ترى البعض من زوجات الصيادين أن الصيد يصقل الرجال بمهارات وأسرار تعد مكتسبة من قبل الطبيعة الصامتة العظيمة، وعلى حد قول ماهرة سيد علي زوجة صياد «إن الصيد مدرسة الطبيعة الصامتة»، وذكرت أن «الصيد هواية كان أم مهنة فالأمر ليس بالهين، إنه محدث لتوازن رهيب في شخصية الصيادين أنفسهم». وقالت: «إن زوجي ذو مزاج ومراس عصبي، لكنه من خلال ممارسة مهنة الصيد، تجرع الصبر والحكمة،كان يثور على أتفه الأسباب، والصغائر تصبح في حياته كبائر، ثمة تغير كبير أدخلة الصيد على حياته، أنه الآن أكثر صبراً وحكمة». وتصف عفاف حسين تأثير مهنة زوجها الصياد على حياتها وتقول: «شباك الصيد لا يستطيع وحده صيد الأسماء، إنها الجملة الأولى ذات التأثير الأول على حياتي والتي قالها لي زوجي يوم عقد قراننا». وأضافت: «كنت أعتقد أن حالي سيكون أفضل مما أنا عليه فيما لو تزوجت برجل يعمل في وظيفةٍ أخرى ثابتة الرزق، لكنني أحببت العمق والفكر في حياة صيادي، والبعض من المفاهيم التي تعلمتها منه علمتها أياه حياة في البحر والطبيعة، (الإيمان،الفراسة والصبر) معتقدات دخلت إلى بيتي ومنحت حياتنا من العمق الكثير». وفي السياق ذاته، قالت مهدية علي: «والدي وإخوتي صيادون،من خلالهم أحببت أن يكون زوجي صياداً، إن الحياة التي عشتها مع عائلتي كانت أشبه برحلة إلى القدر المجهول، كل يوم نودعهم داعين لهم بالسلامة، ونستقبلهم وكأننا نستقبل مسافرين قادمين من بعيد، إن الرزق آت بفضل من الله الذي لا يضيع مجهود أحد، لكن ما يسعد حياة الصيادين بشكلٍ عام، أنهم أناس بسطاء، البعض منهم كعائلتي بلغت حداً من الثراء المتوسط، لكنهم مع ذلك باقون على البساطة والتواضع، ولا تزال كلمات جدي حاضرة في ذهني حين كان يقول: «الصيد يختلف عن بقية المهن لكونه يزيد الإنسان إيماناً بأن يكون نقياً برغم كل شيء». وفي الجانب ذاته، تذكر اعتدال صادق البعض من المواقف الفكاهية في حياتها مع زوجها الصياد وتقول: «حين تزوجت كنت في سن ال18 من عمري،كنت أضع يدي على أنفي من شدة الرائحة الكريهة التي يستقبلني بها زوجي كل يوم، الرائحة التي لا يخلصها أعمق عطرٍ في العالم من جسده، ومع ذلك كان يقابل تصرفي المزعج بالابتسامة»، أكملت وهي تبتسم «تعلمت من صيادي الصبر، ولطالما كان يخرج كل يوم لا يعلم عن مصيره ورزقه وحياته، لكنه كان شديد الصبر وكثيراً ما كان يقابل ثرثرتي بطلبه الملح لي بالخروج معه في رحلة صيد يوماً ما، إنه يكرر دوماً أن التأمل في طبيعة الله، يثقل القلب بمعان عميقة تلصقها بقلبه وروحه ومن أهمها الصبر والإيمان والثقة بالله». وتضيف المصورة الفوتوغرافية علوية صادق إن «الطبيعة هي أجمل لقطة يمكن للمصور الفوتوغرافي أن يورثها للأجيال، منذُ 10 أعوام ذهبت في رحلة صيد عائلية، وبجانب المكان الذي كنت فيه كنت أراقب الصيادين الذين كانوا بجوارنا، كانوا متعاونين، ينقلون أمتعتهم بطريقة مثيرة للنظر، كانوا يبتسمون، يبدون استعدادهم لعملهم أشبه بفتية مراهقين يستعدون لرحلة صيد ممتعة، وبعد ساعات على عملهم تجمهر البعض من عائلاتهم يرحبون بعودتهم، طلبت منهم التقاط البعض من الصور التذكارية لنفسي، وعرفت من سيدة أن الصيادين اصطدموا أثناء رحلتهم بصخرة، وكادت أن تنتهي حياتهم»، وأضافت «حين عدنا للمنزل أخذت الصور التذكارية التي ما زلت أحتفظ بها وأطلعت إحدى صديقاتي عليها، فوجدت صديقتي تعبث بالواقع والقصة الحقيقية التي أحكيها لها لتحولها إلى لوحة تشكيلية فنية»،وختمت حديثها قائلة: «ثمة أشياء ممتعة في حياة الصيادين،أنهم ملهمون، هكذا وجدت نفسي بعد مرور كل تلك الأعوام لأبحث في المكان نفسه عن حكاية مشابهة أستخلص منها الجرأة والمتعة والإيمان في لقطة لا ينساها الزمن، نحن ننتظر الخيرات البحرية ونعتقد أن الطعم وحده كفيل بالحصول على سمكة لكن الأمر أكبر من ذلك إنه جرأة ومجازفة وشجاعة تستحق الإمعان والشكر لله».