تصاعد التوتر في قطاع غزة امس بعد استشهاد أربعة ناشطين فلسطينيين في غارات جوية إسرائيلية، فيما أطلق مسلحون فلسطينيون أكثر من 70 صاروخاً على جنوب إسرائيل ما أدى إلى إصابة شخصين بجروح خطيرة. ويعد هذا أخطر تصعيد للعنف عبر الحدود منذ حزيران (يونيو) ما دفع إسرائيل والمسلحين في غزة إلى التوعد بالرد على الهجمات. وبدأ التصعيد مساء الثلثاء بعد ساعات على مغادرة أميز قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني القطاع بعد زيارة «تاريخية» هي الأولى لرئيس دولة منذ أن سيطرت حركة «حماس» على القطاع في 2007. وشنت إسرائيل على الفور غارتين جويتين فوق شمال غزة، ما أدى إلى استشهاد مسلحين من «كتائب القسام» الجناح العسكري ل «حماس» وإصابة سبعة وفق مصادر طبية، ما دفع المسلحين إلى الرد بإطلاق الصواريخ. وأعلن مصدر طبي فلسطيني وفاة مسلح فلسطيني آخر أصيب بجروح خطيرة في إحدى الغارات الجوية الإسرائيلية المسائية. وأظهرت آخر أرقام الجيش الإسرائيلي أن 72 صاروخاً وقذيفة هاون سقطت على الأراضي الإسرائيلية منذ منتصف ليل الثلثاء، ما أدى إلى إصابة ستة أشخاص، اثنان منهما إصابتهما خطيرة. وأكدت الشرطة الإسرائيلية أن مواطنين تايلنديين يعملان في الحقول القريبة من الحدود مع غزة «أصيبا بجروح خطيرة إلى حرجة»، فيما أصيب ثالث بجروح طفيفة. أما باقي المصابين، فهم جميعاً إسرائيليون. وذكر الجيش كذلك أن نظام القبة الصاروخية الإسرائيلي المضاد للصواريخ تمكن من إسقاط ثمانية صواريخ أطلقت باتجاه مدينة عسقلان جنوب إسرائيل. وأعلن مسلحون من «حماس» ولجان المقاومة الشعبية مسؤوليتهم عن الهجمات الصاروخية، إلا انهم لم يكشفوا عن عدد الصواريخ التي أطلقوها. وبسبب العنف ألغى وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك محادثات مع وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي كاثرين آشتون وذلك كي يقوم بجولة على الحدود مع غزة، بحسب ما اعلن مكتبه. كما زار رئيس هيئة الأركان الإسرائيلي الجنرال بيني غانتز المنطقة، بحسب بيان للجيش أفاد بأن الجنرال «أجري تقويماً للعمليات باتجاه استمرار الرد العسكري نظراً للتصعيد في جنوب» البلاد. وفي تصريح للإذاعة العامة الإسرائيلية قال نائب وزير الخارجية داني أيالون إن إسرائيل «يجب أن تقوي ردعها ضد حماس من خلال مهاجمة قادة هذه المنظمة الإرهابية أو زعزعة حكمها في قطاع غزة». إلا أن المتحدث باسم الجيش الجنرال يواف موردخاي قال للإذاعة إن «الإطاحة بحماس ستتطلب عملية طويلة لها تداعيات متعددة خاصة تداعيات سياسية». ولفت إلى أن «هذا الخيار غير موجود، ولكنني أعتقد أننا وصلنا إلى مرحلة أصبحنا نتحدث فيها عن هذا الخيار». وفي قطاع غزة، حذرت «حماس» في بيان من أنها «لن تسمح لجرائم العدو أن تمر من دون أن يدفع الثمن وان يتجرع من الكأس المرة ذاتها التي يحاول أن يسقيها لأطفالنا». ودان فوزي برهوم الناطق باسم حماس «التصعيد في العدوان الصهيوني»، مشدداً على أن «المقاومة وكتائب القسام لن تتهاون في قطرة دم»، وحمّل «الاحتلال مسؤولية كل قطرة دم في هذا التصعيد والعدوان». وتوعد المتحدث باسم لجان المقاومة الشعبية أبو مجاهد، بأن «أبطال المقاومة في الميدان يلقنون العدو الصهيوني درساً مؤلماً»، وأضاف أن «مقاومتنا لن تصمت على أي جريمة. ومواصلة إجرامه بحق شعبنا سيقابل بالرد الكافي والرادع، والمقاومة تعرف ما يؤلم العدو». وأفاد بيان ل «ألوية الناصر صلاح الدين» الجناح العسكري للجان المقاومة الشعبية ب «استشهاد محمد الشيخ ( 23 عاماً) وإصابة آخر» من نشطاء الألوية في غارة نفذتها طائرة استطلاع إسرائيلية. وذكرت «كتائب القسام» أن أحد ناشطيها «يوسف أبو جلهوم (28 عاماً) استشهد (الأربعاء) متأثراً بجروح أصيب بها في غارة صهيونية الليلة (قبل) الماضية» في بيت لاهيا. وأشارت القسام إلى أن الشهيدين الآخرين هما «إسماعيل فتحي التلي (28 عاماً) ولؤي عبد الحكيم أبو جراد (24 عاماً) استشهدا في غارتين» ليل الثلثاء على بيت لاهيا ومحيطها.= وبهذا يرتفع إلى أربعة عدد المسلحين الفلسطينيين الذين استشهدوا خلال 12 ساعة. وصباح الأربعاء أطلقت مقاتلة إسرائيلية من نوع «أف 16» صاروخاً على بستان زراعي في منطقة الزيتون شرق مدينة غزة من دون أن يبلغ عن وقوع إصابات. كما نجت مجموعة من المقاتلين الفلسطينيين صباحاً من غارة جوية أخرى استهدفتهم بينما كانوا يطلقون صاروخاً في اتجاه المناطق الإسرائيلية من منطقة السودانية في شمال قطاع غزة، وفق مصدر أمني محلي. وأطلقت المدفعية الإسرائيلية عدة قذائف على البلدات شرق خان يونس في جنوب القطاع وعلى بلدة بيت حانون شمال القطاع، ما أوقع أضراراً في عدد من المنازل من دون إصابات. وأخلت وزارة التربية والتعليم في غزة المدارس الحدودية شرق قطاع غزة كافة «بسبب التصعيد الإسرائيلي المتواصل»، وفق بيان من الوزارة. وندد كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات بالعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة. وحمل في تصريح لوكالة «معاً» الحكومة الإسرائيلية «المسؤولية الكاملة عن الضرر الذي يلحق بشعبنا المحاصر». ودعا عريقات المجتمع الدولي إلى «تحمل مسؤولياته تجاه حياة شعبنا في غزة»، وطالبه ب «منع وقوع مذبحة جديدة ضد شعبنا» في القطاع.