ليس فقط لأنها المرأة الأجمل، بل أيضاً لأنها الأمهر في تقطيع البصل والأقل ذرفاً للدموع، يتم انتخابها ملكة جمال البصل، لتشارك في تقطيع كعكة البصل، في اليوم الأول من أيام مهرجان مخصص للبصل والثوم يُقام سنوياً في مدينة فيمار في ألمانيا. تصطف الجموع منتظرة ملكة البصل، قادمة برفقة محافظ المدينة لتعلن افتتاح المهرجان، بتقطيع كعكة لذيذة قوامها البصل، تقسّم وتباع إلى الجمهور. تعود فكرة المهرجان، إلى عام 1653، حينها لم يكن مهرجاناً ضخماً على هذا النحو، بل كان يقتصر على الفلاحين الذين ينقلون محاصيلهم الزراعية من القرى المجاورة إلى مدينة فيمار، ويصلون في تمام الساعة السادسة صباحاً، ليفترشوا الأرصفة والشوارع وتبدأ عملية التسويق. في ذلك الزمن كان الناس يشترون البصل والثوم لتخزينهما لفصل الشتاء البارد، ويُستفاد منهما إلى جانب الطبخ في معالجة الكثير من الأمراض، بخاصة نزلات البرد الشديدة. كان السوق قادراً على تغطية حاجة ألمانيا الوسطى تقريباً، ويسجل له أن غوتيه شاعر المانيا العظيم، كان من روّاده، وتقول بعض المصادر أنه كان ملتزماً حضوره سنوياً، حيث كان يقوم بتزيين بيته في المناسبة بديكوارت عمادها البصل، وكثيراً ما كتب عن فوائد البصل. يقدّم المهرجان ملخصاً في اقتصاد ألمانيا وفكرة مهمة عن أحد أسرار نجاحه، والمهرجان الحديث لم يلغِ القديم، بل ساهم في تطويره، وهي أحدى القواعد المعمول بها في كثير من القطاعات الاقتصادية في المانيا، حيث تكثر الشركات والمعامل الصغيرة والمتوسطة. وإن كانت الكبيرة منها تلعب الجزء الأهم في تدوير عجلة الاقتصاد، يأتي المهرجان ل «يذكّر» المُدنية بأنه ليس بإمكانها أن تلغي أهمية الريف ومنتوجاته، حيث لا تزال البضائع القادمة من الأرياف تحتل المكانة الأولى، على رغم أنها في كثير من الأحيان الأعلى سعراً، فمجرد أن المنتَج قادم مباشرة من المزرعة، يعتبر أساساً سحرياً للكثيرين حيث تبدأ عملية التفكير بشرائه، فمنتج المزارع «لم تلوثه تقنيات المبيدات والبيوت البلاستيكية، وقادم بتلويحات الشمس وعناية الفلاح». تحوّل سوق البصل من مجرد عرض بسيط للبصل والثوم إلى طقس احتفالي، يأتيه الناس من كل أطراف ألمانيا، وبلغ عدد زائري المهرجان الذي امتد لثلاثة أيام، نحو 300 ألف زائر هذا العام. ورافقت الموسيقى الحية عملية التسوق، فصدحت على طول السوق وعرضه، من فرق موسيقية وجدت في المهرجان فرصة لتقدم نفسها. وتمكّن القيّمون على المهرجان من إضفاء روح المرح والعصرية عليه. من موسيقى الجاز إلى الموسيقى الكلاسيكية، وعلى هامشها فرق خاصة لعروض الأطفال تضيف على الوقت مرحاً، ليتحوّل المهرجان إلى مصدر حراك للسوق، تباع فيه أطنان البصل تُلَف على شكل ضفيرة متماسكة مع باقة من الأزهار المجففة التي تعلوها أو تتخللها. ولا يقتصر البيع على البصل والثوم وحدهما، وإن كانا البطلان الرئيسيان، بل يتعداهما إلى الخضر الطازجة القادمة من المزارع، والأكسسورات الخريفية للمنازل، وفي أغلبها باقات زهور مجفّفة، يعمل الفلاحون على زرعها وقطفها وتجفيفها بعناية ليتم بيعها في المهرجان.