يلتقي موفد الأممالمتحدة إلى ليبيا بيرناردينو ليون اليوم، فاعليات سياسية مؤيدة لعملية «فجر ليبيا»، غداة إجرائه محادثات مع خصومها السياسيين في البرلمان الجديد الذي يتخذ من طبرق (شرق) مقراً له. يأتي ذلك في إطار جهود لإيجاد تسوية محتملة للأزمة، بإشراك طرفي النزاع (المناهضين للبرلمان الجديد والموالين له) في حكومة توافق، تنهي حال التنافس القائمة بين حكومتين، إحداهما تحظى بتأييد برلمان طبرق والثانية عيّنها المؤتمر الوطني (المنتهية صلاحيته) الذي يتخذ من طرابلس مقراً له، بطلب من «فجر ليبيا»، إثر بسط سيطرتها على العاصمة طرابلس. تزامن ذلك مع تطور سياسي من شأنه إعادة صياغة التحالفات في ليبيا، تجسد في إطلاق حوار بين مصراتة وبني وليد معقل قبيلة ورفلة إحدى أكبر القبائل الليبية، وذلك بهدف إبرام مصالحة بين الجانبين. وأكد ليون خلال محادثاته في طبرق دعم الأممالمتحدة للبرلمان الجديد وتمسكها ب «شرعيته»، وشدد على وجوب التزام كل الأطراف بوقف كامل لإطلاق النار، من أجل نجاح أي اتصالات أو محادثات سياسية، وهو الموقف الذي أعاد تأكيده في مؤتمر صحافي عقب محادثاته في طبرق، مبدياً استعداد الأممالمتحدة ل «تضييق هوة الخلافات وبناء الجسور وإيجاد أرضية مشتركة بين كل القوى الفاعلة والسياسية». ورأى مراقبون أن تشديد ليون على التزام كل الأطراف بوقف النار، موجه أيضاً إلى فصيل «الجيش الوطني» بقيادة اللواء المتقاعد خليفة حفتر الذي يواصل التهديد بشن حملة لاستعادة مواقع خسرها وحلفاؤه في بنغازي والعاصمة طرابلس. وكان الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون عبّر عن قلقه العميق من الانقسام الحالي في ليبيا. وكتب في تقرير إلى مجلس الأمن أن «شبح المزاعم المتنافسة لسلطتين تنفيذيتين وتشريعيتين، لا يمكن أن يؤدي إلا الى تعميق الأزمة السياسية الحالية وتقويض الوحدة الوطنية للبلاد». وتحفظ قياديون في «فجر ليبيا» عن التعليق على الجهود الدولية لتشكيل حكومة توافق، واعتبروا أن مدخل الحل هو تصحيح «المسار الخاطئ» الذي انتهجه برلمان طبرق، وذلك باستكمال البرلمان إجراءات التسليم والتسلم المنصوص عليها في الإعلان الدستوري، تمهيداً للاعتراف به. وقال ل «الحياة» فتحي باشاغا عضو البرلمان الجديد عن مصراتة، وأحد النواب المقاطعين جلساته، إن «ليبيا تمر بحال شلل تام بسبب غياب حكومة توافق ضرورية لحل الأزمة»، لكنه رأى أن تبديد العوائق في وجه تشكيل هكذا حكومة، مرتبط بتجاوز مشكلة تسلم البرلمان المنتخب مهامه رسمياً ودستورياً». وأكد علاء الحويك الناطق باسم «القوة الثالثة» المتحالفة مع «فجر ليبيا»، أن خضوع البرلمان الجديد لإجراءات التسليم والتسلم من المؤتمر الوطني، كما ينص الإعلان الدستوري، شرط أساسي للسير في حكومة توافق. وحول معلومات متداولة عن تفاهمات بشأن تشكيل حكومة مناصفة بين «مجموعة فجر ليبيا» و «مجموعة طبرق»، نفى باشاغا أن تكون المحادثات وصلت الى هذه التفاصيل، لكنه شدد على أن «الحكومة الجديدة إذا أريد لها أن تكون بعيدة عن التجاذبات والمماحكات فلا بد أن تكون حكومة وفاق». وأشار الى أن هذا الأمر سيتم تداوله في العاصمة طرابلس، اليوم (الأربعاء) مع موفد الأممالمتحدة خلال لقاء بينه وبين قياديين موالين ل «فجر ليبيا»، وذلك «مع الأخذ في الاعتبار وجهة نظر شركاء ليبيا الدوليين، من الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي». وأعاد باشاغا إلى الأذهان التذكير بالبيان الذي أصدرته «فجر ليبيا» وأبدت فيه «اعترافها بالبرلمان المنتخب وأعضائه، من ذهب منهم إلى طبرق ومن لم يذهب، والتعهد باحترام شرعية انتخابهم وحماية انعقاد جلسة تسلمهم مهامهم من المؤتمر الوطني العام دستورياً لانتقال السلطة سلميا وبسلاسة». على صعيد آخر، انطلقت في ليبيا أمس، جلسات حوار بين أعيان من مصراتة وجارتها بني وليد، إثر خصومة نشأت منذ سقوط نظام معمر القذافي عام 2011، وتطورت إلى عنف بين الجانبين. وفي هذا الشأن، أبلغ باشاغا «الحياة» أن «حوار المصالحة بين مصراتة وبني وليد انطلق بفضل جهود بذلها الخيرون من الحكماء»، ورأى أن من شأن ذلك أن «يزيل الكثير من اللبس ويعيد الوئام بين المواطنين في المنطقتين، ويمكن أن يكون قدوة لقيام مصالحة وطنية تنقذ البلاد من تبعات الضغائن والحساسيات الموروثة من عقود الاستبداد»، في إشارة إلى عهد القذافي.