أعلنت قوى إسلامية إرجاء النزول إلى الشارع في ما سُمّي «مليونية تطبيق الشريعة» أسبوعاً (حتى 9 تشرين الثاني/نوفمبر)، فيما اجتمعت القوى السياسية الممثلة في الجمعية التأسيسية أمس من دون الخروج بتوافق ملموس حول مواد خلافية في الدستور الجديد. وعقدت شخصيات إسلامية معروفة مؤتمراً صحافياً أمس أعلنت فيه إرجاء تظاهرة كانت مقررة الجمعة للمطالبة بالنص في الدستور الجديد على تطبيق الشريعة الإسلامية، وشددت على أن لا تراجع عن مطلب تطبيق الشريعة. وقال رئيس حزب البناء والتنمية صفوت عبدالغني: «لا يوجد بين الحاضرين خلاف جوهري» حول التظاهرات التي ستجري تحت عنوان «مليونية الشريعة»، ولكن الخلاف فقط كان على التوقيت. وعزا هذا الخلاف إلى أن «البعض أصر على تنظيم المليونية في موعدها المحدد سابقاً (الجمعة المقبلة)، وهناك من رأى تأجيلها لأنها تحتاج إلى إعداد وعقد لجان نظام»، مشيراً إلى أنه «تم الاتفاق في النهاية على التأجيل». أما القيادي في الجماعة الإسلامية طارق الزمر فشدد على ضرورة تطبيق الشريعة الإسلامية في مصر وعدم الانتقاص من مرجعيتها في نصوص الدستور الجديد. وقال عزب مصطفى، القيادي في حزب الحرية والعدالة في المؤتمر الصحافي نفسه: «اجتمعنا من أجل الشريعة وإعلاء كلمة لا إله إلا الله، وقد عشنا سنوات ننتظر أن يكون القرآن دستورنا، ولن يزايد أحد على أحد». وتابع مصطفى: «نحن في حزب الحرية والعدالة وجماعة الإخوان نريد تأجيل المليونية إلى حين أن ننتهي من دراسة مسودة الدستور، والنظر فيها بعمق، حتى تكون معبرة عن كل الأطياف. فنحن نريد مسودة يتوافق عليها الجميع، ولن نفرط أبداً في أن تكون الشريعة الإسلامية هي الحاكمة في المرحلة المقبلة». وكان لافتاً حضور مجموعة من الأقباط تطلق على نفسها رابطة «أقباط 38» وتطالب بتطبيق الشريعة الإسلامية. وأعلن الناطق باسم الرابطة نادر الصيرفي خلال كلمته في المؤتمر رفضهم المادة الثالثة في الدستور التي تضمن للأقباط الاحتكام إلى شريعتهم. وقال الصيرفي: «طالبنا بالاحتكام للشريعة الإسلامية لأننا مواطنون مصريون نرغب في الاحتكام للشريعة». وعلى صعيد المناقشات التي تجري داخل أروقة الجمعية التأسيسية، عقدت قيادات سياسية مساء أمس اجتماعاً في مقر التأسيسية لمناقشة المواد المختلف عليها بين الإسلاميين والقوى الليبرالية واليسارية. لكن بدا أن الاجتماع لم يخرج بنتائج ملموسة. وأكد عضو الجمعية التأسيسية مؤسس حركة شباب «6 أبريل» أحمد ماهر أنه لا يزال هناك خلافات بين الإسلاميين والقوى المدنية، موضحاً أن التيار السلفي يصر على مواد تدعم تطبيق الشريعة فيما أعضاء جماعة الإخوان المسلمين لا يتحدثون كثيراً عن الشريعة و«إنما لدينا خلافات معهم حول نظام الحكم وصلاحيات الرئيس والنظام الانتخابي الأمثل الذي ستجري بمقتضاه الانتخابات البرلمانية المقبلة». لكن ماهر أكد في الوقت نفسه أن التوافق ليس بعيد المنال، و «نحن متمسكون بحصول توافق ومستمرون في مناقشاتنا حتى اللحظات الأخيرة»، مبدياً تمنيه أن يكون إرجاء الإسلاميين التظاهر «خطوة نحو إبداء مرونة أكبر». في المقابل، أكد عضو الجمعية التأسيسية القيادي الإخواني الدكتور فريد إسماعيل أن الجمعية التأسيسية تتجه نحو التوافق التام حول مواد الدستور التي يدور حولها جدل خلافي مع بعض القوى الوطنية، موضحاً أن لجنة نظام الحكم عقدت أكثر من اجتماع مشترك مع لجنة الصياغة حول مسودة الدستور «للاستماع إلى ملاحظات لجنة نظام الحكم حول المواد المتعلقة بنظام الحكم المثيرة للجدل، وانتهينا إلى توافق تام حول بعض المواد التي كانت محل خلاف»، مشيراً إلى استمرار النقاشات. وقال «إن هناك توافقاً تاماً حول 8 مواد من أصل 12 مادة كانت محل خلاف، حيث تم التوافق على المواد من الأولى حتى السابعة، والمتعلقة بهوية الدولة والأزهر الشريف والسيادة، وشرائع غير المسلمين والنظام الديموقراطي وغيرها، وكذلك المادة المتعلقة بالزكاة، ولم يتبق سوى الأمور المتعلقة بالمرأة والطفل والاعتقاد». في غضون ذلك التقى المستشار حسام الغرياني رئيس الجمعية التأسيسية للدستور أمس رئيس مؤسسة كارتر للسلام الرئيس الأميركي السابق جيمي كارتر بحضور الأمين العام للجمعية الدكتور عمرو دراج ورئيس لجنة نظام الحكم في الجمعية الدكتور جمال جبريل. وطالب كارتر خلال اللقاء بسرعة الانتهاء من الدستور، متسائلاً هل سيتضمن الدستور الجديد مساواة المواطنين في الحقوق والحريات وهل هناك خلافات حقيقية في صوغه بسبب الاختلاف في الأديان. وقال الدكتور عمرو دراج إن ممثلي الجمعية في الاجتماع اكدوا لكارتر أن الدستور سينتهي خلال 3 أسابيع أو شهر وأن هناك بعض الأمور الخلافية يتم التوافق حولها حالياً وستنتهي خلال أيام وأنه لا يوجد تفرقة بسبب الأديان.