إطلاق تقويم فعاليات شتاء السعودية    «هيئة العقار» تُعلن بدء التسجيل العيني لأكثر من 87 ألف قطعة عقارية بمدينة الدمام ومحافظة الخبر    فيصل بن فرحان يتلقى اتصالًا هاتفيًا من وزير خارجية أمريكا    أباتشي الهلال تكتسح النصر وتحقق ذهبية دورة الألعاب السعودية الثالثة    26 ورشة وجلسة متخصصة في معرض الصقور والصيد السعودي الدولي    لقاء علمي يبحث الوقاية من فيروس الجهاز التنفسي المخلوي    ليفربول يفوز على كريستال بالاس ويعزز صدارته للدوري الإنجليزي    آل عقيل وآل زيد يحتفلان بزفاف عبدالإله    مدير مكتب التعليم ببيش في يوم المعلم: نفخر بالإنجازات المتتالية للمعلمين والمعلمات وما يقدمونه من جهود مشكورة    «تقني عسير» يختتم تدريب السيدات على صيانة السيارات    أمانة تبوك تنظم ورش عمل مشتركة مع القنصلية الأمريكية    الإدارة العامة للأسلحة والمتفجرات تشارك في معرض الصقور والصيد السعودي الدولي 2024    قاعدة الملك فيصل الجوية بالقطاع الشمالي تحتفل باليوم الوطني 94    القوة الدافعة وراء تشكيل جيل قادر على التنافس عالميًا    القيادة تهنئ سلطان بروناي دار السلام بذكرى توليه مقاليد الحكم في بلاده    آل زلفة: الصدفة قادتني ل 1000 وثيقة في متجر لبيع الصحون وقدور الطبخ!    إسرائيل تؤكد مقتل خليفة نصرالله ومرافقيه    هل تهاجم إسرائيل إيران 7 أكتوبر؟    زيلينسكي: سأطرح "خطة النصر" في اجتماع الحلفاء في ألمانيا    ضبط (22094) مخالفًا لأنظمة الإقامة والعمل خلال أسبوع    ثاني أكبر روافد نهر الأمازون بالبرازيل يسجل أدنى منسوب للمياه بسبب الجفاف    جمعيتي "طويق" و"العمل التطوعي" تحتفلان باليوم الوطني بعشرة أركان تفاعلية    "سلمان للإغاثة" يدشّن مشروع توزيع المساعدات الغذائية للأسر الأكثر احتياجًا في جمهورية قرغيزستان    اليوم عرسك    رياح مثيرة للأتربة والغبار على الشرقية والرياض والمدينة    "المركزي الروسي" يرفع سعر الروبل مقابل العملات الرئيسية    السجن مدى الحياة ل«مغتصب التلميذات» في جنوب أفريقيا    خوفاً من الورثة.. مغربية تحتفظ بجثة والدتها !    6 توصيات لتعزيز الهوية الثقافية ودعم الاستثمار في تعليم اللغة العربية محلياً و دولياً    هل أوقف الاتحاد الدولي المُلاكمة الجزائرية إيمان خليف وجردها من ألقابها ؟    الفتح يختتم تحضيراته لمواجهة التعاون    في مباراة الفريق أمام الرياض .. القادسية يحتفي بوزير الإعلام "الدوسري"    عبدالعزيز بن سلمان يشارك في اجتماعات مجموعة العمل الخاصة بالتحولات في مجال الطاقة    العربي يتغلّب على العين بثلاثية في دوري يلو    الجيش الأميركي يعلن قصف 15 هدفا للحوثيين في اليمن    جمعية الأدب تعتمد 80 سفيراً في 30 مدينة    محافظ الطائف يعزي أسرة الحميدي في فقيدهم    مسؤولون وأعيان يواسون أسرتي القاضي وآغا في فقيدتهم    لوحة «ص ق ر 2024» لمركبة «المرور» تلفت أنظار زوار «الداخلية» في معرض الصقور والصيد    انطلاق حملة الحي يحييك للاحياء السكنية بالمنطقة الشرقية    رصد طائر «سمنة الصخور الزرقاء» في الحدود الشمالية    ب 3 مناطق.. مركز «911» يتلقى 98 ألف مكالمة خلال 24 ساعة    إمام المسجد النبوي: آية ((إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ )) تحمل في طياتها معاني عميقة    وفاة 866 شخصًا بمرض جدري القردة في أفريقيا    "الصحة العالمية"تستعدّ للقيام بالجولة الثانية لتلقيح أطفال غزة ضدّ شلل الأطفال    أحلام على قارعة الطريق!    مدير تعليم الطائف يطلق مبادرة غراس لتعزيز السلوك الصحي    90 مبادرة لأمانة الطائف تعزز الوعي البيئي وتدعم الاستدامة الخضراء    الأمير سعود بن نهار يعزي أسرة الحميدي    2238 مصابا بالناعور في 2023    تعيين عدد من الأئمة في الحرمين الشريفين    أول فريق نسائي من مفتشي البيئة في المملكة يتمم الدورية رقم 5 آلاف في محمية الأمير محمد بن سلمان الملكية    بدء الاجتماع الطارئ لمجلس الجامعة على مستوى المندوبين لبحث التحرك العربي للتضامن مع لبنان    نيابة عن ولي العهد.. وزير الخارجية يشارك في القمة الثالثة لحوار التعاون الآسيوي    خادم الحرمين يهنئ رئيس غينيا بذكرى الاستقلال ويعزي رئيس نيبال في ضحايا الفيضانات    تثمين المواقع    وزير الداخلية يعزي ذوي شهيد الواجب أكرم الجهني    مفتي عام المملكة يستقبل مفوّض الإفتاء بمنطقة جازان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عن السوريين وحرب إسرائيل على القطاع...
نشر في الحياة يوم 22 - 11 - 2012

بعيداً من الانفعالات والعواطف، ثمة جديد أحدثته حرب غزة عند السوريين جوهره أن هذه الحرب تعنيهم هذه المرة أكثر من أي مرة، لأنها ببساطة حولت الأنظار عن ثورتهم ومعاناتهم وصرفت زخم الاهتمام الدولي بأحوالهم ما إن حط رحال الانتخابات الأميركية.
«ليس وقتها» عبارة تسمعها في تعليق الكثير من السوريين على ما يجري في غزة، وكأنها تشي بعتب أخوي على الفلسطينيين الذين خرقوا الهدنة وأطلقوا بعض صواريخ القسام واستجروا ردود أفعال من عدو يعرفون عنجهيته وعدوانيته وأنه سيفرط في «العقاب». هو لا يحتاج الى ذريعة، لكنه يبحث عنها كي يبرر حربه مع اقتراب انتخابات الكنيست التي عادة ما تفتح شهية الحكومات الاسرائيلية على عمل عسكري واسع توظفه في رسم خريطة الكتل البرلمانية.
والحال أن السوريين، وعلى رغم شدة معاناتهم، يضمرون رغبة بألا يشوش أحد على ثورتهم الصاعدة أو على الخطوة التي خطتها المعارضة بولادة الائتلاف الوطني، أو يحرف الأنظار عن أوضاعهم، وهو ما حصل فعلاً وقد انتقلت أخبارهم وما يكابدونه إلى مرتبة ثانية، والأهم أنهم لا يريدون منح السلطة فرصة لإطلاق يدها في الفتك والتنكيل مطمئنة إلى انشغال العالم كله في حرب غزة، وإلى أن ردود أفعاله إن صدرت فستبقى في أدنى الحدود.
يدرك السوريون انهم يقارعون نظاماً يدّعي المقاومة، ويخشون أن تفتح حرب غزة بوابة على متغيرات تعيد اليه والى أطراف محور الممانعة بعضاً من دور إقليمي ينحسر، أو تفضي إلى خلط الأوراق وخلق تحول في التفاعلات السياسية الجارية في الدوائر الغربية والعربية حول استقرار المنطقة والموقف من النظام السوري تزيد قلق المتشددين وتشجع دعاة التريث والتعاطي الاحتوائي.
ولعل اهم ما يخشونه أن تمنح حرب غزة النظام فرصة كبيرة للتعبئة ولإحياء الشعارات الوطنية، وهو ما حصل بالفعل وطغى على المشهد الاعلامي الرسمي الذي يتحدث اليوم عن وحدة المصير بين غزة وسورية، والربح مغازلة القوى التي لا يزال الهم الوطني يحتل الأولوية لديها والترويج أكثر لفكرة المؤامرة والجماعات المرتبطة بأجندة خارجية للطعن بالثورة والتشكيك بصدقيتها، وتالياً لتشويه سمعة المعارضة وشق صفوفها بين من يجدون الحرب أشبه بمؤامرة وتواطؤ مع حكومة نتانياهو لتمكين استمرار النظام السوري، وبين من لا يكترثون بها وهم الغارقون في معاناة تشبه التعذيب اليومي، وبين من يدعمها ويعتبرها استمراراً لما سمّاه «الربيع العربي الاسلامي» الذي يفترض أن يتوج بانتصار أمة المسلمين وتحرير فلسطين من رجس الاحتلال الصهيوني.
تُسمع أحاديث تجد أن ما يجري في غزة هو مطلب للنظام السوري وحلفائه لتحويل الأنظار عن سورية والاستفراد بثورتها والنيل منها، أو لمحاصرة شعارات الحرية والقيم التي كرسها «الربيع العربي»، بإحراج الحكومات التي أنجبتها الانتخابات وإعادة الاعتبار الى أولوية الامن والسيطرة والضبط أمام خطر خارجي داهم، بينما يعتبر آخرون أن هذا التحليل التآمري لا يملك حظاً في الحياة لأن لدى حماس وكتائب القسام دوافع بنيوية ضخّمتها النتائج التي حققتها الثورات العربية والوزن الكبير للإسلاميين فيها ووصولهم الى السلطة في مصر، ودليلهم تعميم أفكار تقول إن هذه الحرب ستقود اليوم إلى انتصار حقيقي، تغذيها، من جهة، عقلية الغلبة ذاتها التي قبضت على العنق الفلسطيني في غزة لسنوات طويلة وتعول على سلاحها في الردع وفرض الشروط، ومن جهة ثانية، العنف الاسرائيلي المنفلت كما حال العنف السلطوي السوري الذي عزز مكانة التطرف ومن تفتنهم لغة القوة والعنف.
ربما لا تفضي حرب غزة الى إعادة شعبية قوى الممانعة والمقاومة، فالناس ملت شعاراتهم وعافتها النفوس، وهي أكثر من خبر كيف وظفت لتعزيز أسباب الاستئثار والقمع والفساد، وربما لن تكسب الفئات المترددة أو السلبية إن لم تشجعها على حسم خيارها في دعم رياح التغيير و «الربيع العربي»، لكن ألن تتغير هذه المعادلة في حال سنحت الفرصة للنظام السوري أو ل «حزب الله» للاستثمار في هذه الحرب؟
إذا كانت العبر المستخلصة من التجارب المريرة أهم حافز أمام المجتمعات لتجنب تكرار الخطأ ولاختيار المسار الصحيح وهو ما اختارته الشعوب العربية في ثوراتها، فإن هناك قوى لا يستهان بها تصر على منح مزيد من الفرص للعقلية القديمة نفسها وتشغيل الاسطوانة الدعائية المشروخة ذاتها. والحال، إن الاستمرار في هضم الحقوق العربية وبخاصة الفلسطينية وانحياز المجتمع الدولي بصورة سافرة الى مصلحة إسرائيل، بعنجهيتها ووحشيتها، عوامل تلعب دوراً مهماً في منح المشروعية لهذه القوى والترويج لمنطق القوة والمكاسرة في خوض الصراع، ما يعني الطعن بالحقيقة الأهم التي كرستها الثورات عن دور الشعوب في تقرير مصيرها ورسم مستقبلها، وتالياً بالدروس التي تعلمتها مجتمعاتنا من تجاربها المريرة عن أولوية تحرير الإنسان وبناء الدولة الديموقراطية كمقدمة لا غنى عنها لإعطاء المسألة الوطنية معناها الحقيقي.
حزن السوريين على مقتل أي فلسطيني عميق، وقلقهم من احتمال تطور غير محمود للأحداث في غزة عميق أيضاً، ليس فقط لأنهم يناهضون إسرائيل ويناصرون حقوق الفلسطينيين، بل بدافع من رغبة صادقة بألا تذهب الأمور نحو إغراق غزة من جديد في دوامة العنف الأعمى وحمامات الدم التي يعيشونها يومياً.
«لا تزال أيادينا على قلوبنا ونأمل ألا تصل الأمور في غزة إلى حرب تدمرها»، يستهل أحدهم حديثه ويستدرك متمنياً نجاح خيار التهدئة، وحماية شعارات «الربيع العربي» عن الحرية والكرامة قبل أي شيء آخر. في أول اختبار ميداني لحساسيتهم الوطنية، بدا السوريون أصحاب ثورة حقيقية لنيل حريتهم وأن لا شيء يمكنه أن يفل من عزيمتهم لإكمال المشوار. «ما لنا غير الله، لم نعد نريد من أحد شيئاً»، تسمع عبارة هامسة تليها كلمات واضحة: «ما حك جلدك مثل ظفرك»... هكذا علّمنا أجدادنا.
* كاتب سوري


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.