واجه رئيس المجلس الأوروبي رئيس القمة الأوروبية المنعقدة في بروكسيل هيرمان فان رومبوي أمس اعتراضات من قادة الدول الأعضاء حول قيمة موازنة 2014 - 2020، فكل منهم دافع عن مصالح بلاده، إن بالمطالبة بخفض حجم الموازنة المقترحة (972 بليون يورو)، مثلما تدعو بريطانيا، أو بالمطالبة بتعديل بنودها لصالح السياسة الزراعية وصناديق التنمية، مثلما تشدد فرنسا وبولندا. وعقد الزعماء الأوروبيون اجتماعات ثنائية مع فان رومبوي طوال أول من أمس قبل محاولة أولى للتوصل إلى اتفاق في لقاء جماعي دام ثلاث ساعات ليل الخميس - الجمعة، تبعها تعليق القمة التي استؤنِفت ظهر أمس. وشكّكت المستشارة الألمانية أنغيلا مركل في إمكان التوصل إلى اتفاق، وقالت بعد تعليق القمة ليل الخميس - الجمعة: «أحرزنا تقدماً لكن أشكّك في إمكان التوصل إلى اتفاق». ورأى الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند إمكان التوصل إلى اتفاق على مراحل إذ اعتبر أن قمة اليومين الماضيين «ليست قمة الفرصة الأخيرة». وقال فان رومبوي إن المشروع المقترح «موازنة معتدلة تتناسب مع مقتضيات المرحلة ويجب علينا الالتزام بالحساسية والواقعية - الحساسية تجاه المشكلات التي يعانيها كل من الدول الأعضاء في إيجاد الموارد المالية الكافية لحفز النمو. والواقعية في أن تأخذ الدول الأعضاء في الاعتبار ضيق هامش المناورة بالنسبة إلى كل منها». وقال رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كامرون قبل بدء الجلسة الثانية ظهر أمس: «لم نحرز تقدماً كافياً. والمشكلة تكمن في أننا لم نحرز تقدماً في خفض الموازنة المقترحة. فالوقت ليس وقت تحويل الموارد من بند إلى آخر»، وذلك في إشارة إلى تعديلات أدخلها فان رومبوي. ويقترح فان رومبوي في مشروع الموازنة الموازي ل 1.01 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي لدول الاتحاد مجتمعة، تعديلات وفق طلبات الدول الأعضاء لجهة رفع موازنة السياسة الزراعية بقيمة ثمانية بلايين يورو إلى 373 بليوناً. وتعد فرنسا الأكثر استفادة من هذا البند. وعقّب هولاند بالقول إن الموازنة الأوروبية تعتمد على «ركيزتين أساسيتين، هما السياسة الزراعية وصناديق التنمية». وتضمن السياسة الزراعية المشتركة تحويلات مباشرة للمزارعين وموارد في نطاق التنمية الزراعية المستدامة. وزاد فان رومبوي رصيد صناديق التنمية بنحو 10 بلايين يورو إلى 319 بليوناً، وهو ما يرضي بولندا التي تعد من ناحيتها أكبر مستفيد من صناديق التنمية الأوروبية. وحصلت وارسو على نحو 11 بليوناً في 2011 في شكل هبات تستثمر في تطوير البنية التحتية ومشاريع تطوير المناطق الفقيرة. ويقترح مشروع الموازنة خفض موازنة المشاريع الكبرى، البنيات التحتية والتكنولوجيا الرقيمة بقيمة 5 بلايين يورو وتقييد الإجمالي إلى 41 بليوناً. وتراهن المفوضية على تطوير المشاريع الكبرى لحفز النمو الاقتصادي وإحداث وظائف. وستُخفض موازنة السياسة الخارجية وتشمل مشاريع التعاون مع الأطراف الأخرى إلى 60 بليون يورو. وقال رئيس المفوضية الأوروبية مانويل باروسو أن التخفيضات المقترحة قد تؤثر سلباً في جهود استعادة النمو الاقتصادي. وتحدثت مصادر القمة عن «بعض التطور» في موقف رئيس الوزراء البريطاني كامرون. وتوقعت فرص رفع السقف الذي كان حدده للموازنة المشتركة إلى أكثر من 890 بليون يورو الذي تطالب به بريطانيا. وحول المبالغ التي تستردها بريطانيا من موازنات اتحادية سابقة، قال هولاند إن «التفاوض في هذا الشأن يتركز حول من يسدد قيمة الصك إذ تعد فرنسا ثاني أكبر مساهم في موازنة الاتحاد». وتطالب فرنسا وألمانيا وإيطاليا بخفض المبلغ الذي تسترده بريطانيا بقيمة بليون يورو من أصل 3.5 بليون في السنة. وتوقع رئيس البرلمان الأوروبي مارتن شولتز فشل القمة. وقال بعدما شارك في الجلسة الأولى ليل الخميس - الجمعة إن «هامش التحرك يبدو ضيقاً. ويرجَّح أن القمة لن تنجز الاتفاق». ويتمتع البرلمان الأوروبي بصلاحيات كاملة في شأن الموازنة إذ يمكنه تعطيلها. وحذر شولتز من «عدم وجود فرصة كي يصادق البرلمان على الموازنة المقترحة». ودعا في مداخلته في الجلسة إلى مراجعة سياسات التقشف و»الاعتراف بعواقبها» على الأوضاع الاجتماعية إذ يضم الاتحاد 25.8 مليون عاطل من العمل. وتحتاج أوروبا إلى النمو سبيلاً لحل مشكلة الديون فلا تكفي سياسة التقشف لمعالجة مشكلة ارتفاع الديون السيادية.