لم تكن الملكة فيكتوريا ملكة بريطانيا في أواسط القرن التاسع عشر الميلادي عندما ارتدت فستان زفافها الأبيض يوم زواجها من الأمير ألبرت، لم تكن تعلم أن هذا الفستان الأبيض والطرحة التي وضعتها سوف يصبحان تقليدا عالميا سوف تتخذه بنات جنسها عرفا في كل مكان في العالم ولمئات السنين. فتلك الملكة الحسناء عندما ارتدت فستانا أبيض ناصعا في زفافها، أحدثت صدى كبيرا بين الناس، فقلدوها حتى الآن، ومع مرور الزمن وسيطرة الموضات المختلفة على أفكار الفتيات عبر الأجيال المتلاحقة، بدأ هذا التقليد في التطور بين طرز متفاوتة ومتنوعة في الشكل واللون أيضا، فتدرج اللون الأبيض إلى ألوان أخرى منها البيج والأوف وايت وغيرهما حسب اختيار العروس. وحول فستان العمر كما تطلق عليه الفتيات تقول منى الزاهر إن ارتداء الفستان الابيض كان حلما يراودها لفترات طويلة، ولكن عندما حان وقت ارتدائه اختلفت ووالدتها حول تصميمه ولونه، ما بين الأبيض والبيج، لتختار والدتها الابيض باعتباره اللون المعتاد للعروس في ليلة زفافها، بينما هي كانت تبحث عن أحدث صيحات الألوان. وتتذكر أم نجلاء الحربي عند زواجها قبل أربعين عاما أنها ارتدت فستانا بسيطا من اللون الابيض، ولكن ابنتى في يوم زفافها ارتدت فستانا ذا لون مائل للذهبي رغم معارضتي لذلك اللون، ولكن استجبت لرغبتها. وحول اختلاف الأذواق في اختيار تصميم فساتين الزفاف تقول مصممة الأزياء أماني عبدالواسع إن الفتيات كن يرتدين يوم زفافهن الفستان الابيض ذا الأكمام الطويلة والمنفوش أسفل الخصر، وكان ذلك من حوالي عشرين عاما، ولكن اليوم اختلف الوضع فالعروس أصبحت تطلب فستانا أكثر تطريزا، عدا أن البعض يفضلنه ضيقا والبعض يفضل الواسع ذا الأكمام القصيرة. وأشارت إلى أن هناك ألوانا أصبحت دخيلة على فستان الزفاف والذي لم يعد ابيض، فهناك الفساتين «الأوف وايت» واللون البيج، والتي أصبحت موضة عند البعض رغم أن هناك العديد من الفتيات لدينا لا يعرفن حقيقة أن ترتدي العروس فستانا ذا اللون «البيج»، ففي الغرب معنى أن ترتدي العروس لونا مخالفا للأبيض كالبيج أو الاوف وايت، معناه أن الفتاة سبق لها الزواج، بينما الفتاة التي ترتدي الفستان الأبيض فتعني لهم في الغرب أنها «عذراء» لم يسبق لها الزواج، وذكرت أن الفتيات لدينا في المجتمعات العربية تجهلن الفرق بين اللون الأبيض واللون البيج فأخذنه كموضة. تاريخ متوارث وعن تاريخ الفستان الابيض قالت أماني إنه كان يظهر بعدة ألوان، والأسود كان له شعبية كبيرة قبل العصر الفيكتوري وخاصة بالدول الاسكندنافية، وكانت العرائس من العائلات الثرية غالبا ما يلبسن الألوان الغنية والأقمشة الخاصة، وكان من الشائع أن نرى بعضهن يرتدين ألوانا جريئة وطبقات من الفرو، والحرير والمخمل لانه لم يكن اللون الأبيض لون فستان الزفاف معروفا من قبل، فكانت النساء قبل القرن ال19 يرتدين أجمل ما عندهن من ملابس مهما كانت ألوانها إلى أن جاءت ملكة بريطانيا فيكتوريا عام 1840م، وارتدت فستانها الأبيض الشهير في زفافها وقلدتها الفتيات حتى الآن. وتوضح أماني ان التفتة والدانتيل والتل من أهم الاقمشة التي تستخدم في تصميم فستان الزفاف، وتنصح الفتاة لكي تظهر أصغر سنا ان ترتدي خامة التل. ويبقى فستان الزفاف هو حلم الفتاة الأثير الذي يدخل البهجة على قلبها، وقلوب كل من يراه، وهو ما عبر عنه التراث الغنائي العربي عبر سنوات طويلة، والذي غنى لفستان الزفاف العديد من الأغاني، ربما أرقها أغنية محمد فوزي: «فستان الزفاف والطرحة.. عنوان الهنا والفرحة.. وقلوب البنات عاشقاه».