين قال إن حزباً معارضاً كان في طريقه إلى الاستيلاء على السلطة وإنه حاول التصدي لهم وتسلّم السلطة قبلهم. وأكد عطا أن علاقة وثيقة تربطه برئيسه السابق الفريق «قوش». وتابع: «عملت معه، إلا أن الأمر الآن أمرُ وطن». وتحدثت تقارير أمس عن أن إحباط «المحاولة التخريبية» كان نتيجة مجهود غرفة مشتركة من جهاز الأمن والاستخبارات والاستخبارات العسكرية، وأشارت إلى أن خطة المتهمين عمدت إلى التلكؤ في تحريك كتيبة عسكرية إلى مناطق العمليات، لجهة الدفع بها صوب الخرطوم والسيطرة على مناطق إستراتيجية بمساندة بعض الوحدات الأخرى. وذكرت أن المجموعة التي اعتقلت هي حلقة أولى، وأن هناك مجموعات أخرى. ولم تستبعد أن يكون هناك قادة أحزاب لديهم علم مسبق بالمخطط. وعُلم أن السلطات أوقفت عشرات من المجاهدين الإسلاميين في قوات الدفاع الشعبي الذين كانوا يقاتلون في جنوب السودان خلال مرحلة الحرب الأهلية، ويجري التحقيق معهم للإشتباه في صلتهم ب «المخطط التخريبي». وفي السياق ذاته، دعا رئيس حزب الأمة المعارض الصادق المهدي إلى مساءلة الضالعين في «المحاولة التخريبية» وتجنّب الأساليب الزائفة التي أدت إلى إعدام 28 ضابطاً اتهموا بمحاولة انقلابية في العام 1989. وشكك في المحاولة الجديدة التي سمّاها «انقلابية»، قائلاً إنه «وفق تجربتنا مع النظام فإننا نتبع منهج الشك حتى تظهر الحقيقة». واعتبر المهدي أن الخلافات داخل صفوف النظام الحاكم وخطورة مآلاتها التي أفرزها مؤتمر الحركة الإسلامية الأخير، بجانب الزيادة المضطردة في الأسعار، وحال الاحتقان والانسداد والاستقطاب التي تحيط بالموقف السياسي، كلها عوامل تجعل الاستمرار في ظل هذه السياسات مستحيلاً، وتفتح الباب أمام كل الخيارات. ورأى أن مثل هذا الوضع لا تعالجه الاجراءات الاحترازية، ولا تجدي معه الأساليب المجرّبة، ولا يمكن تجاوزه بالتصريحات النارية، وقال إن العلاج يكمن في اجراء عاجل يعلنه الرئيس عمر البشير بالدعوة الجادة إلى حكومة انتقالية يشترك فيها الجميع بأوزانهم السياسية والاجتماعية لوضع خطة عاجلة تنتشل الوطن من الحال الذي وصل إليه. لكنه حذّر من أن حبس حزب المؤتمر الوطني الحاكم نفسه في «العناد والانفراد» سيقود إلى تنشيط التحرك المدني عبر اعتصامات شعبية في الميادين العامة في كل البلاد، محذّراً من انجرار السودان إلى «السيناريو السوري» والفوضى. وأضاف المهدي أنه وبما أن نحو 25 في المئة من الشعب السوداني «صوتوا بأرجلهم ضد النظام في المهاجر في أركان العالم الأربعة، فإن على هؤلاء الاعتصام أمام سفارات السودان تعبيراً عن تأييدهم لإقامة نظام جديد بكل الوسائل، ما عدا العنف والاستنصار بالأجنبي». وحذّر المهدي من أن البلاد تندفع مسرعة نحو الهاوية «فالجسم الوطني تمزّق، والاقتصاد مأزوم، وجبهات الاحتراب الأهلي متسعة». ورأى أن الأحوال تزداد تدهوراً وأن الحكومة لا تفكّر في حل الأزمة المالية إلا بمزيد من الأعباء على المواطنين وتبديد مال الدولة في «مؤتمرات تُسخّر فيها أجهزة الدولة وأموالها لتظاهرٍ زخرفيّ لا يُسمن ولا يغني من جوع».