بعد أن كانت الأسر السعودية أكثر حرصاً على المصلحة العامة بالإبلاغ عن العاملات المنزليات الهاربات، إلا أنها أصبحت أخيراً، أكثر إيواء وأماناً لهن، إضافة إلى تقديم مزايا مغرية لإبقائهن معها لمساعدتها. وأرجع البعض سبب هذا التحول إلى عدم استجابة جهات الاختصاص للبلاغات المقدمة من الكفيل حيال هرب خادمته، رغم حرص أرباب الأسر على أن تكون العاملة نظامية، ما يدفعهم إلى الاستعانه باستئجار العمالة المنزلة بنظام الساعة. التقت «الحياة» بزعيم العاملات المنزليات «محبوب» (بنغلاديشي الجنسية)، والذي يقوم بتأجير العاملات الهاربات بعد احتوائهن، إذ قال: «إنني أعمل بإقامة نظامية، وأقوم بالاتفاق مع العاملات الهاربات من كفلائهن بالتعاون مع أبناء جلدتهن من الجنسية الشرق آسيوية نفسها، وبحكم أنني أعمل سائقاً وأقوم بإيصال السيدات إلى منازلهن الفاخرة التي لا يستطعن العمل بها دائماً ويحتجن إلى مساعدة، يتم تأجير العاملات بالساعة بواقع 25 ريالاً للساعة، واتقاضى المبلغ وأقسمه عليهن نهاية الشهر». وأضاف: «كان لدينا 40 عاملة هاربة ويعملن لمصالح منازل سعوديين آخرين منهم من يقدم عرضاً مغرياً يصل إلى 2500 ريال في الشهر بدلاً من 1500 ريال لدى مكفولها، ومقابل كل ذلك لي ولرفاقي نسبة من تشغيلها». من جهته، أكد سائق مركبة الأجرة عبدالله الحربي ل «الحياة» أنه يقوم بتوصيل العديد من العاملات الهاربات اللائي يقطن في أحياء محددة في وسط جدة، موضحاً أنه مع الحديث الدائم معهن يتضح أنهن يتبعن لعصابات تتقاسم المنطقة وتتفق على أسعار الإيجار بالساعة واليوم والشهر. وزاد: «أشعر دائماً بالندم على نقلهن لأنني لا أجزم أنهن هاربات، ومع قصص الهرب اليومية التي أسمعها من الأصدقاء أتيقن أنني أقوم بعملية تهريب من دون قصد»، فيما تمنى سائق مركبة الأجرة صلاح عبدالهادي أن يتم ربط مركبات الأجرة بأجهزة بلاغ عمن يشتبه فيهم ويتم ذلك بين السائق والجهة المختصة. بدوره، أوضح اختصاصي علم الاجتماع ماجد الحمدان ل «الحياة» أن مشكلة هرب العاملات تخضع لأسباب عدة، منها التقليد والرغبة في الاستقلال وفقدان تحكم الكفيل والحصول على راتب أعلى، مبيناً أن أحد الأسباب الأخرى هو بحث العاملة عن أسرة صغيرة من دون تكبد عناء العمل. وأكد أن مشكلة سلوك الأسرة في التعامل مع الخادمة هي أحد الأسباب لهذا الهرب، كما أن الطريقة التي تجدها العاملة للهرب تكمن في سبب استيطان غالب عصابات التهريب في المناطق الفقيرة جداً من المنطقة، وهي بيوت عشوائية من دون صكوك وتقل فيها الرقابة الأمنية نتيجة طبيعة المنطقة. ويرى أن الحل يجب أن يكون أمنياً وإدارياً يتعلق بمؤسسات الشرطة والجوازات والأمن العام، وخصوصاً أن هناك وسائل لتهريب الأموال من خلال تلك العصابات التي تستوطن في الأحياء الفقيرة، إذ إن العاملات الهاربات يعجزن عن تحويل الأموال بالطرق المشروعة.