تراجعت أسر ميسورة في محافظة كركوك عن إلحاق أبنائها بمدارس المدينة مع بدء العام الدراسي الجديد خشية اختطافهم بهدف الابتزاز وهي ظاهرة اتسع نطاقها في كركوك أخيراً. وقال أحمد قاوجي، رب أحد الأسر الثرية في المدينة ل «الحياة»، إن «بعض الأسر الغنية من مختلف الأقليات قررت إرسال أبنائها إلى محافظات يقطنها أقرباؤهم وسط البلاد أو في شمالها، لإكمال تعليمهم الدراسي هناك في ظل تصاعد عمليات الخطف التي شهدت تصعيداً خطيراً في الآونة الأخيرة من دون اتخاذ إجراءات أمنية لردعها». وأشار إلى أن «عزوف الأسر الغنية عن إرسال أبنائها إلى مدارسهم في كركوك، قرار يأتي مع اتساع دائرة الخلافات السياسية في المحافظة وشن هجمات مسلحة شبه يومية». وأضاف: «نعتقد أن الوضع الأمني لن يتحسن حيث لا تزال الصراعات بين الأحزاب مستمرة منذ 2003 ما يعني استمرار التدهور الأمني». وتعتقد الطبيبة نهى سالم أن «إكمال ابنتها دراستها الثانوية في مدارس كركوك قد يكلفها حياتها جراء استمرار عمليات الخطف التي راح ضحيتها عدد من الفتيات». وتؤكد أن «منعها من إكمال دراستها يأتي بسبب عدم وجود أقارب لها في بغداد أو المحافظات الأخرى». وتزيد: «لن أجازف بابنتي وقرار إكمال تعليمها في كركوك يعني إنهاء حياتها وتعريضنا لكارثة وسأنتظر إلى العام المقبل أو سأنتقل معها إلى محافظة اخرى». وتشهد كركوك منذ بداية السنة ارتفاعاً في عمليات الخطف كان آخرها خطف ثلاثة مسيحيين وسائقهم أثناء رحلة صيد جنوبالمدينة. وأشارت مصادر أمنية ل «الحياة» إلى أن «الخاطفين طلبوا مبلغ 60 ألف دولار مقابل إطلاق المخطوفين». وتؤكد الأجهزة الأمنية وضع خطة محكمة لتأمين الحماية للطلاب والطالبات عبر نشر دوريات أمنية في الطرق الرئيسة ومداخل المدينة ومخارجها. لكن فؤاد العبيدي، أحد أبرز تجار المدينة، يؤكد ل «الحياة» أن «الإعلان لن يثني الأسر عن اتخاذ احتياطاتها لحماية أبنائها كون الوعود لم تنجز شيئاً في السابق ولا نتوقع أن تتحقق الآن». ويتابع: «نقلت اثنين من أبنائي إلى إحدى مدارس العاصمة بغداد حيث يقطنون مع عمهم في حي المنصور». ويضيف: «لا يمكن تصور أن تتلقى اتصالاً يبلغك فيه احدهم بوجوب دفع فدية لإطلاق أولادي هذا إن كان سيوفون حقاً بإطلاقهم». وكان عدد من أطباء وأرباب الأسر الغنية تعرضوا لعمليات خطف تسببت بإعلان آخرين الرحيل عن كركوك لتأمين حياتهم وحياة أبنائهم. وأكدت قيادة شرطة المدينة «وجود عصابات امتهنت الخطف باعتبارها مهنة للربح السريع» ويرى مسؤولون أن عناصر تنتمي إلى التنظيمات المسلحة تقف وراء عمليات الخطف لمساومة ضحايا المخطوفين مادياً بهدف تمويل عملياتهم المسلحة. وتعتبر كركوك، التي يقطنها خليط من العرب والأكراد والتركمان وأقلية مسيحية، ابرز المحافظات التي تشهد خلافات سياسية بسبب دعوة الأكراد إلى ضمها لإقليم كردستان وإنهاء سياسات التعريب التي انتهجها نظام الرئيس العراقي الراحل صدام حسين أبان سبعينات وثمانينات القرن الماضي فيما يعارض العرب والتركمان إلحاقها داعين إلى جعلها إقليماً خاصاً مرتبطاً بالمركز.