تنطلق اليوم الحملة الانتخابية للمحليات المقررة في 29 تشرين الثاني (نوفمبر) الجاري، وسط أجواء «فاترة» على مستوى الشارع، واتهامات متجددة ضد الحكومة من أحزاب تشارك في لجنة مراقبة الانتخابات، بحجة أن وزارة الداخلية تمس بالصلاحيات الممنوحة للجنة. وتبدأ حملة الانتخابات المحلية في أجواء فاترة على علاقة بالمزاج العام للجزائريين من العملية السياسية عموماً. ولا يوحي الجو العام بأن هناك حملة انتخابية على الأبواب. وغابت هذه المرة أي مبادرة من الحكومة لتشجيع الناخبين على الاقتراع، على شاكلة الحملة الضخمة التي أفردتها للتشريعيات التي جرت في 10 أيار (مايو) الماضي. كما تغيب عن شوارع المدن الجزائرية يافطات وشعارات الحملة الانتخابية. والظاهر أن كلاً من مسؤولي الحكومة والمرشحين أنفسهم يعتقدون أن الانتخابات المحلية ستكون جاذبة للناخبين من دون الحاجة إلى حملات ترويجية بحكم المساحة الضيقة التي تجري عبرها - أي في حدود البلدية والولاية فقط. لكن فتور الأجواء العامة يقابله توتر ناشئ بين اللجنة الجزائرية لمراقبة الانتخابات المحلية ووزارة الداخلية حول «الصلاحيات». وأعلنت اللجنة تجميد نشاطها ما لم ترد الحكومة على مطالبها وعلى رأسها «المساواة في الصلاحيات والمنح» مع لجنة أخرى تُشرف على الانتخابات وتتشكل من قضاة. ويقول منتقدون إن خلاف اللجنة الجزائرية لمراقبة الانتخابات مع وزارة الدخلية لا يتعدى في حقيقة الأمر «ملف المنح»، إذ يذكر القانون أن أعضاء لجنة المراقبة لا يحصلون على مقابل مادي. ومعلوم أن اللجنة أعيد تأسيسها بعد حلها تلقائياً عقب الانتخابات التشريعية، وقد ترأسها مجدداً محمد صديقي، وهو عضو قيادي في «حزب عهد 54» المعارض الذي يقول عن قرار التجميد إن «اللجنة بالإمكانات الحالية لن تكون قادرة على أداء مهماتها في الرقابة»، وهدد بإجراءات أخرى «حتى لا نكون مجرد ديكور لصدقية الانتخابات». وأعلن 52 حزباً سياسياً المشاركة في الانتخابات المحلية المقبلة. لكن توزيع القوائم شكّل «صدمة» بالنسبة إلى الحكومة، أولاً نظراً إلى عدم تمكن جبهة التحرير الوطني، حزب الغالبية التقليدي، من تقديم مرشحين في عشرين بلدية، في سابقة في تاريخ الحزب. ويقاطع المحليات خمسة أحزاب بينها حزبان إسلاميان. واختار حزب جبهة التحرير الوطني شعار «من أجل جزائر الاستقرار والازدهار». وذكر ناطق باسم الحزب إنه قرر ترك المبادرات للقيادات المحلية في البلديات والولايات شرط أن يتم التركيز في شكل أساسي على العمل الجواري واستغلال كل الفرص للتمكن من الاتصال بالمواطنين والاستماع إلى ما لديهم من مطالب وشكاوى. أما التجمع الوطني الديموقراطي فرأى أن حظوظه ستكون كبيرة في الفوز في الانتخابات المحلية. وفي المقابل، رفع حزب العمال اليساري شعار «تحصين الأمة» وذلك نظراً إلى ما وصفها بأنها «تحرشات تهدد البلاد والسعي إلى إقحامها في الحرب التي ستشن على الجماعات الإسلامية بدولة مالي»، وفق الناطق باسم الحزب. وفي هذا الإطار (أ ف ب)، نقلت صحيفة «الوطن» السبت عن «مسؤول جزائري كبير» قوله إن الجماعة الإسلامية المتشددة المالية «أنصار الدين» التي يتوقع أن يصل وفد منها إلى العاصمة الجزائرية، ستكون مستعدة لتنأى بنفسها عن تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي. وبحسب هذا المسؤول، فإن زعيم «أنصار الدين» أياد اغ غالي الذي أيّد على الدوام إقامة علاقات مع الجزائر «سيكون على استعداد لإصدار إعلان ينأى بنفسه فيه رسمياً عن تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي وسيقبل فيه بدور الديموقراطية»، كما كتبت الصحيفة. ويتوقع هذا المصدر «المطلع» حملة إعلامية «في الأيام القليلة المقبلة» لزعيم هذه الجماعة ليعلن طلاقه مع تنظيم القاعدة ودعمه للخيار الدولي المتمثل في الحوار السياسي. وجماعة «أنصار الدين» هي إحدى المجموعات الإسلامية المسلحة التي تحتل شمال مالي.