أكد قادة الاتحاد الأوروبي تمسكهم ببقاء اليونان داخل منطقة اليورو وفق التفاهمات المبرمة معها. وقال رئيس المجلس الأوروبي هيرمان فان رومبوي: «نريد بقاء اليونان في منطقة اليورو ونريد منها الوفاء بالتزاماتها». لكن مصادر مطلعة كشفت عن محادثات أجريت مطلع الأسبوع في بروكسيل حول تداعيات خروج اليونان من منطقة اليورو على كل من دول العملة الواحدة. وشدد فان رومبوي على انعقاد القمة الاستثنائية ليل أول من أمس يهدف إلى البحث عن وسائل لحفز النمو إلى جانب الالتزام بمواصلة برامج التقشف وخفض العجز العام. ومكّنت القمة الرئيس الفرنسي الجديد فرنسوا هولاند من عرض اقتراحات حول وجوب إيجاد موارد مالية مشتركة لاستعادة النمو. وتشمل الاقتراحات إصدار سندات أوروبية مشتركة لمساعدة الدول التي تعاني ضائقة مالية وأولها اليونان المهددة بالإفلاس والتخلي عن اليورو وكذلك إسبانيا التي تواجه ارتفاع أسعار الفائدة على الديون السيادية وصعوبات التدخل للمساعدة على إعادة رسملة المصارف. ورفضت المستشارة الألمانية أنغيلا مركل الاقتراح الفرنسي وقالت إن «السندات الأوروبية لا تشكل مساهمة في حفز النمو». وتشارك مركل الرأي مع هولندا وفنلندا والسويد. لكن الرئيس هولاند أصر على إدراج الاقتراح في جدول أعمال القمة المقبلة في 28 و29 حزيران (يونيو) في بروكسيل. ويحظى اقتراح الرئيس الفرنسي بدعم المفوضية الأوروبية وإيطاليا وصندوق النقد الدولي ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية. وقال رومبوي إن الحديث عن «تناقض خفض عجز الموازنة واستحقاق النمو» يعد جدلاً معدوم الفائدة، ف «لا يمكن ضمان النمو المستدام من دون تصحيح أوضاع الموازنة كما لا يمكن خفض عجز الموازنة والتحكم في الديون السيادية من دون نمو مستدام». وسيقدم فان رومبوي، بالتعاون مع رئيس المفوضية خوسيه مانويل باروسو ورئيس مجموعة اليورو جان كلود يونكر ورئيس البنك المركزي الأوروبي ماريو دراغي في اجتماع القمة في الشهر المقبل، تقريراً حول حوافز تشجيع النمو ومنهجية العمل من أجل أن يدخل الاتحاد النقدي والاقتصادي مرحلة جديدة، وإصدار السندات المشتركة تقتضي تعميق اندماج الاتحاد الاقتصادي والنقدي. تمهيد وأكدت الناطقة الرسمية باسم المفوضية بيا اهرينكيلدي هانسن أن محادثات القمة الاستثنائية مهدت القضايا التي ستعرض على القمة المقبلة والمصادقة خلالها على المقررات التي من شأنها «استعادة الاستقرار المالي لمنطقة اليورو». وقال فان رومبوي إن القمة بحثت «ثلاثة أعمدة للتنمية تعتمد على استراتيجية الاتحاد الأوروبي لعام 2020. وسيعمَل قريباً على تعبئة السياسات الأوروبية لحفز النمو، ومضاعفة جهود الاستثمار حتى تتمكن المؤسسات الصغرى والمتوسطة من الحصول على القروض وإيجاد فرص عمل». ويمكن تأمين قروض الاستثمار من خلال إعادة توجيه موارد صناديق التنمية. ودعت القمة أيضاً البنك الأوروبي للاستثمار إلى زيادة رأس ماله الشهر المقبل من أجل تمويل مشاريع. وقد تصل زيادة رأس مال البنك بقيمة 10 بلايين اليورو تمنح في شكل قروض لتمويل مشاريع تطوير البنى التحتية. واستبعدت القمة اتخاذ قرار الآن في شأن اقتراح هولاند المرتبط بمدى تقدم الدول الأوروبية الأعضاء في منطقة اليورو في توحيد السياسات المالية والضريبية. وتعتقد ألمانيا أن إصدار السندات المشتركة في ظل الظروف الجارية قد تشجع دول جنوب أروربا على التسيب في إدارة عجز الموازنات. ويهدف اقتراح إصدار السندات المشتركة الأوروبية إلى شراء الديون السيادية لدول الاتحاد ما يوفر عنها متاعب تداعيات أسعار الفائدة المرتفعة في أسواق المال. وقالت مركل عن اليونان إن احترام التزامات خفض عجز الموازنة العامة وتنفيذ الإصلاحات الهيكلية تمثل شرطاً لاستمرار عملة اليورو وحصول أثينا على مساعدات الاتحاد. وتعاود اليونان في 17 من الشهر المقبل الانتخابات العامة بعد إخفاق الأحزاب السياسية بعد الانتخابات الماضية هذا الشهر في تشكيل حكومة على خلفية تفتت المشهد السياسي وتضارب مواقف مختلف القوى السياسية إزاء صفقة القروض التي قدمها الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي لإنقاذ البلاد من الإفلاس. وحصلت اليونان على قروض بقيمة 174 بليون اليورو منذ 2010. ودعا هولاند إلى «إعادة توجيه موارد صناديق التنمية الأوروبية من أجل حفز النمو في أجل قريب». سيناريوات ويتحسب الأوروبيون لكل سيناريو قد تنتهي إليه الانتخابات العامة في اليونان إذ تعد بمثابة استفتاء حول عضوية البلاد في منطقة اليورو. وبمقدار حرصهم المبدئي والعلني على التمسك بعضوية اليونان في منطقة اليورو يبحث الخبراء وراء أبواب مغلقة في جردة الحساب التي ستترتب عن خروج اليونان من منطقة اليورو. ونقلت مصادر مطلعة أن محادثات أجريت الاثنين الماضي حول وجوب تخطيط كل من دول منطقة اليورو للتداعيات التي ستطاولها نتيجة انسحاب اليونان من العملة الواحدة. وانعكس غموض الوضع في منطقة العملة الواحدة إذ هبطت الأسهم في الأسواق الأوروبية وتراجع سعر صرف اليورو إلى أدنى مستوى منذ سنتين تقريباً. لكن مصادر القمة الاستثنائية أكدت عدم البحث في إشكالية تخلي اليونان عن عملة اليورو. وقال هولاند: «إذا تحدثنا عن خروج اليونان في صفة علنية نكون أطلقنا رسالة في اتجاه اليونانيين والأسواق أيضاً».