شنت القوات السورية غارات جوية جديدة على بلدات تقع على تخوم العاصمة السورية، فيما سيطرت المعارضة المسلحة أمس على عدد من الحواجز التابعة للجيش النظامي في العاصمة، وفق ما ذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان. وأفاد ناشطون وشهود عن انفجارات كبيرة وقعت حين ضربت طائرات حربية روسية الصنع، ضواحي زملكا وعربين وحرستا في دمشق، كما أفادوا عن قطع الكهرباء والماء والاتصالات، ونقل عشرات المصابين من مستشفى حرستا الوطني مع اقتراب القصف. وتصاعدت سحب الدخان من حي الغوطة الشرقية التي تحاول القوات منذ نحو أسبوع السيطرة على بلدات ومدن فيها، وفق ما أفاد المرصد في بيان. وفي ريف العاصمة أيضاً، أفاد المرصد عن مقتل ما لا يقل عن أربعة عناصر من القوات النظامية إثر «هجوم نفذه مقاتلون من الكتائب الثائرة على حاجز للقوات النظامية في بلدة عين ترما». كما سيطر المقاتلون على حواجز عدة للجيش السوري في دوما، وعلى مبنى البرج الطبي في دوما أيضاً الذي كان مركزاً للقوات النظامية بعد اشتباكات فجر أمس وعلى حاجزي الشيفونية ودوار الشهداء. وكان قصف بلدة السبينة والمعضمية أسفر عن إصابة أشخاص بجروح بعد منتصف ليل السبت - الأحد في المعضمية. وفي العاصمة نفسها، دارت اشتباكات بين القوات النظامية ومقاتلين من الكتائب الثائرة المقاتلة في حي الحجر الأسود. وقال نشطاء في المعارضة إن طائرات مقاتلة قصفت ضواحي شرق دمشق لليوم الثاني على التوالي. وقالوا إن انفجارات كبيرة وقعت في زملكا وعربين وحرستا المتجاورة. وأفاد بيان لمكتب حرستا الإعلامي وهي جماعة معارضة بأن الكهرباء والماء والاتصالات قطعت وأن عشرات المصابين في مستشفى حرستا الوطني نقلوا مع اقتراب القصف. وذكر النشطاء أيضاً أن قتالاً اندلع في ضاحية دوما إلى الشمال الشرقي حيث يهاجم مقاتلو الجيش السوري الحر حواجز طرق. وتحيط بدمشق أحياء سنّية لعبت دوراً كبيراً في الانتفاضة. وتأتي هذه التطورات في ثالث أيام عيد الأضحى الذي أعلن عن قيام هدنة فيه، وفق مبادرة أطلقها المبعوث المشترك الأخضر الإبراهيمي ووافق عليها النظام وأطراف من المعارضة إلا أنها لم ترَ النور. وذكر مدير المرصد السوري رامي عبدالرحمن أن ذلك «يشير إلى أن النظام لا يستطيع السيطرة على المواقع مع الوقت». ولم يكن الوضع أفضل في مناطق ثانية من البلاد، حيث «استشهدت شابة نتيجة القصف على حي سليمان الحلبي في حلب (شمال)». وفي حلب كذلك، دارت اشتباكات بين القوات النظامية والكتائب الثائرة المقاتلة في حي الميدان وفي محيط ثكنة هنانو العسكرية وسقطت قذائف عدة على حي الخالدية ما أدى إلى سقوط جرحى فيه. وأفاد التلفزيون السوري في شريط عاجل بأنه «في خرق جديد لوقف العمليات العسكرية، أطلق إرهابيون قذيفتي هاون على مبنى القصر البلدي في حلب ما أدى إلى وقوع أضرار مادية». كما تجددت الاشتباكات بين القوات النظامية والكتائب الثائرة المقاتلة ومقاتلين من جبهة النصرة في محيط معسكر وادي الضيف بريف معرة النعمان التابع لمحافظة إدلب (شمال غرب). وفي شرق البلاد، تتعرض أحياء من مدينة دير الزور للقصف من قبل القوات النظامية التي تشتبك مع مقاتلين من جبهة النصرة ومقاتلين من الكتائب الثائرة المقاتلة. وشوهدت الطائرات الحربية في سماء المدينة. وأفادت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) بأن «المجموعات الإرهابية» في دير الزور واصلت لليوم الثالث على التوالي خرقها إعلان وقف العمليات العسكرية الذي التزم به الجيش. وذكر مصدر مسؤول لوكالة سانا أن وحدات من الجيش «تصدت لمجموعة إرهابية خرقت وقف إطلاق النار قرب دوار الحلبية بالمدينة وتعاملت معها ما أدى إلى مقتل الإرهابي أبو البراء الشيحلاوي ويدعى عمار نوار الهجر قيادي بتنظيم القاعدة مع اثنين من الإرهابيين». وتابع: «كما ردت وحدة أخرى من قواتنا المسلحة على مجموعة إرهابية أطلقت النار على حواجز الجيش وقوات حفظ النظام وقضت على عدد من الإرهابيين في حي الرشدية في دير الزور عرف منهم غزوان الحسين الملقب أبو مصعب متزعم إحدى المجموعات الإرهابية». في موازاة ذلك، ذكرت افتتاحية صحيفة «الثورة» الحكومية أن السوريين متيقنين من أن «المجموعات الإرهابية المسلحة لا تمتلك قرارها، وتستند في غالبيتها إلى مرجعية خارجية ليس لديها النية ولا الرغبة في وقف نزيف الدم السوري، فيما الجزء المتبقي مجموعة من المرتزقة المرتهنة لأجندات خاصة، أو تعمل بالأساس لحساب مصالح رخيصة ومبتذلة». وأسفرت خروقات الهدنة التي يتبادل النظام والمعارضة الاتهامات حول القيام بها عن مقتل 114 شخصاً أول من أمس، بينهم 47 مدنياً و31 منشقاً و36 عنصراً نظامياً، وفق حصيلة أوردها المرصد في بيان منفصل صباح أمس. إلى ذلك، نفت جبهة النصرة الإسلامية، التي سبق وأعلنت مسؤوليتها عن الكثير من التفجيرات الانتحارية الدموية في سورية ورفضها للهدنة خلال عطلة عيد الأضحى، أمس مسؤوليتها عن التفجير الذي وقع في دمشق في أول أيام العيد وأسفر عن مقتل 5 أشخاص، متهمة النظام بالوقوف وراءه. وذكرت الجبهة في بيان نشرته مواقع إسلامية أنه «في يوم عيد الأضحى المبارك، وفي حي من أحياء دمشق المكتظة، وقع حادث مؤلم... كان ذلك الحادث تفجير سيارة مفخخة في حي الزهور – دف الشوك، فأزهقت أرواحاً بريئة». وأضافت الحركة في بيانها «بياناً للحق وإيضاحاً لمنهج جبهة النصرة... تتبرأ جبهة النصرة من هذا التفجير بكل ما فيه». واعتبرت الحركة في بيانها أن «هذا النظام... لا يكتفي بالاصطياد في الماء العكر، بل إنه يعكر الماء ليصطاد فيه... غالبية الناس تعتقد أن النظام هو من قام بالتفجير لأنه أشبه به». وأكدت الحركة في بيانها أن رفضها للهدنة المعلنة حول وقف العمليات العسكرية خلال أيام عيد الأضحى «هو رفض من جهة المبدأ». وأوضحت «حين رفضت الهدنة لم يكن هذا يعني بالضرورة أنها ستقوم بعمليات ضمن أيام العيد، كما لا يعني ذلك أنها ستمتنع عن العمليات»، لافتة إلى أن «العمل العسكري لدى الجبهة يخضع لعوامل متعددة تتعلق برصد الأهداف، واختيار الزمان المناسب، وتجهيز آليات التنفيذ». وتوعدت الجبهة في بيانها «بعمل قوي مدمر يكون رداً على... النظام تفجيره في حي الزهور ويكون درساً بالغ القسوة له حتى لا يعود إلى مثل هذه الجريمة». وقتل خمسة أشخاص وأصيب 32 آخرون بجروح الجمعة في انفجار سيارة مفخخة في منطقة دف الشوك في جنوبدمشق، وفق ما ذكر التلفزيون الرسمي السوري الذي وصف العملية ب «الخرق الواضح لإعلان وقف العمليات العسكرية الصادر عن القيادة العامة للجيش والقوات المسلحة» لمناسبة عيد الأضحى. وذكر المرصد السوري أن هناك أطفالاً بين الجرحى، وأن الانفجار أسفر عن «تهدم الكثير من المنازل في المنطقة».