نمت سوق مبيعات المستحضرات الدوائية في القطاع الخاص محليا بمعدل بلغ ثلاثة أضعاف، خلال الفترة ما بين عام 1995 حتى عام 2008، بحسب تقارير (آي إم إس IMS )، التي أشارت إلى زيادة حجم سوق الأدوية محليا من 2.1 مليار ريال في عام 1995 إلى 6.5 مليار ريال خلال عام 2008. وتشير تقديرات شركة (آي إم إس - IMS )، المتخصصة في بيانات أسواق الصناعات الدوائية والرعاية الصحية، إلى أن حجم المبيعات في القطاع الخاص الصحي لمجمل المنتوج الدوائي في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، إضافة إلى تركيا وإيران، قد بلغ 54.75 مليار ريال، أي ما يشكل 2.4 في المئة من إجمالي السوق العالمية. ويبلغ عدد الشركات العاملة في قطاع الصناعات الدوائية في السعودية 264 شركة محلية وعربية وعالمية، حيث تشير بيانات تقرير شركة (آي إم إس – IMS ) الصادرة نهاية مارس 2009 إلى أن مبيعات أكبر عشر شركات عاملة في هذه الصناعة استحوذت على أكثر من 50 في المئة من إجمالي مبيعات المستحضرات الدوائية محليا. وتعليقا على هذه الحقائق أوضح الدكتور محمد المشعل، أستاذ الصيدلة الصناعية في كلية الصيدلة بجامعة الملك سعود المدير السابق لشركة تبوك للأدوية، أن من أهم وأبرز المشاكل والصعوبات التي تواجه تطور الصناعة الوطنية في مجال الأدوية والعقاقير الطبية هو “غياب الابتكار وبراءات الاختراع؛ فالأدوية في العالم عبارة عن نوعين: الأول محمي ببراءة اختراع، ولا يمكن لأحد إنتاجه في العالم سوى الشركة التي تملك حق براءة الاختراع، وهو حق طبيعي تكفله الأنظمة والقوانين العالمية بحكم أن الشركة المنتجة هي من ساهم في إيجاد الدواء؛ حيث تكفلت بدفع تكاليف البحوث العلمية التي ساهمت في إنتاجه، وقد تمتد تلك البحوث إلى سنوات عدة. ويعتبر هذا النوع من الأدوية هو الأغلى والأكثر طلبا في العالم. والنوع الآخر من الأدوية هو الذي لا يمتلك أحد حق إنتاجه لانتهاء فترة براءة الاختراع والحماية التي كان يتمتع بها، وهذا النوع من الأدوية متاح وسهل إنتاجه، ولا توجد أية صعوبة تقنية في إنتاجه محليا، وفيه أيضا منافسة عالية؛ لأن الجميع يستطيع إنتاج مثل هذه الأدوية؛ وبالتالي ينعكس ذلك على أسعار مثل هذه النوعية من الأدوية”. الاتحاد.. قوة وأضاف: “الحل المتاح هو أن تتحد الصناعات الوطنية في مجال الأدوية؛ ليكون لها كيانات كبيرة؛ فتستطيع أن تمول الجانب البحثي لإنتاج أدوية خاصة بها وتملك براءة اختراعها وتطوير علاقتها مع مراكز الأبحاث العالمية؛ حيث توجد مراكز بحث علمية في العالم لديها أبحاث على عقاقير وأدوية خاصة لمكافحة مرض ما، ولديها الاستعداد لبيع حقوق التصنيع والتسويق لشركات الأدوية”. وتابع: “تغيير الوضع الحالي لصناعة الأدوية المحلية يحتاج إلى كيانات صناعية عملاقة لديها القدرة على دفع الأموال الطائلة لتمويل البحوث التي تجريها بنفسها أو عبر مراكز بحثية مستقلة، وامتلاك براءات اختراع لعدد من الأدوية المهمة والحساسة سيمكِّن من انتشار صناعة الأدوية المحلية في العالم، ويساهم في جعل صناعة الأدوية أحد روافد الاقتصاد الوطني بكل تأكيد. إن الشركات ستخسر الملايين على تملك براءات الاختراع، لكنها في النهاية ستجني هي والاقتصاد الوطني بشكل عام عوائد مالية مجزية تؤدي إلى تطوير أعمال تلك الشركات وجعلها في مصاف العالمية”. العلامات التجارية وأوضح المشعل أن “التسويق أو الترويج باستخدام الأسماء أو العلامات التجارية يعتبر عاملا مهما في تحفيز وتمايز القدرات التنافسية لشركات الأدوية؛ حيث تزيد فرص حصول المنتجات الجنيسة على حصة أكبر في السوق عندما تستند إلى اسم تجاري قوي مسوق جيدا”. وتُسوِّق الشركات المحلية مستحضراتها الدوائية الجنيسة تحت أسماء تجارية خاصة بها، إضافة إلى المستحضرات المبتكرة التي تصنعها بترخيص من شركات عالمية مالكة لبراءة الاختراع (شركات ألمانية ويابانية وكورية)، ويتم إنتاجها بأسمائها الأصلية، فيما تمتلك الشركة وتعمل على تسويق علامات تجارية قوية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تتميز بسمعتها الممتازة وجودة منتجها النهائي، إضافة إلى شبكة توزيعها وتسويقها. آراء الصيادلة وقالت الصيدلانية رقية النمر إن صناعة الدواء محليا تحتاج إلى المزيد من الرعاية والاهتمام، وتقديم المزيد من الميزانية في الجامعات لدعم طلاب وطالبات الصيدلة في إجراء بحوث لتصنيع أدوية جديدة، بدلا من تركيب مكونات الدواء بشكل تقليدي. وأضافت: “كثير من شركات الدواء محليا لا تعتمد في طاقمها على المواطنين؛ بل إن أغلب الخريجين يتجهون إلى العمل في المستشفيات، ونادرا ما نرى صيدليا مواطنا يعمل في صيدليته الخاصة، أو يتجه للعمل في شركات الأدوية”. وتابعت: “شركات الدواء المحلية تحظى بثقة أكبر من المستهلك، ولكنها لا تغطي كل أنواع الأدوية والعقارات؛ فهي توفر الأدوية والمسكنات والمضادات الحيوية لبعض الحالات فقط، وينافسها في المفعول نفسه الكثير من الأدوية من مصانع عربية وأجنبية، وبخاصة شركات الأدوية المصرية؛ فهي تنافس تقريبا أغلب الأدوية الموجودة في السوق، وهذا يضر بصناعة الدواء المحلي وانتشاره”. وتشير رقية إلى أن الصيادلة في أغلب المستشفيات الحكومية تقتصر مهامهم على صرف الدواء فقط، وهذا تقليل من نوع الدراسة التي درسوها، والتي تقوم على التركيب؛ فنادرا ما يُركِّب الصيادلة في المستشفيات أدوية للمريض، رغم أن بعض الصيادلة في الصيدليات الخاصة يُركِّبون الأدوية.