ارتدوا الإحرام، واتشحوا البياض وكانت نيتهم تأدية مناسك الحج، متجهين إلى عرفات، إلا أن الحظ لم يكن حليفهم ذلك اليوم لمجرد أنهم «مخالفون» لأنظمة الحج، العديد من نقاط التفتيش التي ساروا إليها منعتهم من تجاوز الحواجز لعدم حملهم لتصاريح الحج، فعادوا أدراجهم محملين بخيبة أمل. نقطة التفتيش الأولى التي واجهتهم كانت تقع في شارع إبراهيم الجفالي الذي كان مغلقاً، فابتكروا حيلة أخرى متوجهين إلى الطريق المؤدي للطائف بالتقاطع مع شارع الجفالي فوجدوه مغلقاً أيضاً، ولم تجد معهم أي حيلة للوصول إلى المشاعر المقدسة، إذ كانت جميع المنافذ المؤدية إلى عرفات مغلقة كغيرها من الطرق الرئيسة التي كانت مغلقة بالحواجز الأسمنتية ووجود مكثف لرجال الأمن. «ناهض» الذي كان يحلم بالعودة إلى الرياض حاملاً معه لقب «حاج» تحدث إلى «الحياة»، قائلاً: «كنت أظن أن باستطاعتنا الدخول إلى المشاعر المقدسة من غير تصريح، فقد فعلناها أكثر من مرة في الأعوام السابقة، إلا أن خطة هذا العام كانت محكمة جداً، إذ كانت جميع المنافذ المؤدية إلى المشاعر المقدسة إما مغلقة بشاحنات أو حواجز أسمنتية»، موضحاً أن إحدى الطرق الضيقة بجوار أحد المساجد كنا نعبر من خلاله وجدناه مسدوداً ب «قلاّب»، كما حالت بيننا الجبال فلا نستطيع اختراقها. حاج آخر اسمه «سعيد» نوى أن يحج بصحبة أسرته المكونة من تسعة أشخاص، إذ قدموا من الرياض قبل الحج بأسبوعين ومكثوا في المدينةالمنورة حتى غرة شهر ذي الحجة الجاري، ثم قدموا إلى مكة إذ كان يرغب في تمكين بناته الثلاث من أداء فريضتهن لهذا العام، ولم يكن لديهم تصريح، وكان «سعيد» يعتقد أن «التصريح لحجاج الخارج فقط»، حسب قوله، أكثر من سيارة ممتلئة بالحجاج كانت تحوم حول هذه المنافذ والممرات بغية الحصول على منفذ يوصلهم إلى المشاعر المقدسة ولكن دون جدوى، البعض حاول أن يستنجد برجال الأمن غير أن الإجابة كانت تأتيهم بالنفي. من جانب آخر، تواجد الكثير من المحرمين المخالفين على أرصفة مكة مفترشين أمتعتهم طالبين من الله أن ييسر لهم أداء الحج، ويقول «أشرف شمس الحق»، الذي كان يجلس مع زوجته وبناته على أحد تلك الأرصفة، «لم أتمكن من الدخول إلى المشاعر، فأنا أعيش في مكة وأعرف منافذها جيداً، غير أني الآن أفكر في أن استدين من كفيلي مبلغاً حتى أفدي عن كل فرد من أفراد أسرتي التي نوت الحج وهي تعلم أنني لن أذبح سوى أضحية واحدة عنا جميعاً».