ربما انعكست موازين القوى في العالم، وأصبحت الدول العظمى ليست كما تدعي، أو على أقل تقدير، لم تصبح دول عظمى على إيران التي ما فتئت تستعرض عضلاتها على دول المنطقة، وربما أيضاً على العالم أجمع، كما تزعم تلك الدول العظمى، التي لم تستطع حتى الآن إيقاف إيران عن تصرفاتها وتدخلاتها في دول الجوار، ناهيك عن عجزها أيضاً عن وضع حدٍ لمهزلة إيران في مشروعها النووي، وعلى حلمها في امتلاك القنبلة النووية. إيران التي احتلت العراق بعد الانسحاب الأميركي منها، قامت بنشر أذنابها وفصائلها المسلحة في كل العراق، ونشرت فصائلها من «فيلق القدس» التابع للحرس الثوري الإيراني في كل أنحائه، ما عدا الشمال الكردي، وتقوم بكل أعمال التخريب والترهيب، حتى أنها استطاعت أن تحتل الوزارات الأمنية في العراق، وبسطت نفوذها حتى في داخل القضاء العراقي، وتوجت أعمالها في احتلال العراق بالحكم على نائب رئيس الجمهورية العراقية طارق الهاشمي بالإعدام! لم يُحرك العالم الحر ساكناً، ولا حتى تلك الدول العظمى سوى بالتصريح والمؤتمرات الإعلامية فقط... إيران تُسلح والعالم يُصرح! أما في لبنان فحدث ولا حرج، فعندما تصل الأمور إلى أن يعترف قائد الحرس الثوري الإيراني شخصياً بوجود ضباط وعناصر من فيلق «القدس» في كل من لبنان وسورية، أليس هذا احتلالاً وانتهاكاً لسيادة الدول؟ وعندما يكون رئيس الحكومة اللبنانية يجهل هذا الأمر ولا يعلم شيئاً عن وجود ضباط من الحرس الثوري الإيراني في لبنان، ويطلب من السفير الإيراني توضيحات على تلك المعلومات التي صرح بها قائد الحرس الثوري الإيراني، عندها ماذا نقول غير أن إيران تُسلح ولبنان تُصرح! وفي سورية، التي انتفض شعبها طلباً للكرامة والحرية في وجه حزب البعث، الذي حطم كل الأرقام بارتكاب المجازر في حق الشعب السوري، فإيران لم تخجل من الاعتراف بأنها تدعم النظام السوري في قتل شعبه، بل واعترفت أيضاً أن ضباطاً من فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني موجودون في سورية ويشاركون في قتل الشعب السوري، وأيضاً لم تتوقف رحلات الطائرات الإيرانية المحملة بالأسلحة والمتجهة إلى سورية عن طريق العراق بشكل يومي. ربما أخيراً اكتشفنا حقيقة عشرات العسكريين الإيرانيين الذين أسرهم الجيش الحر، وأنهم لم يأتوا إلى سورية من أجل الحج، كما أدعت إيران في بادئ الأمر. ماذا نقول عن كل هذه التدخلات الإيرانية في الدول العربية غير أنها تسلح وتقتل؟ وماذا نقول عن كل دول العالم التي لم تفعل أي شيء لإيقاف إيران عند حدها غير التصريح؟ في الختام: عندما يقول رئيس الأركان الإيراني أن حرب سورية هي حرب إيران، سنقول نحن أن إيران تُسلح وتُحارب والعالم يُصرح فقط. كاتب متخصص في الشأن الإيراني [email protected]