دعت قوى إسلامية عدة في مصر إلى تنظيم تظاهرات حاشدة يوم الجمعة المقبل في ميدان التحرير للضغط من أجل النص في الدستور الجديد صراحة على تطبيق الشريعة الإسلامية، فيما فضلت قوى التيار الإسلامي الرئيسية التريث قبل اتخاذ قرار بخصوص المشاركة في «المليونية» التي سمّتها القوى الداعية إليها «مليونية تطبيق الشريعة». وأثارت مسألة تطبيق الشريعة وحدود هذا التطبيق خلافات حادة بين الإسلاميين من جهة والليبراليين من جهة أخرى، إذ تطالب القوى المدنية بإبقاء المادة الثانية في الدستور الجديد بالصياغة نفسها التي أتت بها في دستور 1971، والتي تنص على أن «مبادئ الشريعة هي المصدر الرئيسي للتشريع»، فيما يرفض الإسلاميون هذه الصياغة ويطلب قطاع منهم استبدال كلمة «مبادئ» ب «أحكام» أو على الأقل تفسير كلمة مبادئ على أساس ما استقر عليه الأزهر وليس المحكمة الدستورية العليا التي قالت إن «مبادئ الشريعة الإسلامية» هي النصوص القطعية الدلالة والثبوت، وهو ما يرفضه الإسلاميون على اعتبار أن هذه النصوص قليلة جداً، ويطلبون التوسع في تطبيق أحكام الشريعة. ودعا «التيار الإسلامي العام» الذي يضم 22 ائتلافاً، إلى الحشد في «مليونية تطبيق الشريعة» يوم الجمعة المقبل، لكن التيار فتح الباب إلى إمكان إرجاء موعد التظاهرات. وقال في بيان: «سنشارك في مليونية تطبيق الشريعة الإسلامية سواء كانت في 2 تشرين الثاني (نوفمبر) أو تم تأجيلها ليوم آخر». وأضاف البيان: «سنطالب بأن يكون هناك نص صريح على أن المرجعية للشريعة الإسلامية وعدم مخالفة النصوص أحكام الشريعة»، مشيراً إلى أن التيار الإسلامي العام سيعلن رفضه ل «بلطجة القوى العلمانية والليبرالية لفرض آرائهم وأفكارهم الشاذة على مجتمع مسلم». وطالب التيار الرئيس محمد مرسي وحزب «الحرية والعدالة»، الذراع السياسية لجماعة «الإخوان المسلمين»، بأن يفوا بوعودهم نحو تطبيق الشريعة الإسلامية. وحض البيان جموع الشعب المصري على المشاركة في المليونية. وقال: «ليس معقولاً أبداً أن قلة علمانية تحرم مجتمعاً مسلماً أن يحكم بالدين الذي يؤمن به»، مطمئناً الأقباط إلى أن «الشريعة الإسلامية ستحميهم من البطش والطغيان حال تطبيقها، إذ إنها تعطيهم الحق في الاحتكام إلى شرائعهم». ومن بين القوى المنضوية تحت لواء التيار الإسلامي العام «الجبهة السلفية» وحزبا «الفضيلة» و «التوحيد العربي» و «دعوة أهل السنة والجماعة» وحركة «حازمون». ولم تعلن جماعة الإخوان المسلمين موقفاً من هذه التظاهرات، وما زالت تدرس خياراتها في هذا الصدد. ومعروف أن محكمة القضاء الإداري أمهلت الجمعية التأسيسية للدستور مهلة لإتمام أعمالها بإحالة دعوى حلها على المحكمة الدستورية العليا. وقال أعضاء في الجمعية إن الدستور الجديد سيتم الانتهاء منه الشهر المقبل على أقصى تقدير. وكانت المسودة الأولى للدستور التي اقترحتها الجمعية لاقت اعتراضات جمّة من الليبراليين والسلفيين، على حد سواء. وفي الإطار ذاته، قالت «الجماعة الإسلامية» في بيان إنها ستسعى إلى التواصل مع الجهات الشخصيات والداعين إلى «مليونية تطبيق الشريعة الإسلامية» من أجل تحقيق الإجماع عليها. وذكرت الجماعة في بيان أن «موقفها داعم لترسيخ الهوية والشريعة الإسلامية في الدستور المصري الذي تتم صياغته من قبل الجمعية التأسيسية»، لافتة إلى أنها ستسعى إلى «تحديد توقيت المليونية والفاعليات الجماهيرية الأخرى التي يمكن أن تسبقها أو تتلوها بما يحقق مصلحة الوطن وآمال غالبية الشعب المصري في دستور يحفظ الهوية بتأكيد المرجعية القانونية للشريعة الإسلامية التي تنحاز للفضيلة والحرية والعدالة الاجتماعية». ورأت الجماعة أن هذه القضية هي قضية الشعب المصري بغالبيته الساحقة وفي طليعته كل الحركات والأحزاب والاتجاهات والشخصيات الإسلامية. وبدا أن الجماعة راغبة في إرجاء المليونية. وقال المتحدث باسمها محمد حسان ل «الحياة»: «مثل هذه الفعاليات تحتاج إلى ترتيب جدي مسبقاً حتى تؤتي ثمارها، وسنعرض وجهة نظرنا على الداعين للتظاهرات ونتشاور في الأمر». وحذت «الدعوة السلفية» حذو «الجماعة الإسلامية»، وقالت في بيان إن «مليونية الشريعة تأتي رداً على تعنّت القوى الليبرالية واستقوائها بالإعلام، بل ومطالبة البعض منها بالاستقواء بالخارج، لمحاولة تمييع مرجعية الشريعة في الدستور»، لكن الدعوة «رأت ضرورة التنسيق مع القوى الإسلامية الرئيسية: جماعة «الإخوان المسلمين»، وذراعها السياسية حزب «الحرية والعدالة»، و «الجماعة الإسلامية» وذراعها السياسية حزب «البناء والتنمية»، إضافة إلى الدعوة السلفية وذراعها السياسية حزب «النور»، إلى جانب ضرورة التشاور مع الرموز الإسلامية الدعوية، حتى تخرج المليونية حال إقرارها بالزخم المطلوب».