أعلنت الخرطوم أمس إحباط «محاولة تخريبية» لنشر الفوضى واضطرابات في البلاد واغتيال رموز في الحكم، وأوقفت 13 شخصية عسكرية وأمنية ومدنية محسوبة على التيار الإسلامي الحاكم، أبرزها المدير العام لجهاز الأمن والاستخبارات السابق الفريق صلاح عبدالله «قوش». وأعلن وزير الإعلام أحمد بلال عثمان اعتقال 13 شخصية عسكرية وأمنية ومدنية، بينها الفريق صلاح عبدالله «قوش» وكل من قائد سلاح النقل السابق اللواء عادل الطيب والعميد في الاستخبارات العسكرية محمد إبراهيم الشهير ب «ود إبراهيم». وكشف الوزير في مؤتمر صحافي، أمس، أن الأجهزة الأمنية ظلت ترصح حراكاً للمجموعة، وتجمعت لديها معلومات أنها تسعى إلى إحداث فوضى واغتيال بعض قادة الحكم وضرب استقرار البلاد. وأوضح أن «المجموعة التخريبية» حددت الخميس 15 تشرين الثاني (نوفمبر) الجاري «ساعة الصفر» لتنفيذ مخططها، لكنها عدّلت ساعة التحرك إلى أمس الخميس، مشيراً إلى أن السلطات كان أمامها خياران، إما الانتظار حتى تتحرك المجموعة أو توقيف أفرادها «احترازياً» لتجنيب البلاد ما يمكن أن يحدث. وذكر أن المتهمين اطلقوا إشاعات منظّمة في شأن مرض الرئيس عمر البشير، بغرض تهيئة الرأي العام وإعداد المسرح لمحاولتهم، مؤكداً أن المجموعة ظلت تخطط منذ تلك الفترة، ولم تكن محاولتهم وليدة اللحظة. وكشف أن السلطات ظلت ترصد اتصالات أجراها المتهمون مع جهات داخلية وخارجية، لافتاً إلى أن هناك «أحلاماً» تراود بعض الأحزاب في الداخل والخارج لتهيئة المسرح لاسقاط النظام ولكنها «أحلام بلا سيقان». وراجت معلومات لم يمكن التحقق من صحتها أن لائحة المعتقلين تتضمن اللواء كمال عبدالمعروف قائد القوة التي حررت منطقة هجليج من الجيش الجنوبي، واللواء فتح الرحيم عبدالله قائد القوة السودانية - التشادية المشتركة، وقائد سلاح المدرعات السابق اللواء صديق فضل. وقالت مصادر مطلعة ل «الحياة» إن العناصر المدنية المعتقلة من شباب الإسلاميين المجاهدين من المتطوعين في قوات الدفاع الشعبي التي تقاتل إلى جانب الجيش، ولديهم ارتباط وثيق مع قيادات عسكرية ضمن المتهمين مثل العميد «ود إبراهيم»، موضحة أن «شباب المجاهدين» عقدوا لقاءات في ولايات مختلفة خلال الشهرين الماضيين تدعو إلى إصلاح وتغيير ومراجعة وسط الإسلاميين الحاكمين. وأفادت أن من بين المجموعة المعتقلة قيادت عسكرية ساهمت في الانقلاب الذي حمل البشير إلى السلطة قبل نحو 23 عاماً، مثل اللوء صديق فضل الذي تحدثت مواقع تدوين قبل شهور عن خلاف بينه وبين وزير الدفاع الفريق عبدالرحيم محمد حسين، وتدخل البشر لاحتوائه قبل نقل فضل من سلاح المدرعات إلى شرق البلاد ثم احالته على التقاعد أخيراً. ورشحت صحف محلية قريبة من السلطة في وقت سابق اللواء كمال عبد المعروف لخلافة البشير في الرئاسة عقب انتهاء دورته الحالية باعتباره من القيادات العسكرية التي تحظى باحترام وسط الجيش، وسطع اسمه شعبياً عقب قيادته القوة التي استعادت منطقة هجليج من الجيش الجنوبي في وقت سابق هذه السنة. كما تم ترشيح العميد «ود إبراهيم» لوزارة الداخلية ثم الدفاع باعتباره من المقاتلين الذين يتمتعون بقوة الشخصية والتأهيل العسكري المتقدم. أما قائد المجموعة «التخريبية» الفريق صلاح «قوش» فتولى رئاسة جهاز الأمن والاستخبارات في العام 2002 بعدما كان مسؤولاً عن العمليات في الجهاز، واستمر في موقعه حتى أقيل بصورة مفاجئة في آب (أغسطس) 2009، وصار مستشاراً للرئيس لشؤون الأمن القومي، ثم أقيل أيضاً بعد مباشرته حواراً مع المعارضة، فدخل البرلمان وأنشأ شركة للاستثمار، وهو يتمتع بعلاقات مميزة مع جهات خارجية. وقال مسؤول الشؤون السياسية في حزب المؤتمر الشعبي المعارض كمال عمر إن المعارضة لا صلة لها بما يُدّعى أنه انقلاب عسكري وأن المعارضين تفاجأوا باعلان اعتقال «المجموعة التخريبية». وذكر انهم يتبنون منهج التغيير السلمي القائم على الاحتجاجات السلمية والتظاهرات، وقال إن النظام يعاني من انقسامات داخلية وحال يأس واحباط داخله وإن هناك «تصفية حسابات» بين أطراف متخاصمة. وقال إنهم يخشون أن تستغل السلطات ما حدث لمزيد من الاعتقالات وسط القوى المعارضة ولمزيد من كبت الحريات.