يعيش البغداديون حالاً من الخوف والهلع والترقب، ليس بسبب التفجيرات أو الاغتيالات هذه المرة، وإنما بسبب انتشار غير مسبوق لعمليات خطف الأطفال، فيما يعتزم البرلمان تشكيل «خلية متابعة للأزمة» و «معرفة أسباب تصاعد عمليات الخطف وسبل السيطرة عليها». مصدر أمني رفيع طلب عدم ذكر اسمه، كشف ل «الحياة» عن ان «يوم الثلثاء الماضي شهد خطف اكثر من 21 طفلاً في مناطق مختلفة من العاصمة». وأكد أن «عمليات الخطف ارتفعت بشكل غير مسبوق في جميع مناطق بغداد من دون استثناء»، مضيفاً أنه لا يملك إحصاءات دقيقة «لكن الحالات التي رصدت خلال هذا الأسبوع وحده تتجاوز 30 عملية خطف». وأشار المصدر إلى أن «غالبية عمليات الخطف تندرج ضمن الجريمة المنظمة، وسببها لجوء المجموعات المسلحة، لا سيما تنظيم القاعدة إلى الخطف لتمويل نفسها، بعد تمكن القوات الأمنية من تجفيف معظم منابع التمويل القادمة من الخارج». وذكر أن «جهاز مكافحة الإرهاب تمكّن قبل أيام قلائل من تحرير طفل خطفه تنظيم القاعدة، وطلب التنظيم مبلغ 600 ألف دولار مقابل إطلاق سراحه حياً، لكن الجهاز كشف المخبأ السري للخاطفين وأعاده سالماً إلى أهله». وذكر المصدر أن «عمليات الخطف لا تقتصر على أطفال الأسر الغنية، إذ إن أكثر العمليات تحدث في أطراف العاصمة والأحياء الفقيرة، مثل منطقة العبيدي ومدينة الصدر وبغداد الجديدة في جانب الرصافة من بغداد، وفي مناطق ابو دشير والدورة والبياع وحي الفرات والرضوانية وأبو غريب والتاجي والشعلة والحرية في جانب الكرخ». وعزا المصدر السبب إلى أن «المجموعات المسلحة والميليشيات تلجأ إلى خطف أعداد كبيرة من الأطفال أثناء توجههم إلى المدارس أو أثناء لعبهم داخل الأزقة»، مبيناً أن «هذا النوع من الخطف سهل وسريع». وتابع أن «الخاطفين يطلبون الفدية حسب المستوى المعيشي للأسرة، فتصل في الأحياء الفقيرة إلى 10 ملايين دينار عراقي (نحو 8 آلاف دولار)، أما أبناء المسؤولين والتجار والأغنياء، فترتفع الفدية المطلوبة عنهم لتصل إلى مليون دولار». ورجح المصدر أن «عصابات خطف الأطفال ركزت في عملها على الأحياء والمناطق الفقيرة بسبب صعوبة الوصول إلى أولاد المسؤولين أو الأغنياء الذين غالباً ما يرافقهم حراس شخصيون لدى إرسالهم إلى المدارس وجلبهم منها. أما الطبقات المتوسطة والفقيرة، فأبناؤها يضطرون في بعض الأحيان إلى قطع مسافات طويلة للوصول إلى مدارسهم، والخاطفون يستغلون هذا الواقع». بدورها لفتت المحامية والناشطة سعاد اللامي، رئيس منظمة مجتمع مدني تعنى بحماية المرأة والطفولة، إلى أن «بعض حالات الخطف تقوم بها عصابات الإتجار بالأعضاء البشرية». وقالت ل «الحياة» إن «تلك العصابات تركز نشاطها في الأحياء الفقيرة والبعيدة من مركز العاصمة، وتقوم بخطف الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 12 و 16 عاماً، لقتلهم وتهريب أعضائهم وبيعها خارج العراق». وأضافت أنه في «الشهر الماضي اكتشفت الشرطة مقبرة جماعية فيها أكثر من 25 طفلاً في منزل يقع في احد الأحياء العشوائية في شرقي بغداد، تديره عائلة مكونة من 7 أشخاص (4 رجال و3 نساء)، يمتهنون المتاجرة بالأعضاء البشرية». وحاولت «الحياة» الحصول على إحصاءات أو تأكيدات من الجهات الحكومية ووزارة الداخلية، وبينها وكيل وزير الداخلية لشؤون الاستخبارات، لهذه المعلومات، إلا أن كل الجهات رفضت التصريح، بذريعة عدم امتلاكها المعلومات. وأكدت «لجنة الأسرة والطفولة» النيابية تصاعد حالات الخطف في بغداد، لكنها قالت أيضاً إنها لا تملك أي إحصاءات أو قاعدة بيانات عنها. وقالت عضو اللجنة والنائب عن «التحالف الوطني» هدى محمود ل «الحياة»، إن «لجنة المرأة والأسرة والطفولة وجهت كتاباً رسمياً إلى وزارة الداخلية والجهات الرسمية الأخرى ذات العلاقة لتزويدنا بإحصاءات رسمية عن حالات الاختطاف». وأضافت: «إننا نعتزم تشكيل خلية مشتركة من لجنة الأسرة والطفولة ولجنة الأمن والدفاع، من أجل الوقوف على أسباب تصاعد عمليات خطف الأطفال، وإمكان علاجها والسيطرة عليها».