كشف متخصصون أن الجماعات الجهادية ليس لها تاريخ سياسي في فرض الجزية على المدن والبلدات التي سيطرت عليها في السابق، مؤكدين أن الخوض في تلك المسائل يوهم الجمهور وتلك الجماعات بامتلاكها مزيداً من المساحة الشرعية، في حين أنها مجرد عصابة لا تعترف بالقانون. وأوضح عضو مجلس الشورى الدكتور عبدالله العسكر ل«الحياة» أنه «لا يوجد تاريخ سياسي للجزية التي تفرضها الجماعات الجهادية على المناطق التي تستولي عليها، فمثلاً حركة طالبان في أفغانستان كانت المناطق التي تسيطر عليها مسلمة 100 في المئة، وفي الشيشان لم تكن الحرب دينية». وأشار إلى أن «داعش» التي تبنّت حرباً دينية وخطاً متشدداً، هي «أول تجربة من نوعها في التاريخ الحديث بسيطرتها على بلدات مسيحية، وتفرض عليهم القوانين الإسلامية، إلا أن ذلك لا يعني تطبيق دين بقدر ما هو سياسة ترهيب». واعتبر الرسالة من إظهار فرض الجزية «دغدغة الرأي العام السياسي المغيب، إذ لا تنطلي على المسلمين المتفتحين القارئين، بل على البسطاء من الشعوب الإسلامية التي تسمع بالجزية والسبايا، فتطرب لذاكرة القرون الإسلامية الأولى»، موضحاً أن «العيش في عصر الاتفاقات الدولية عطل كثيراً مما ذكر في القرآن بسبب تطور الأمم وتقاربها، وتبنيها سياسات عامة وقوانين دولية، بينما الجماعات الإرهابية وقفت موقف العداء من كل القوانين الدولية التي تحمي حقوق الإنسان». واستبعد مدير هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في منطقة مكةالمكرمة سابقاً الدكتور أحمد الغامدي أن تكون جماعة مثل «داعش» ذات صدقية تؤهلها للتحدث باسم الشريعة تطبيقاً أو قولاً. وقال: «لا يمكن اعتبارها دولة لها سلطان وراية، بل عصابة مجرمة تتستر باسم الإسلام وتفعل الأفعال من القتل والسبي تحت مصطلحات دينية، وعلى أساس أنها خلافة إسلامية وهي ليست بذلك»، مشيراً إلى أن ما يقومون به «ليس جزية، بل بغي وظلم وعدوان، وهم مجموعة عصابة مجرمة تزعم أن من تقتله كافر، وأنها تتقرب بالقتل إلى الله، وتسمي السبي غنيمة، وتفرض الجزية على من تسميهم كفاراً من دون النظر إلى حقيقة ما هم عليه من كونهم معاهدين أو مستأمنين، أو ما إلى ذلك». وأفاد أن «انتقال الخلاف من كونهم عصابة إلى خلاف حول الجزية والسبي يعطيهم مكانة لا يستحقونها من الشرعية، فالخلافة راشدة وبها عدل ورحمة وليست على مثل هذا النحو من الإفساد في الأرض والقتل وتشويه الدين»، ملمحاً إلى أنهم يبحثون عن المبررات الشرعية لأفعالهم لإرضاء الرأي العام في العالم الإسلامي الذي لا يعرف حقيقة هذه العصابة الخارجة الباغية، التي هي أسوا حالاً من الخوارج باستباحة الدماء والأعراض بحجة السبي، والأموال بحجة الجزية إجبارياً. وتواصلت «الحياة» مع عدد من القانونيين الذي رفضوا التعليق والمشاركة بحجة أن تلك الجماعة لا تعترف بمصطلح القانون أصلاً، فضلاً عن أنهم مجرد عصابات تبث الرعب في كل مكان توجد فيه.