خصّص تقرير «التقويم العالمي في شأن الحدّ من أخطار الكوارث» فصلاً عن المنطقة العربية. وأشار إلى نقاط عدة، منها تأثر الإقليم دورياً بالزلازل والجفاف، والضرر البالغ على الاقتصاد المحلي، خصوصاً في الزراعة، نتيجة الجفاف. ولاحظ أن الحدّ من أخطار الكوارث لم يكن أولوية بالنسبة إلى الحكومات في الإقليم، حتى وقت قريب. وأورد أن الفيضانات تزيد أخطار الوفيات والخسائر الاقتصادية، ما يؤكد أن البلاد العربية لا تتحرك بالسرعة اللازمة والكفاءة الواجبة لحماية السكان في ظروف الكوارث. لم يغفل بعض الخطوات العربية الجادة في الحدّ من أخطار الكوارث، منها دأب مجموعة من الدول العربية على الإبلاغ عن الخسائر الناجمة عن الكوارث بصورة منهجية، وإعداد قواعد للبيانات الوطنية عن خسائر الكوارث في الأردن وسورية واليمن والمغرب ومصر. ويذكر أن هذا الموضوع أحرز تقدماً كبيراً على الصعيد الإقليمي العربي. إذ أقر رؤساء الدول في كانون الثاني (يناير) 2011 الاستراتيجية العربية للحدّ من أخطار الكوارث حتى عام 2020. وفي لقاء مع «الحياة»، أوضح الدكتور أمجد أبشر المدير الإقليمي للاستراتيجية الدولية للحد من أخطار الكوارث في العالم العربي، أن المكتب شرع في التعاون أخيراً مع عدد من الهيئات والمنظمات مثل جامعة الدول العربية ومجلس الوزراء العرب والمسؤولين عن شؤون البيئة ومجلس التعاون الخليجي، في وضع إطار تنفيذي لتطبيق هذه الاستراتيجية إقليمياً ووطنياً. وبيّن أبشر أن المكتب يهتم بوضع تشريعات لمساعدة برامج للتنمية يُدمج الحدّ من الكوارث فيها. كذلك، أكّد أن نجاح هذه الاستراتيجية يعتمد على ما يجرى تنفيذه عملياً على المستوى الوطني، وإنشاء قاعدة بيانات في كل دولة عربية، تحدد تاريخ الكوارث وتحلل بياناتها وتوضح الإمكانات الوطنية. وبيّن أبشر أن هذه الأمور تساعد على التعامل مع الكوارث بطريقة سليمة وبإجراءات استباقية تتواءم مع الظروف الاجتماعية والاقتصادية لكل بلد. وشدّد على وجوب البيانات لا بد أن تكون وافية وشاملة لكل هذه الأوضاع. الصومال نموذجاً! كذلك أشار أبشر إلى أن الدول العربية بدأت باتخاذ بعض الخطوات الجادة ولكن لا يزال الطريق أمامها طويلاً. وأضاف: «لحسن حظنا أننا لم نواجه كوارث هائلة، كما حدث في مناطق أخرى. ولا يعني هذا أن لدينا حصانة ضد الكوارث. إذ تطاول تغيرات المناخ الجميع، ولدينا سواحل عربية طويلة معرضة لأن تلتهمها البحار نتيجة ارتفاع درجة حرارة الأرض وذوبان ثلوج القطبين المتجمدين. وضرب مثلاً بما حدث في الصومال من موجة جفاف ضربت الزرع والضرع، فاقم آثارها غياب خطط للتنمية المستدامة، تأخذ في الحسبان هذه الأخطار الطبيعية وأمثالها. «يشبه هذا أيضاً ما حدث في السودان من فيضانات، والسيول في مصر والسعودية. وتؤكّد هذه الأمور أن الدول العربية مدعوة إلى المزيد من العمل في هذا المجال والتخطيط والاستعداد والحيطة». وأشار أبشر إلى نقطة مهمة تتعلق بطبيعة الكارثة. وأورد أن المسألة لا تقتصر على الكوارث الهائلة، بل تشمل الحوادث الطبيعية السلبية التي تتكرر في العالم العربي وتؤثر في شكل كبير في التنمية، ويجب الالتفات إليها. وتحدث عن المشاكل التي تواجه الدول العربية في ما يخص المرأة ودورها في الحدّ من الكوارث. وقال: «لا تزال المرأة مهمشة في كثير من بلدان الإقليم. لا تشارك مجتمعياً. ولا تأخذ أدواراً قيادية، حتى أن معلومات الإنذار المبكر قد لا تصل إليها. تستطيع المرأة أن تقوم بدور كبير، خصوصاً في مرحلة التعافي بعد الكوارث. لقد رأيناها تقوم بأدوار مهمة وغير عادية في مناطق واسعة من العالم: كانت تحفر الآبار وتبني المساكن وتزرع وتحصد وتجلب الماء». وتناول أبشر أيضاً بعض الجهود التي بدأتها المغرب وتونس والجزائر ولبنان والأردن في مسألة الحدّ من أخطار الكوارث. ولاحظ أن مصر بدأت في وضع خطط متعلقة بأخطار التغيّر في المناخ وارتفاع سطح البحر. ودعا البلاد العربية إلى مزيد من العمل على المستوى الوطني وتحقيق الأهداف الخمسة لإطار عمل «هيوغو»، وهو اعتبار الحد من أخطار الكوارث أولوية، والتعرّف إلى الأخطار واتخاذ الإجراءات في شأنها، ومراكمة الفهم والتوعية، ومحاولة الحدّ من الخطر، والاستعداد والجاهزية للعمل. وذكّر أبشر بنتائج «تقرير التقويم العالمي في شأن الحدّ من أخطار الكوارث»، الذي صنّف المنطقة العربية في مستوى أقل من المتوسط العالمي من حيث التقدم في المجالات الخمسة الآنفة الذكر. وأكّد أن محاربة الفقر ينبغي أن تكون لها الأولوية، لأن الفقر من أهم التحدّيات التي تواجه جهود الحدّ من أخطار الكوارث.