اليوم.. يوم وقفة عرفات، اليوم الذي يباهي الله بكم ملائكته، يوم العرفان ويوم الجميل، ويوم العرفان بأن الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم قد بلّغ الأمانة وأدى الرسالة وجاهد في الله حق جهاده. اليوم ستكتسي مكة بالبياض ولِمَ لا وضيوف الرحمن الذين جاؤوا من كل حدب وصوب عابرين القارات والمدن والمطارات والبحار ليشهدوا هذا اليوم الفضيل، وهم يحلمون ويأملون بأن يردهم الله إلى ديارهم بعدما أدوا الفريضة سالمين غانمين مغفوراً لهم أنقياء كيوم ولدتهم أمهاتهم. كل عام والأمة الإسلامية والعربية بألف خير، كل عام ونحن نحلم بأن نبدأ سنة جديدة من حياتنا بصحة وسعادة ورضا وراحة بال، كل عام ونحن نفرح بتدفق الكثير من حجاج بيت الله الحرام على ديارنا، وعلينا أن نسعد بأننا بإذن الله سنكرم وفادتهم، فهذا عهدنا مع ضيوفنا الأعزاء، ولاسيما وهم قبل أن يكونوا ضيوفنا هم ضيوف الرحمن رب العالمين. الكثير منا لم يكتب له هذا العام حج بيت الله الحرام، والكثير منا متألم لأنه لم يشهد أياماً فضيلة كهذه الأيام المباركة بين هذا الجمع الطاهر. ولديّ يقين بأننا إن أسهمنا في خدمة ضيوف الرحمن وأسهمنا في مساعدتهم وخدمتهم مسؤولين أو متطوعين، سيكون لنا من الأجر الكثير. أسعدني ويسعدني دائماً أن أسمع وأرى وأعرف أن كثيراً من أبنائنا وبناتنا ونسائنا ورجالنا من تطوّع وربط نفسه لخدمة الحجيج في هذه الأيام المباركة الطيبة، وأعلم أن الكثير يرغب أيضاً في الانضمام ربما منعته ظروف العمل أو المرض أو رعاية أسرته أو والديه وغيرها، يكفي أن نتمنى أن نخدم بكل ما أوتينا من قوة، يكفي أن نكون في أماكننا متى احتاجنا وطننا سنكون على أهبة الاستعداد لتقديم كل ما يحتاجه الأمر. كثير من الأشخاص وضعوا أنفسهم رهن الحاجة وكتبوا عناوينهم وأرقام هواتفهم وفصيلة دمهم ليكونوا تحت الطلب إذا ما تطلب الأمر. دعائي إلى الله أن يهب كل شخص بحسب نيته وبحسب دوافعه الطيبة، ويثيبه خير الجزاء على شعوره الجميل بالمسؤولية، ودعائي إلى الله الكريم أن يعطي كل شخص مبتغاه، فهو الكريم الحليم الذي يخجل إذا ما رفع العبد إليه يديه أن يردهما صفراً، دعائي إلى الله أن يعود الحجيج إلى أوطانهم وهم يتحدثون عن ذكرى جميلة وبداية رائعة لسنة جديدة ستهلّ علينا بعد أيام قلائل. وغداً الجمعة أول أيام العيد أعاده الله على الجميع بالخير واليمن والبركات، جعلها الله سنة خير ورخاء وأمان على الأمة العربية والإسلامية بل على الإنسانية جمعاء. ردّ الله كل غائب إلى أحضان أهله، وشفى الله كل مريض، ورحم الله كل ميت، ورزق الله الأحياء الرضا والحب والسعادة والعطاء، وجعل الله بلادنا حضناً كبيراً لكل المسلمين... عيدكم مبارك. [email protected] @s_almashhady