في القدس عدو حاضر في نهار ينتظر غيمة مطر وفي ليل يريد أن يبدل القمر بحجر. في بلادي أحلام تضحك، وأقلام تنتهك، ويمام تسرق حريتها أيضاً وتضحك. في بلادي من ينتظر حفرة ترابه فالموت يقذفه بطيئاً، ويكسره كفيفاً. على شاطئ بحر غزة ترصد حكايات وعلى الطرقات القديمة لرام الله تشحب وجوه فتيات وعلى أزقة مخيم تنسج روايات. في ساحات الأقصى روايات تحكى كيف أكون وكيف أنسى، والقدس تستصرخ أعيدوني إلى طبيعة نفسي، إلى رفرفة الحمام، إلى عيون السلام، إلى بهاء النرجس والياسمين، إلى مساء مجلس بليل الحالمين. فأنا جاهز للسلام، لا تتركوني هكذا أعواماً. عذراً رائحة بلادي فقد تبدلت الأحلام، وعذراً يا ليلة الميلاد فلا حلم يلتقي بك في المنام. في بلادي شعراء خدعتهم الكلمات وأخذتهم التوهمات، فلا حاضر يدافع ولا مستقبل سامع ولا فكر بذلك للتفكير واسع، هنا لغة الشعراء كالوهم وإيجاد النفس حلم. لا شيء كما هو سوى صدى صوت يستصرخ شهيداً شهيداً، لا شيء هنا سوى صدى موت يؤرخ قتيلاً قتيلاً. لا شيء يا بلادي سوى أمهات يتحدثن عن طفولة اغتسلتها المدافع وقضى عليها زمن متصارع. لا شيء يا بلادي سوى جنسية فلسطينية ونسيان للقدس وغزة وطبريا. آه يا بلادي فملامح انتمائي تشوهت بالغربة وأنا فيك لكنني دوماً أنسج الحنين مرة أخرى إليك. هنا في بلادي واقعيون وطنيون مستبدون كارهون متمردون طيبون. لا تختلف السماء القمرية ولا الحقيقة الأبدية فالمكان واحد والوطن واحد. لا خيال هنا يخاف على شعبي ولا موال بموتي يكتفي. لا حقيقة لجنسيتي تنتمي ولا أمل لوطنيتي يقتدي. لا شيء سوى بعثرة كلمات وبقايا أموات في حادث تسابقت فيه الكاميرات. لا شيء سوى قصيدة تعج بالأخطاء وموال يكتظ بالغناء. لا شيء سوى حلم يعانق مساء. هنا في بلادي نحن المتكلمون وهم فقط المتسلطون، لا ملامح انتماء عندهم ولا عاطفة وطن تحكمهم، فالحاضر يرفض والمستقبل يتقبل ولا أحد هنا ينتفض. ألوان بلادي، الأخضر والأصفر والأسود والأحمر، والجنسية الوطنية تتبخر. ولا يزال في السماء قمر وليس منكم شيء ينتظر.