تحولت ألسنة اللهب والدخان المتصاعدة من منازل غزة المقصوفة بطائرات حربية اسرائيلية عبر مواقع التواصل الاجتماعي رسوماً لأطفال ونساء ورجال فخورين شامخين. هكذا حول فنانون شبان صور التقطها صحافيون فلسطينيون لمشاهد الدمار والدخان الذي ملأ سماء معظم مناطق من قطاع غزة بعد قصفها بمروحيات حربية اسرائيلية في أكثر من ستة آلاف غارة حربية على منازل ومنشآت وأراضي المواطنين الفلسطينيين منذ الثامن من شهر تموز (يوليو) الجاري. وتناقل نشطاء فلسطينيون وعرب وأجانب على أهم موقعين للتواصل الاجتماعي على شبكة الانترنت «توتير» و «فايسبوك» هذه الصور التي عكست جملة من الرسائل التي أراد أصحابها ايصالها الى العالم. ورسمت الفنانة الفلسطينية بشرى شنان (25 سنة) من مدينة الخليل في الضفة الفلسطينية رجلاً مهيباً ينحني باحترام امام امرأة في سماء غزة. وأرادت شنان أن تؤصل للفكرة السائدة بأن الجنة تحت أقدام الأمهات، خصوصاً الفلسطينيات فنياً، وقالت: «رأيت الأم شهيدة، والرجل ينحني باحترام لمن تقف الجنة تحت أقدامها». ولعبت شنان على التباين في الصور الملتقطة بين اللونين الأحمر والأسود المتدرج الى الرمادي، لتحويل الدمار والموت الى فتاة جميلة بشعر ملفوف بعناية، وثغر باسم، في اشارة الى اصرار الفلسطينيين على حب الحياة، وتحديهم لغربان الموت التي لا تغادر سماء غزة تجسساً أو عدواناً. وحولت صورة أخرى الدخان الأسود ولهيب النار الأحمر الى وجوه لعشرات الأطفال الذين استشهدوا مع أكثر من 210 أطفال آخرين في أقل من 20 يوماً من العدوان، ارتكبت خلالها اسرائيل مجازر جماعية لعائلات بأكملها. وعن هذه اللوحة التي حظيت بعدد كبير من المشاركات على صفحات «فايسبوك»، تقول شنان: «من يقتل في هذه الحرب هم الأطفال الأبرياء وليسوا ارهابيين كما يدعي الاحتلال». وحولت شنان التي درست «الغرافيك» في جامعة بوليتكنيك فلسطين، وتعمل في مجال التصميم والتصوير الفوتوغرافي مشهداً آخر من الدخان الكثيف المتصاعد من أحياء الشجاعية والتفاح شرق مدينة غزة الى أفعى ضخمة تزحف في اتجاه منازل المواطنين، في اشارة الى توغل دبابات الاحتلال في هذين الحيين وما ارتكبته خلال ذلك من أعمال قتل في صفوف المدنيين وتدمير منازل منشآت على نطاق واسع ما زالت أثارها تتكشف يوماً بعد يوم. وجسدت الفنانة التشكيلية منال أبو صفر معاني الصبر والصمود والنصر في عدد من الصور التي حولت دخانها ولهبها الى رجل فلسطيني موشح بكوفيته المرقطة، وثانية ليد ترفع شارة النصر، وثالثة لكأس العالم الذي أحرزه الفلسطينيون بصمودهم ومقاومتهم للعدوان بينما كان العالم يتابع نهائيات كأس العالم لكرة القدم، التي تحظى بشعبية جارفة في القطاع المحاصر منذ ثمانية أعوام، فيما انتصبت سيدة ببطن مدور في سماء غزة، في اشارة الى أكثر من 82 سيدة استشهدن، بعضهن حوامل. وفي مشهد يكشف عن جريمة أخرى، صورت أبو صفر شيخاً فلسطينياً يدعو الله من بين مآذن أحد المساجد التي بقيت شامخة على رغم صاروخ ال F 16 الذي سقط وراءها، بعد أن دمرت قوات الاحتلال عشرات المساجد على طول القطاع وعرضه. الشاب زهدي الذي شارك إحدى صور شنان على صفحته الشخصية على «فايسبوك»، علق عليها قائلاً: «رغم الألم تولد الابداعات». وقالت الشابة نعمة التي شاركت صورة أخرى: «الشعب الجبار الصامد، يصنع الامل والهوية على رغم الألم والبكاء والحزن»، فيما اعتبر يامي حمد ان نثر صور الأطفال الشهداء بريشة الفنانة شنان «تخليد لأكثر من 60 طفلاً قتلوا حتى الآن في القصف الاسرائيلي الهمجي على غزة».