يقصد الأميركيون كل أربع سنوات مراكز الاقتراع للمشاركة في الانتخابات الرئاسية، لكن لماذا الموعد هو الثلاثاء الثاني من كل تشرين الثاني؟ ولماذا على الرئيس أن ينتظر حتى 20 كانون الثاني(يناير) ليتسلم منصبه؟ في الحقيقة تحديد الانتخابات الرئاسية في شهر تشرين الثاني(نوفمبر) ويوم الثلاثاء تحديداً له علاقة بعوامل الطقس، موسم الحصاد، وطقوس العبادة! ومع أن أياً من هذه العوامل لم يعد حجة لكون تطورات وسائل النقل على الأقل جعلتها غير ذي أهمية ما زال أميركيو اليوم ينتخبون وفق أجندة أملتها ظروف تنتمي إلى القرون الماضية. فحين كان الأميركيون يقصدون مراكز الاقتراع البعيدة على ظهر الأحصنة كوسيلة نقل، لم يكن هناك أفضل من يوم الثلاثاء للانتخاب لا أيام نهاية الأسبوع. فذلك يتيح لهم المشاركة في قداديس يوم الأحد والانطلاق للسفر يوم الاثنين ومن ثم الانتخاب يوم الثلاثاء! أما بالنسبة لشهر تشرين الثاني(نوفمبر) فبسبب ظروف التنقل والسفر، اعتبر أنه الشهر الأمثل للتنقل بأمان ومن دون عوائق كونه يقع بين نهاية الصيف اللاهب وبداية الشتاء القارس. وفي هذا الإطار هناك العديد من المطالبات في الولاياتالمتحدة لاستبدال يوم الانتخاب بيوم آخر غير الثلاثاء وأبرز هذه الحركات منظمة "لماذا الثلاثاء؟" (http://www.whytuesday.org/about/) التي تأسست العام 2005 كمنظمة غير حزبية ولا تبغى الربح، وتطالب بتغيير يوم الانتخاب الرئاسي من الثلاثاء إلى نهاية الأسبوع بهدف زيادة نسبة المشاركة في الانتخابات الرئاسية الأميركية. وتوضح هذه المنظمة أن نحو 27% من الأميركيين الذين لا يشاركون في الانتخابات يردون ذلك إلى عدم قدرتهم على الخروج من أعمالهم يوم الثلاثاء من أجل الانتظار في صفوف طويلة من أجل الادلاء بأصواتهم. وتفاخر المجموعة أنه بسبب نشاطها المتزايد فإنها كانت وراء فكرة اقتراح قانون التصويت في نهاية الأسبوع الذي يدرس في الكونغرس، كما أنها حفزت إقرار قانون التصويت يوم السبت في سان فرانسيسكو لماذا الانتظار حتى يناير لدخول البيت الأبيض؟ وفي سياق ليس ببعيد يأتي تأخر تسلم الرئيس الأميركي الجديد مهامه إلى 20 كانون الثاني/يناير، أي نحو 3 أشهر من وقت انتخابه. لكن حتى العام 1937 كان الرئيس الجديد لا يدخل البيت الأبيض قبل الرابع من آذار(مارس)، والسبب؟ كان عد الأصوات وفرزها يستغرق وقتاً طويلاً، بالإضافة إلى الوقت الذي يحتاجه الرئيس الجديد للانتقال من الولايات الأخرى إلى واشنطن العاصمة. وبقي الأمر كذلك حتى أقر التعديل 20 من الدستور، تقديم الموعد إلى 20 كانون الثاني/يناير آخذا بالاعتبار التطورات التقنية التي باتت تسمح بعد الأصوات وفرزها بطريقة أسرع، بالإضافة إلى التطور في قطاع النقل بما يسمح للرئيس بالانتقال بسهولة إلى واشنطن. إذن ليس في الأمر حكمة بل مجرد عادات فرضتها ظروف الحياة في المجتمع الأميركي منذ عشرات بل مئات السنين وإذا بها تتكرس كتقاليد في الحياة السياسية والانتخابية الأميركية تتماهى مع حياة "الكاوبوي" لا أميركي القرن 21.