انتهى الحلم الكروي الآسيوي مجدداً، وفشلت ثلاثة فرق سعودية كانت في دور الثمانية في تحقيق البطولة، ثلاثة من أصل ثمانية يعني بلغة الأرقام 37.5 في المئة، وعلى رغم ذلك سجلت الكرة السعودية إثباتاً جديداً لتراجعها، لتثير أسئلة الشباب. وبالطبع ستثير أسئلة القائمين على الرياضة، إحدى ملامح تفوق الأمم في العصر الحديث، وإحدى مؤشرات تراجعنا، إذ كنا نتسيّد القارة الصفراء كروياً، ثم تنازلنا عن عرشنا، لأننا توقفنا على الأمجاد القديمة ربما، لكن الأكيد لأن غيرنا واصل العمل الدؤوب، وواصلنا نحن إنشاء القنوات والإذاعات الرياضية سيئة المحتوى. القطاع الرياضي يتقهقر لدينا بسبب بطئه في الاقتراب من الاقتصاد، وتمسّك من يعلمون فيه، وربما بعض من يشرفون عليه تنفيذياً، بالفردية الفكرية، التي لا توصل إلى أي مكان، فنحن ننتظر تخصيص الأندية وإخراجها من عباءة الأفراد، بلغة الاقتصاد نحتاج إلى إدارة القطاع الرياضي بفكر السوق الحر، وحسابات الأرباح والخسائر، كما هي الحال في كل من تقدمت الرياضة لديهم، وأصبحت من مصادر الدخل للناس والحكومة. عندما يحاضر المدربون العالميون المحترفون في برامج القيادة، الإدارة، وغيرهما، غالباً ما يستحضرون تجارب الشركات الناجحة، وهي غالباً الشركات المسيطرة على الحصة السوقية الأكبر في مجالها، ليس فقط لكبر حجمها الذي تأتّى غالباً من نموها المطرد، ولكن أيضاً لكبر حجم «دماغ» من يديرها على أسس صحيحة، ويركز عمله على تطوير ذاته لتبتعد عن الآخرين في مسافات النجاح. وكذا عند الحديث عن الرياضة يجب استحضار المنتخبات والأندية التي تتفوق، وتنجز، وتسيطر على السوق، وهو هنا سوق البطولات، وتحقق نتائج تجعلها دوماً قريبة من الصورة الذهنية للنجاح حتى لو لم تحصل البطولة مثلاً فهي طرف دائم فيها محلياً وإقليمياً. الكرة في كل مكان باتت تخضع إلى قوانين السوق، والأندية التي لا تدار بمهنية إدارية ومالية عالية تتعثر بسرعة، ولم يعد كافياً أن يكون لديها زخم جماهيري، أو تاريخ عريق، أو حتى صحافيون يدينون بالولاء لها، ويكرّسون أقلامهم لخدمتها. الرياضة إبداع مثل الإبداعات الأخرى التي تؤثر اجتماعياً وثقافياً في المواطن والمقيم، الرياضة تهذب من بعض ممارسات الجمهور الرياضي، و«خرابيط» من يعتقدون أنهم يمارسون الإعلام الرياضي، وتراجع الكرة السعودية الذي أفضى إلى تراجع الرياضة إجمالاً كون الأولى هي المهيمنة، وبانضمامه إلى تراجع فنون أخرى، يعطي ملامح تأخر ملحوظ، وتقاعس في أداء المدرسة، والمنزل، وإدارة الحياة الإبداعية والترفيهية إن صحّت العبارة ممن يفترض بهم أن يديرونها. كانت الكرة أجمل وأقوى، وكان الشعر أجمل وأقوى، وكانت إرهاصات المسرح أجمل وأقوى، ينبغي محاكمة من أفسد ذائقتنا وتراجع بإبداعاتنا. [email protected]