نائب وزير الخارجية يستقبل سفير جمهورية تركيا    إنطلاق جلسات منتدى الرياض الثاني للمسؤولية الاجتماعية مساء اليوم الأحد    أمير تبوك يطلع على تقرير أعمال فرع وزارة التجارة بالمنطقة    مشروع الأمير محمد بن سلمان يجدّد مسجد المسقي التاريخي بعسير    وزير الخارجية يصل القاهرة لترؤس اجتماع اللجنة الوزارية بشأن التطورات في قطاع غزة    تطورات إصابة كادش والصقور قبل لقاء الشباب    سمو أمير المنطقة الشرقية يكرم الفائزين في مسابقة القرآن الكريم بموسم نادي القادسية الرمضاني    قرار من بيولي قبل ملاقاة الهلال في ديربي الرياض    اعتماد دولي لوحدة المناظير في مدينة الملك سعود الطبية    هيئة النقل ترصد أكثر من 460 شاحنة أجنبية مخالفة    بين تحديات السيادة واستعادة قرار السلم والحرب.. لبنان يرفض استدراجه لحرب جديدة    السيطرة على المواقع الحيوية بداية لفصل المعركة الأخيرة.. الجيش السوداني يستعيد معالم العاصمة ويقترب من الحسم    رئيس الحكومة المغربية يصل إلى المدينة    رئيس وزراء باكستان يؤدي العمرة ويغادر جدة    1169 شكوى للمسافرين في فبراير.. والأمتعة تتصدرها    لتتولى إيصالها إلى مستحقيها في وقتها الشرعي.. منصة «إحسان» تبدأ في استقبال زكاة الفطر رقمياً    ضمن تصفيات كأس العالم 2026.. الأخضر يبدأ تحضيراته للقاء اليابان.. وسعود يغيب    في إياب دور ال 8 من دوري الأمم الأوروبية.. فرنسا وإيطاليا والبرتغال لرد الاعتبار.. وإسبانيا لتجاوز عقبة هولندا    الإطاحة بمروج 15 كليوجراماً من الحشيش المخدر    مبادرة "بسطة خير السعودية" بالشرقية تشهد ١٥ ألف زائر للأركان والفعاليات الترفيهية    استعرضت تجربتها الرائدة للإدارة المتكاملة للموارد المائية.. السعودية تؤكد أهمية التعاون الدولي لمواجهة تحديات المياه    جامعة الملك خالد الأولى وطنياً في "تصنيف التايمز"    مبادرة لإثراء التجربة الدينية لقاصدي المسجد الحرام    "911": لا تصطحبوا الأطفال للمسجد الحرام وقت الذروة    رئيس الحكومة المغربية يصل المدينة المنورة    أخضر تحت 23 يتغلب على الإمارات    هكذا نتأهل لكأس العالم 2026    الإمارات تفوز بثلاث ميداليات ذهبية في معرض سيدني للطوابع والعملات 2025     حملة «جود المناطق 2» تتجاوز 1.4 مليار ريال    ذكرى البيعة.. تلاحم قيادة وشعب    الشهري مشرفًا بإدارة الأمن البيئي بعسير    الذهب ينخفض من أعلى مستوياته القياسية مع تزايد قوة الدولار وعدم خفض "الفائدة"    الأصول الدولية تتجاوز 5.5 ترليونات ريال    مدني المدينة يعزز السلامة الوقائية في رمضان    رمضان موسم التسول الأكبر    الأرصاد الهندية: حرارة مرتفعة ورطوبة متغيرة في نيودلهي    شهداء ومصابون في غارات إسرائيلية على غزة    إسرائيل تعترض صاروخاً أطلق من اليمن    وادي السيلكون في وزارة الدفاع    العيد في السعودية.. فرحة تتجدد وعادات تعكس القيم الإسلامية عالميًا    تعدد المنتجين في «ليالي الشميسي» فوضى تثير التساؤلات.!    دراما تشبهنا    كعب أخيل الأصالة والاستقلال الحضاري 2-2    هل تنجح التحالفات بدون أمريكا    قائد السلام    مفتي ألبانيا: هدية خادم الحرمين أعظم المبادرات الإنسانية في رمضان    المسجد النبوي.. جاهزية مشتركة لأيام العشر    مناشط دعوية وإرشادية في مصليات فنادق "مركزية مكة"    عناق جميل بيعة ودعم وعيد    مستشفى الدكتور سليمان الحبيب بالسويدي يعالج أورام الكبد باستخدام الأشعة التداخلية ودون جراحة    برامج «أرفى» تصل إلى 1.8 مليون مستفيد    مركز التنمية الاجتماعية في جازان يدشن باص العيد جانا    أكشاك مؤقتة لوجبات إفطار الصائمين    الخيمة الثقافية تعزيز للهوية والتواصل المجتمعي    3 تمرات تعادل 15 جراما من الجلوكوز    رئيس الوزراء بجمهورية باكستان الإسلامية يُغادر جدة    مستشفى النعيرية يعزز الصحة في رمضان بحملة "صم بصحة"    سمو ⁧‫ولي العهد‬⁩ يستقبل أصحاب السمو أمراء المناطق بمناسبة اجتماعهم السنوي الثاني والثلاثين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في مواجهة الكوارث النساء يُعدن حياكة نسيج مجتمعاتهن والرجال يعيدون بناء هياكلها
نشر في الحياة يوم 28 - 10 - 2012

فتح التقدّم العلمي أبواباً كبيرة في رصد الكوارث الطبيعية ومساراتها ونتائجها، إضافة الى محاولة التعرّف على أسبابها. ولا يملك الإنسان أن يوقف الحوادث في الطبيعة، لكنه يستطيع الحدّ من آثارها، كي لا تتحوّل إلى كوارث فتّاكة. وهذا يستدعي التفكير مليّاً في خطط التنمية ومدى استدامتها وطُرُق إدراج البُعد الخاص بالحدّ من الكوارث فيها، ومواقع إنشاء المدن، وطُرُق تصميم البنايات وتمديد خطوط الكهرباء والغاز والمياه، إضافة الى وضع نُظُم للإنذار المُبكّر عن الكوارث، وتجميع قواعد بيانات عنها.
حصاد مُرّ للكوارث
هناك أكثر من 226 مليون نسمة يتضررون من جراء الكوارث سنوياً. وتشير الأرقام الصادرة عن «المركز الدولي لبحوث علم أوبئة الكوارث» إلى أن حوادث الطبيعة في 2010، مثل زلازل هايتي وشيلي والصين وفيضانات باكستان وأستراليا وأوروبا وحرائق الغابات في روسيا، حصدت أرواح ما يزيد على 200 ألف شخص. وتدّل أرقام المركز عينه إلى أنه بين عامي 2000 و 2010، لقي 680 ألفاً حتفهم بسبب ضعف الأبنية، واضطراب التخطيط الحضري. فمثلاً، أدى زلزال مدينة «بام» الإيرانية (2003)، إلى وفاة قرابة 30 ألف شخص، وساهم تفتت منازل الطوب التقليدي مترافقاً مع انهيار 85 في المئة منها، في وصول الوفيات الى هذا العدد المرتفع. «قتلت المنازل الناس وليس الزلزال»، وفق كلمات المهندس المدني الإيراني محمد رحيم نجّاد.
ويعتبر الجفاف من أعمق المخاطر الطبيعية أثراً. ومنذ عام 1980، حصد الجفاف أرواح أكثر من 558 ألف شخص، كما سبّب أضراراً لما يزيد على 1.6 مليون شخص معظمهم في أفريقيا. ومن المتوقع أن ترتفع هذه الأرقام بقوة بأثر من التغيّر في المناخ الذي يفاقم موجات الجفاف. ويتأثر قرابة 37 مليون شخص سنوياً بالفيضانات والعواصف وانهيارات الأراضي. وفي الآونة الأخيرة، أشار تقرير مشترك صدر عن «البنك الدولي» والأمم المتحدة إلى أن الأضرار الاقتصادية للكوارث بين عامي 2000 و2010 بلغت قرابة تريليون دولار. وبيّن التقرير أن هذا الرقم ربما وصل إلى 185 بليون دولار سنوياً مع نهاية هذا القرن، من دون احتساب آثار تغيّر المناخ التي قد تضيف إلى هذا الرقم 28 بليون دولار سنوياً.
المرأة في خط المواجهة
اختارت الأمم المتحدة في اجتماعها عام 2009، يوم 13 تشرين الأول (أكتوبر) يوماً عالمياً سنوياً للحدّ من الكوارث. وفي هذه السنة، جرى الاحتفاء بالمرأة تحت عنوان «النساء والفتيات قوة غير مرئية لمجابهة الكوارث». وسلّط الاحتفال الضوء على قدرة النساء في الحدّ من الكوارث، واتخاذ القرار وإدارة الأزمات، وحضّ على تحوّل المرأة من ضحية إلى قوة فاعلة تحمي نفسها ومجتمعها، خصوصاً أن النساء والأطفال هم الأكثر معاناة من الكوارث. وبيّنت تقديرات «الاتحاد الدولي للحفاظ على الطبيعة والموارد الطبيعية» أن معدل تعرض النساء والأطفال للكارثة يزيد 14 ضعفاً عن الرجال.
وفي المناسبة عينها، صدرت دراسة لتقويم نتائج إطار عمل مؤتمر «هوغو» للعام 2011، دلّت النتائج إلى وجود إقصاء للمرأة من برامج التأهّب والاستجابة في حالة الطوارئ، وعدم الاستفادة من إمكاناتها في المجتمعات الفقيرة، وانعدام التواصل بين البرامج الوطنية والمنظمات الأهلية. وتضمنت الدراسة تقويماً لآراء النساء من منظمات مدنية تطوعية. وأوصت بضرورة تمكين النساء والفتيات من المشاركة الكاملة في التنمية المستدامة والحدّ من مخاطر الكوارث عبر الإدارة البيئية للموارد الطبيعية، والحوكمة الرشيدة، والمساهمة في التخطيط الحضري والاجتماعي والاقتصادي، والاستفادة من الخبرة والمعرفة والتجارب التي تتمتع بها النساء والفتيات.
وفي هذا السياق، أوردت هيلين كوكس في كتابها «النساء في أراضي الغابات» أن أدوار الإناث حيوية ولكنها مغمورة، إذ تعيد النساء حياكة نسيج مجتمعاتهن، في حين يقوم الرجال بإعادة بناء هياكلها. ونقلت عن القس دِزموند توتو الحائز جائزة نوبل للسلام عام 1984، قوله: «إذا أردنا تنمية حقيقية في العالم، فاستثمارنا الأمثل هو المرأة. ضربت المرأة أقوى الأمثلة في الاهتمام بقضايا حماية البيئة من التدهور والحدّ من مخاطر الكوارث وإدارة الأزمات».
وفي المناسبة نفسها، أورد مكتب الأمم المتحدة للحدّ من الكوارث نماذج عن نساء أصبحن قدوة في التصدي للكوارث، منهن هايدي ردريغز رئيسة «اتحاد التعاونيات الزراعية النسائية» في نيكاراغوا، الذي يقدّم قروضاً ميسّرة للمُزارِعات. وقالت ردريغز: «إذا وُضِعَت الأرض في أيدي النساء، فلن تعاني البلدان النامية من الجوع أبداً. وعندما تمتلك المرأة سندات ملكية الأراضي، تصبح قادرة على أن تنتج». وتعطي السيناتورة لورين ليغاردا من الفيلبين نموذجاً مشابهاً عبر انخراطها الفعّال في حملات مجابهة الكوارث في بلدها. وحصلت ليغاردا على «جائزة التميّز للقائد الآسيوي» للعام 2011، في سياسات البيئة والتكيّف مع تغيّر المناخ. ووضعت قانوناً للفيليبين بصدد تغيّر المناخ، ودعمت قانوناً آخر عن إدارة مخاطر الكوارث. وثمة نموذج جاء من غواتيمالا. إذ بدأت روس سيرتش وضع خطط محلية للوقاية من الكوارث وإدماج المرأة في التنمية المتكاملة، إضافة إلى مساهمتها في نشر الوعي عن أهمية المزارع الصغيرة، وشجّعت نساء غواتيمالا على زراعة الخضراوات في الشرفات وعلى طاولات صغيرة، كي تستخدم للاستهلاك المنزلي وزيادة مصادر دخل الأسرة. وفي سياق مُشابه يمكن الحديث عن الأوغندية ماريا موتا غامبا، التي تُلقّب ب «سيدة المياه». إذ قادت غامبا حملات قوية على المستوى الشعبي، لإشراك المرأة في صنع القرار في إدارة الموارد المائية، وتحسين سُبُل العيش، خصوصاً في المناطق الريفية. وتتولى غامبا منصب وزيرة المياه والبيئة في أوغندا.
ولأكثر من عقدين من الزمان، ظلّت نيكي غافرون، نائبة عمدة لندن سابقاً، تقود مبادرات تطوير استخدام الأراضي ووضع السياسات البيئية للندن. واختيرت غافرون بين أهم عشرين شخصية عالمياً في المعركة ضد انبعاث غازات الدفيئة المُسبّبة للاحتباس الحراري. ونُقِل عن غافرون قولها: «إن التخفيف من آثار تغيّر المناخ هو أمر أساسي للاقتصاد والقدرة التنافسية وزيادة الإنتاج، وقبل كل شيء نوعية الحياة. نحن في حاجة إلى إدراك أننا أول جيل يمتلك المعرفة المتعلقة بتغيّر المناخ، كما أنه الأخير القادر على فعل شيء حيال ذلك».
أما سيلينا حياة إيفي فهي أول عمدة منتخبة لمدينة نارايانغانغ في بنغلادش. واستطاعت استرجاع90 في المئة من الأراضي من أيدي مغتصبيها من الإقطاعيين. وقادت مبادرات رمت إلى التخلص من التلوث، وتحسين الطُرُق والصرف الصحي والحمامات العامة وتشييد أسواق الطعام، ومشاريع إعادة التأهيل من آثار الفيضانات. وفي قرية صغيرة في بنغلادش تجتاحها الفيضانات سنوياً، ابتكرت ساهينا طريقة لرفع منزلها على ركائز متينة لحمايته من هجمات المياه، وتعلمت كيف تحفظ الأطعمة والمؤن في هذه الظروف القاسية، وأنشأت لجنة معنية بالمرأة استطاعت انقاذ كثير من الأرواح. وقالت ساهينا: «أنا سعيدة لأنني تعلمت كيف أتعايش مع الفيضانات، وإنقاذ عائلتي وممتلكاتي وماشيتي. إن أطفالي محظوظون جداً لأن لديهم أُمّاً تعلمهم كيف يتمكنون من البقاء على قيد الحياة بعد وقوع الكارثة».
وعلى نحو مُشابه، قادت إديرلي رينوس غربير عمل منظمات دعم حقوق المرأة في هايتي. وقادت غربير حملات الاتحاد الوطني للنساء الفلاحات ودورهن في تحقيق الأمن الغذائي في بلادها.
النماذج السابقة تبرهن على قوة النساء والفتيات وقدرتهن على إحداث الفارق، وأنهن رقم صحيح في معادلة صعبة قوامها مواجهة الكوارث والحدّ من آثارها ومخاطرها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.