في وقت تزايدت حدة الخلافات بين ممثلي التيار الإسلامي في الجمعية التأسيسية لوضع الدستور المصري وممثلي القوى الأخرى التي تتهمهم بمحاولة «الاستئثار» بالدستور الجديد، سعى شيخ الأزهر احمد الطيب إلى احتواء هذه الخلافات فالتقى أمس ممثلي الكنائس، كما أعلن أنه سيلتقي اليوم ممثلي أحزاب ليبرالية. وأكد الطيب والقائم بأعمال الكنيسة القبطية الأرثوذكسية الأنبا باخوميوس في بيان مشترك بعد الاجتماع «توافقهما التام في شأن الدستور الجديد من خلال المناقشات التي تتم في اللجنة التأسيسية». وشددا على «أهمية تحقيق الصالح العام لمصر وشعبها». وأعلن مستشار شيخ الأزهر محمود عزب «استمرار الأزهر في لقاءاته مع مختلف القوى الوطنية لتحقيق التوافق التام في شأن الدستور، خصوصاً المادة الثانية» المتعلقة بمرجعية الشريعة الإسلامية. وأشار إلى أن شيخ الأزهر يلتقي اليوم ممثلين لقوى ليبرالية وسلفية ولجماعة «الإخوان المسلمين». لكنه لم يوضح ما إذا كانت تلك الاجتماعات ستعقد منفردة أم ستضم هذه القوى مجتمعة. غير أن بياناً آخر للأزهر قال إن الطيب سيستقبل وفداً من الليبراليين أبرزهم عضو الجمعية التأسيسية الديبلوماسي المخضرم عمرو موسى والنائب السابق الذي كان رفض المشاركة في الجمعية عمرو حمزاوي، «في مسعى من الأزهر لجمع شمل كل التيارات والاتجاهات السياسية المصرية وتقريب وجهات النظر بينها». وأفيد بأن قوى ليبرالية ويسارية ستجتمع اليوم أيضاً للبحث في بلورة رؤية موحدة في مواجهة مشروع الدستور الذي يسعى التيار الإسلامي إلى فرضه في الجمعية التأسيسية. وأقرَّ عضو الجمعية منسق «حركة 6 أبريل» أحمد ماهر بأن «طريق إنجاز الدستور يمر بمشاكل»، موضحاً أن «الأمور كانت تسير على ما يرام في البداية، وكان هناك إصرار من الجميع على خروج دستور يتوافق عليه الجميع، غير أننا عندما دخلنا في نقاشات في شأن المواد الخلافية والمتعلقة بعلاقة الدين بالدولة بدأت المشاكل». ولم يستبعد ماهر الانسحاب من التأسيسية، وإن أكد أن «خيار الانسحاب يبقى خياراً أخيراً». وقلَّل من الخلافات، مشيراً إلى أن «الأمور الآن تدور في نطاق المناقشات والخلافات في الرأي، ولم نلمس حتى الآن اللجوء إلى تمرير بعض المواد التي نعترض عليها عبر التصويت داخل الجمعية، وإذا حصل ذلك سيكون لنا رد فعل قوي». وأشار إلى أن «القوى المدنية الممثلة في الجمعية التأسيسية ستجتمع في ما بينها (اليوم) بهدف بلورة رؤية موحدة في شأن النقاط الخلافية، ودرس ما إذا كانت هناك إمكانية للتوافق مع الإسلاميين أم ستكون لنا إجراءات أخرى». ووسط تلك الأجواء، أعلنت عضو الجمعية التأسيسية الناشطة الحقوقية منال الطيبي في بيان أمس تقديم استقالتها من الجمعية، مشيرة إلى أنها ترفض «المشاركة في بناء مؤسسات الثورة المضادة». ولفتت إلى أن قبولها عضوية الجمعية منذ البداية رغم نصح الكثيرين بعدم المشاركة، كان بهدف «خوض التجربة كاملة حتى تكون شاهدة عيان على تلك التجربة المريرة السوداء». ونبهت إلى أننا «مقبلون على وضع دستور أسوأ من كل الدساتير المصرية السابقة». في المقابل، أكد الأمين العام للجمعية التأسيسية القيادي في «الإخوان» عمرو دراج اعتزام الجمعية مناقشة ثلاثة أبواب «تم الانتهاء منها نهائياً في لجنة الصياغة، وهي الحقوق والحريات والأجهزة الرقابية ومقومات الدولة»، موضحاً أن «الأبواب الثلاثة ستعرض على الجمعية للمناقشة وإبداء الرأي، ثم تعاد مرة أخرى إلى لجنة الصياغة التي تستأنف عملها للانتهاء من باب نظام الحكم».