« مكة ماشي... يا حاج» تكاد تكون تلك العبارة بمثابة النداء الأخير قبل انطلاق رحلات ال «الكدادة» من موقف «باب مكة» بمحافظة جدة إلى المشاعر المقدسة في مكة، وعلى رغم كثرة أعداد مركبات نقل الحجاج والتي تجاوز عددها أكثر من 150 مركبة إلا أن أسعار نقل الحجاج وعموم الركاب من جدة إلى مكة تضاعفت قرابة 20 ضعفاً تقريباً منذ عصر أمس مستغلين غياب الجهات الرقابية عن الموقف بشكل غير مسبوق. وتوافد الكثير من الحجاج على مكةالمكرمة في يوم التروية بالمركبات النظامية التي يقودها شبان سعوديون يعرفون ب «الكدادة» وهو المسمى الشعبي لهم، البعض منهم عاطل عن العمل وآخرون من الموظفين الحكوميين، كما تواجدت إلى جانب سيارات الأجرة العشرات من المركبات غير النظامية، أو ما تعرف بسيارات «الخصوصي»، إذ وصلت أجرة نقل الحاج الواحد إلى 200 ريال في حين كانت لا تتجاوز ال10ريالات في الأيام العادية. ووقفت «الحياة» ميدانياً على الارتفاع المتزايد في الأسعار خلال جولتها في موقف «باب مكة» الشهير جنوبي جدة أمس، والذي شهد توافد الآلاف من الحجاج منذ الصباح الباكر، ويتوقع أن يستمر توافد الحجاج بكثافة حتى ساعة متأخرة من الليل، وامتلأت سيارات التاكسي النظامية واضطر البقية إلى الاعتماد على سيارات الخصوصي رغم ارتفاع أسعارها. ويؤكد سعود شويش (29 عاماً) أنه يقتصر فقط على نقل الركاب الذين يحملون تصاريح حج نظامية بمبلغ يصل إلى 200 ريال للشخص الواحد لأن الطلب زاد بشكل كبير عن العرض وهناك العديد من الحجاج الذين يضطرون للبقاء ساعات للحصول على تاكسي نظامي فيضطرون إلى الانتقال إلينا مقابل هذا السعر والذي يعتبر مناسباً في مثل هذا التوقيت ومع كثرة المخالفات المرورية المسجلة خصوصاً مخالفات السرعة (ساهر). وعن مدى التزامهم بتعليمات نقل الحجاج الذين لا يحملون تصاريح حج نظامية، أكد الشمري أنه يشترط عليهم دفع مبالغ كبيرة تصل إلى 500 ريال للشخص الواحد في محاولة لتعجيزهم والتعبير عن رفض نقلهم إلى مكة لكن بطريقة غير مباشرة. بينما يشير مطرف عمران (45 عاماً)، وهو موظف متقاعد، ومتفرغ حاليا بنقل الحجاج إلى أن الكثير من الشبان في الموقف ليس لديهم أعمال رسمية ويلجأون لهذه المهنة مكرهين بعد أن أوصدت في وجوههم أبواب العمل كافة. وقال الحاج القادم من طريف فهد الصالحي، وهو أحد الراغبين في الحج : «منذ ساعتين وأنا أبحث عن من يقوم بنقلنا إلى مكة بمبلغ معقول ولكنني لم أجد أحداً حتى الآن»، ويضيف: «ان تصل أجرة النقل أكثر من 200 ريال بعد ان كانت لا تتجاوز 10 ريالات فإنه أمر مبالغ فيه جداً ولا يمكن وصفه سوى بالاستغلال البشع وغير المقبول». بينما يعترف سائق الأجرة صالح المطيري (32 عاماً) أن غياب التنظيم وعدم وجود رقابة من الجهات ذات الاختصاص تسبب في حالة فوضى عارمة بالموقف، ودفعت عشرات سائقي الخصوصي لمنافستهم والتسابق في نقل الحجاج غير النظاميين بحثاً عن كسب المال من دون مراعاة للتعليمات التي تجرم نقلهم، ودون حتى الالتزام بأبسط أنظمة المرور، متوقعاً أن تتضاعف الأسعار في الساعات القليلة المقبلة، بواقع 400 ريال للفرد الواحد. ويرى الحاج الفلسطيني مصطفى مطر أنه يوجد من الحجاج من يساعد سائقي الأجرة والخصوصي بطريقة غير مباشرة على الاستمرار في رفع الأسعار بشكل جنوني من خلال قبولهم للأسعار المرتفعة وغير المبررة، لافتاً إلى أن غياب الرقابة فتحت الباب أمام سائقي الأجرة والخصوصي لنقل الحجاج المخالفين والذين يقبلون بدفع مبالغ مرتفعة وهو ما أدى إلى استمرار تزايد الأسعار. وكشف سائق خصوصي احمد الحارثي (26 عاماً) من منطقة مكةالمكرمة أن دخله المادي خلال اليومين الماضيين تجاوز الثلاثة آلاف ريال، متمنياً أن تشهد الساعات القادمة تدفق المزيد من الحجاج ليتسنى له تحقيق أكبر قدر من الأرباح بهدف سداد قيمة المخالفات المرورية المسجلة عليه والتي تتجاوز ال ستة آلاف ريال. وأشار إلى أنه ينقل الحجاج والركاب إلى مكة مقابل 200 ريال للفرد الواحد، مضيفاً «الأسعار حالياً في تزايد مستمر، وأتوقع أن تتجاوز أجرة النقل لمكة 300 ريال خلال الفترة المسائية».