وجّه زعيم تنظيم «القاعدة» أيمن الظواهري انتقادات حادة لحكم الرئيس محمد مرسي، داعياً المصريين إلى «الثورة من جديد من أجل فرض الشريعة». وفيما تجاهلت رئاسة الجمهورية الرد على انتقادات الظواهري، اعتبرتها تيارات الإسلام السياسي «تحريضاً غير مقبول». ونُسب إلى الظواهري قوله في تسجيل صوتي إن «المصريين يريدون رؤية حكومتهم محررة من التأثير الأميركي وكذلك انتصاراً فلسطينياً على إسرائيل». وأضاف أن «المعركة لم تنته ولكنها بدأت»، داعياً «جميع الناس الشرفاء في مصر» إلى «القيام بحملة شعبية من أجل إنجاز الثورة التي أجهضت». وقال: «على الأمة الإسلامية في مصر خوض معركتهم للنهاية لنصرة الشريعة الإسلامية». ووجه تساؤلات إلى الرئيس مرسي حول نياته تجاه إسرائيل، والأقباط المصريين، وآلية تطبيق الشريعة. وأكد تمسكه بخطف غربيين لمبادلتهم بأمير «الجماعة الإسلامية» الشيخ عمر عبدالرحمن المسجون في أميركا. ويأتي حديث الظواهري بعد أيام من ضبط سلطات الأمن المصرية خلية وصفتها بالإرهابية وسط حديث عن ارتباطها بتنظيم القاعدة، فضلاً عن معلومات عن سعي جهاديين أطلق سراحهم أخيراً من السجون إلى تشكيل تنظيمات مسلحة. واعتبر القيادي في جماعة «الإخوان المسلمين» علي عبد الفتاح أن حديث الظواهري هدفه «الشو الإعلامي فقط» (البروز الإعلامي). وقال ل «الحياة»: «كلامه مردود عليه، فالإنجازات التي حققها الدكتور مرسي أكبر بكثير من المتوقع، ويكفي أنه خلّص مصر من حكم العسكر، وطهّر الأجهزة الرقابية، ما سيسمح بفتح ملفات الفساد، فضلاً عن إلغاء الإعلان الدستوري المكمل». وأوضح أنه في ما يخص تطبيق الشريعة، فإن الوسائل كثيرة للوصول إلى هذا الهدف، ولكن ليس العنف أحدها. وقال: «نسعى إلى تغيير مجتمعي متدرج، وبقاء واستقرار رئيس مدني منتخب أولى من هذا التحريض الذي يمارسه الظواهري وأنصاره». وعن حديثه بخصوص العلاقة مع إسرائيل، قال عبدالفتاح: «الوحيد الذي فتح معبر رفح ويساند القضية الفلسطينية هو الرئيس مرسي، ما كان منفذ رفح يُفتح لفترات طويلة إلا لو كان الرئيس مسانداً لقضية فلسطين، وهو لم يذكر كلمة إسرائيل مطلقاً، وفي ذلك إشارة، كما أن مواد البناء اللازمة لإعادة إعمار غزة مصر تساعد في إدخالها». وأضاف: «الظواهري بتحريضه يريد «شو» (الظهور) إعلامياً ليس أكثر وهو لا أنصار له في مصر أصلاً». ورفض الربط بين ما كشفته السلطات عن خلية مدينة نصر الإرهابية وتسجيل الظواهري. من جانبه، قال القيادي في «الجماعة الإسلامية» الدكتور طارق الزمر ل «الحياة» إن الجماعة ترى أن الثورة لم تكتمل بعد «لكن علينا أن نساعد الرئيس المنتخب في استكمال الثورة، والتأكيد على أن ذلك مسؤولية الشعب وليس الحكومة والسلطة». وبخصوص حديث الظواهري عن الشريعة الإسلامية، قال الزمر: «دورنا أننا انتخبنا رئيساً نثق في تطبيقه للشريعة وعلينا أن نعاونه بالنصح والمشورة، لكن يجب أن نعلم أن الشريعة لا تُطبّق في شهر أو اثنين ولا حتى سنة، لأن الشريعة كنظام قانوني في حاجة إلى وقت لتطبيقها، والأولوية الآن يجب أن تكون لتطهير المؤسسات ومكافحة الفساد، لأنه من دون ذلك لن تطبق الشريعة». وأيّد الزمر دعوة الظواهري لإطلاق عبدالرحمن، ولكنه أوضح أن ذلك لا يكون بالعنف أو إعلان الحرب على أميركا ولكن بالوسائل السلمية والقانونية والديبلوماسية. وقال الزمر: «الثورة لن تنجح إلا بالوسائل السلمية وأي محاولة لإدخال العنصر المسلح لن يؤدي إلا لإجهاضها». وعن حديث الظواهري بخصوص الخلاف بين الليبراليين والإسلاميين، قال الزمر: «هذا الخلاف موجود ويسأل عنه العلمانيون الذين يريدون زرع الفتنة، فالاستقطاب هم السبب فيه وهو أمر يضر بالثورة». من جانبه، قال الخبير السياسي الدكتور عمرو الشوبكي، وهو أحد الأصوات الليبرالية في مصر، إن الثورة لم تقم في مصر لتطبيق الشريعة، ويجب ألا تختزل الثورة في هذه النقطة «ثم إن الظواهري وتنظيمه لم يشاركا في ثورات الربيع العربي، بل على العكس بعثت هذه الثورات برسالة مفادها أنه يمكن التغيير سلمياً وليس عن طريق العنف». وأوضح أن «هجوم الظواهري وتحريضه لن يغيّرا في الأمور شيئاً، فالقاعدة تنظيم احتجاجي عنيف خارج الأطر السلمية والديموقراطية، وهو ليس طرفاً مؤثراً في الحياة السياسية المصرية». واعتبر أن حديث الظواهري عن القوى المدنية «تحريضي، ولا أساس له من الواقع». وقال: «الاستقطاب بين القوى المدنية والإسلامية على رغم كل مشاكله ووصوله إلى مرحلة الخطر في بعض المواقف، إلا أنه يبقى داخل إطار العملية السياسية».