هي سيدة ليست بالكبيرة جداً في السن، ولكن الفقر والألم والمعاناة رسمت ملامحها الواضحة على وجهها. بدأت أم ماجد حديثها بتذكر الأيام حين كان زوجها موجوداً، أي قبل وفاته: «كانت أحوالنا مختلفة، لم نكن في حاجة إلى أحد، وكل ما هو مطلوب لأمور الحياة نجده متوافراً لدينا، وكان يبذل كل ما في وسعه لتوفير ما نريد، ولم تكن الأسعار في تلك الفترة كالآن»، مشيرة إلى أن وفاته أسهمت في تردي أوضاعها هي وأطفالها. وتضيف: «كان حلمي تكوين أسرة مع زوج يعولني، ويقوم بمتطلبات بيته، لكن الظروف خيبت آمالي بعد وفاته، بعد أن نالت الأمراض من جسده كالقلب والفشل الكلوي، تاركاً لي حملاً ثقيلاً، خمسة أيتام، مصدر رزقهم الوحيد إعانة الضمان الاجتماعي التي لا تكفي في ظل الظروف المعيشية الصعبة، التي تقهر الرجال، فما بالكم بأرملة لا حول ولا قوة لها». وتتابع: «مررت بأيام قاسية كنت لا أجد طعاماً ولا حتى كسرة خبز لأطفالي، إذ كنت أخلط الماء بالسكر لأجعله طعاماً يسد جوعهم، ومما يؤلمني أكثر أن البيت المستأجر الذي نسكنه لا توجد به قطعة أثاث أو أجهزه معيشية، بل كنا نتوسد الحصير ومروحة تخفف عنا حر الصيف ولهيبه، فيما يلفنا صقيع الليالي الباردة في فصل الشتاء». وأكملت بسرد معاناتها وهي وحيدة في هذه الحياة، «لم أستطع تحمل عظم هذه المسؤولية ورعاية الأيتام ومصاريفهم وقيمة إيجار البيت المتواضع، ما دفعني إلى التنقل من بيت إلى آخر لتأخري في السداد الذي أعتمد فيه على صدقات المحسنين، فلولاهم بعد الله لم نستطع أن نجد سكناً»، مؤكدة أن الجمعية الخيرية وفرت لهم بعض الأجهزة مثل الثلاجة ومكيف وغسالة. وتستطرد: «زادت علي المسؤوليات والهموم، وفجعت بحادثة سير لابني الأكبر الذي يبلغ من العمر حالياً 20عاماً، نتج منها خلع في كتفه، وكلفة علاجه 20 ألف ريال، ولم يتوافر لدي المال اللازم لتغطية الجراحة، جميع تلك الظروف دفعتني إلى الزواج مرة أخرى حتى يكون لي سند وعون، لكن مشيئة الله فوق كل شيء، إذ أصيب زوجي بعد عامين من زواجنا بمرض في القلب وإعاقة في يده اليسرى، ما جعله عاجزاً عن العمل». أم ماجد تحمد الله على مشيئته وتقول: «الأقدار بيد الله ولا راد لحكمه، أنجبت منه طفلين فأصبح لدي الآن سبعة أبناء ذكور وإناث، هذا يعني أن لدي سبعة أفواه تحتاج إلى طعام»، مبينة محاولاتها في توفير لقمة العيش لهم، فامتهنت الطب الشعبي في علاج الأطفال الصغار، ولا تشترط مبلغاً معيناً بل ما تجود به الأنفس، وحاولت بيع العطور، لكن كل ذلك لم يف بحاجة أبنائها وبناتها الصغار، إضافة إلى تحملها مبلغ 20 ألف ريال إيجار البيت الذي يحل سنوياً، ولا أستطيع توفيره». مؤكدة أنه لم يبق لهم بعد الله سبحانه وتعالى إلا أصحاب القلوب الكبيرة والأيادي السخية، الذين يحبون الخير ويسعون إليه.