تكثر التوقعات بشأن ما سيسفر عنه مؤتمر المعارضة السورية الذي يبدأ اعماله اليوم في الدوحة، والذي وصف بأنه اوسع مؤتمر لفصائل المعارضة منذ بدء الازمة في سورية قبل عشرين شهرأً. ويبدو من خلال التصريحات التي ادلت بها غالبية الشخصيات المعارضة التي شاركت في الاجتماعين التمهيديين في اسطنبول وعمان ان مصير «المجلس الوطني» بتركيبته الحالية سيكون مطروحاً للبحث بشكل جدي. وتواجه المعارضة السورية «تحديات كبيرة» بعد تفاعلات الموقف الاميركي السلبي من «المجلس الوطني»، والذي عبرت عنه وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون، والمبادرة التي اطلقها النائب السابق والمعارض رياض سيف، والتي قالت مصادر ل «الحياة» انها «مدعومة أميركيا وربما من دول خليجية وفرنسا». وتهيمن هذه التطورات على اجواء مؤتمر الدوحة الذي يفتتحه رئيس «المجلس الوطني» عبد الباسط سيدا. وعلم أن اليوم الأول للمؤتمر سيشهد اقرار جدول الاعمال الذي يتضمن «قواعد القرار، والتداول النيابي، ومناقشة تقرير اعادة الهيكلة والتوسعة، ومناقشة النظام الأساسي المعدل، ومناقشة نظام الانتخابات». وكان وصل الى الدوحة مساء امس عدد من المشاركين في المؤتمر، ومن المقرر أن تكون طائرة قطرية وصلت الليلة الماضية من اسطنبول وتقل 167 شخصية معارضة. وترى مصادر تحدثت الى «الحياة» أن الاجتماع يعقد في لحظة حاسمة، وتداول المشاركون قبل انطلاق المناقشات كلاما في شأن مبادرة رياض سيف التي تدعمها أميركا وفرنسا ودول خليجية، وأن المجلس الوطني أمام تحد يكمن في كيفية تطوير نفسه قبل فوات الأوان. وقالت المصادر: «هناك الآن تدخلات (دولية) رغم نسيان الشعب السوري في الفترة الماضية، وظهر الأميركيون فجأة، وقالوا: اما مبادرة رياض سيف أو لا شيء». وكانت مشاورات جرت قبل ايام في عمان بين ممثلين لقوى المعارضة. ولوحظ تململ قيادات معارضة من دخول الولاياتالمتحدة على خط الضغوط. وقالت جهات معارضة ان الموقف الداعم لمبادرة رياض سيف «ربما أحرج صاحب المبادرة، وربما أضر بالمبادرة نفسها، لأن المسألة ستبدو كأنها ارادة دولية وليست وطنية، وتبدو الموافقة على المبادرة كأنها موافقة على الضغوط الدولية». وعلمت «الحياة» أن الدعوة وجهت الى شخصيات عربية ودولية لحضور جلسة ستعقدها «الهيئة العامة الموسعة» في اليوم الثالث للمؤتمر. ورجحت حضور أمير قطر الشيخ حمد بن حليفة آل ثاني هذه الجلسة. كما أكدت مشاركة الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي ووزير الخارجية التركي احمد داود اوغلو والمبعوث الدولي - العربي الأخضر الابراهيمي وسفراء من «دول أصدقاء سورية» بينهم السفير الأميركي روبرت فورد. وقالت إن الثامن من الشهر الجاري (الخميس) سيشهد اجتماع المجلس الوطني بقيادته الجديدة مع معارضين أخرين للتوافق على خطوات أخرى. وبات واضحاً من خلال اللقاءات الاخيرة للمعارضة الدور الذي يلعبه رياض حجاب رئيس الحكومة السورية السابق الذي انشق عن النظام في آب (اغسطس) الماضي. وشارك حجاب في مؤتمر اسطنبول كما بادر الى الدعوة الى مؤتمر عمان الذي عقد اول من امس وشاركت فيه 25 شخصية معارضة ووصفه محمد العطري الناطق باسم حجاب بانه «تحضيري للاجتماع الموسع الذي سيعقد في الدوحة». وقال العطري ان رياض سيف سيعلن خلال اجتماع الدوحة عن «المبادرة الوطنية السورية» وهي عبارة «جسم سياسي جديد للمعارضة يكون ممثلا لجميع شرائحها. وتجري مشاورات لمعرفة ما اذا كانت هذه المبادرة ستشكل جسما بديلا عن المجلس الوطني او ائتلافا جديدا». وعلمت «الحياة» من مصادر مطلعة في «الجيش السوري الحر» ان قيادات كبرى في هذا الجيش تفضل اعطاء رياض حجاب دوراً في المرحلة المقبلة نظراً الى خبرته الادارية داخل مؤسسات النظام ولتجربته في الحكم، التي بقيت «تجربة نظيفة». في هذا الوقت اكد رئيس المكتب الإعلامي في «المجلس الوطني» أحمد رمضان ان المجلس حصل على دعم قوي من الحكومة التركية عشية مؤتمر الدوحة. واعتبر، خلال لقاء مع وفد من المكتب التنفيذي للمجلس، ان الاخير «يجب ان يكون العمود الفقري في أي تحرك يتم لتشكيل سلطة انتقالية تضم مكونات المجتمع السوري كافة». من جهة اخرى أصدر نائب المراقب العام لجماعة «الإخوان المسلمين» في سورية علي صدر الدين البيانوني الذي شارك في اجتماع عمان بياناً اعلن فيه انه عبر خلال اللقاء عن تأييد الجماعة «فكرة إيجاد قيادة سياسية جامعة للمعارضة السورية من حيث المبدأ». لكنه شدد في الوقت نفسه على ضرورة «المحافظة على كيان المجلس الوطني السوري، وألا تكون الهيئة الجديدة بديلاً منه». وعلى الصعيد الامني، كثف مقاتلو المعارضة هجماتهم على مواقع عسكرية تابعة بشكل خاص للقوات الجوية. فقد نفذت مجموعة من المقاتلين هجوماً صباح امس على مطار تفتناز العسكري في محافظة ادلب. كما اكد المرصد السوري لحقوق الانسان سيطرة مقاتلين على كتيبة الدفاع الجوي في منطقة الدويلة في بلدة سلقين في ريف ادلب بعد اشتباكات عنيفة. غير انهم انسحبوا بعد ذلك من هذه القاعدة الواقعة في منطقة جبلية، بسبب صعوبة الاحتفاظ بها خوفا من سلاح الجو الذي ما لبثت قوات النظام ان لجأت اليه لقصف القاعدة ومحيطها، كما ذكر المرصد السوري. واكدت الهيئة العامة للثورة السورية ان قوات «الجيش الحر» التي سيطرت على قاعدة الدويلة بعد حصار طويل، غنمت ما تحتويه من أسلحة وذخائر. وسيطر مقاتلو المعارضة كذلك على الطريق السريع في جنوب غربي حلب وفي ريف دمشق. وذكر المرصد السوري ان مقاتلين من عدة كتائب ثائرة سيطروا على قسم الشرطة ومبنى البلدية وبرج مشفى حليمة التي كانت بين ايدي قوات النظام في مدينة دوما بعد اشتباكات عنيفة.