منال أبو صفر فنّانة تشكيليّة من غزّة. تبحث بين صور وكالات الأنباء المحليّة والعالمية، وصور التقطها بنفسها من شرفة المنزل في مدينة دير البلح، لتحوّل كل غارة إسرائيلية فيها إلى لوحة فنّية: وجوه وأشكال فيها من الفنّ قدر ما فيها ومن التحدّي. تعدّل معالم الدخان المتصاعد من المنازل بفعل صواريخ الطائرات الإسرائيلية، فيصير أحد الأعمدة علامة نصرٍ، وآخر فتاة تنهض من الركام وتعود إلى الحياة من جديد. وفي صورة ثانية، «أشجار خوفٍ تطرح الموت... تتعرى من أوراقها، ليكون مصيرها حطب». وفي لوحة ثالثة، وبوحي من مونديال البرازيل الأخير، تعلّق أبو صفر: «ها هو مونديال النصر، يعلو في سمائك يا غزّة. فالنصر لنا قريب بإذن الله». وتستخدم أبو صفر في إحدى صورها المعدلة الدخان لتصور صحافيٍاً وصحافيةٍ يحملان كاميرتين، وتعلق: «أنقل إليهم التحية، وكل التحية لمن لا ينامون من أجل توثيق آخر الأحداث على أرض غزّة، الأخبار والتحقق من مصداقيتها وتقديمها للجمهور. رأيتهم في سماء غزة لا يتركون شبراً إلّا ويحاولون الوصول إليه. بوركتم وحماكم الله من شر بني صهيون، يا من تسهرون من أجل توصيل رسالة وقف العدوان على غزة هاشم». وتؤمن أبو صفر التي لطالما حاولت أن «تصنع من الموت حياة، ومن الألم ألف أمل» ، كما تقول إن «الفنّ رسالة إنسانية ولغة عالمية يفهمها كل شعوب العالم ولا تحتاج إلى ترجمان». وتروي أبو صفر تجربتها مع مشاهد الدمار والموت من جراء القصف: «بدأت أحلّل مشاهد الدخان الناتج عن الانفجارات إلى خطوط تبعث الأمل والتحدّي والصمود في وجه العدوان الغاشم، للتخفيف عن شعبي ببعث الأمل». وتضيف: «وحين نشرت أول صورة أعدت تصميمها على صفحتي، أثارت الدهشة، وتلقيت الكثير من ردود الفعل المستحسنة، والتشجيع لتصميم المزيد، فواصلت البحث ما بين الصور بشكل مكثّف، محاولةً تخيل الدخان المتصاعد والنيران بأشكال مختلفة". وتتابع: «أسعى كفنانة تشكيلية من خلال لوحاتي إلى بثّ رسالة حب وسلام إلى العالم أجمع، ونقل معاناة الشعب الفلسطيني وتجسيد صورته الحقيقية المحبة للحياة، وكما أن الفن صورة، كمرآة تعكس واقع شعبه، كان لا بد من الخروج بفكره تعكس ما نعيشه من واقع. وأكثر من ذلك، أردت للعالم بأجمعه أن يعرف أن غزة التي تتعرض لعدوان متواصل، هي مساحة للأمل، تقاوم جرائم المحتل بالفن والإبداع». منال أبو صفر حاصلة على بكالوريوس في التربية الفنيّة من جامعة الأقصى، وشاركت في أكثر من 26 معرضاً فنيّاً. وهي تطمح إلى إقامة معرض يتضمن كل الصور التي رسمتها، وأن يستقطب الغزيين وزوار القطاع العرب والأجانب، بهدف "فضح جرائم الاحتلال وكشف حقيقة ادعاءاته الباطلة».